مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

انور ابو الخير يكتب: مشاعرنا رفيقة الجنة الضائعة

9

 

قد يهمك ايضاً:

خواطر ضابط بجهة سيادية – الحلقة الأولى

انور ابو الخير يكتب : فن التمثيل

إن مشاعرنا رفيقة أنفاسنا لا تخلو دقيقة من يومنا من دون ترددها بين حنايانا حتى وإن لم يستثرها موقف عابر فالمشاعر المتوارية في الذاكرة قد تحضر في أي وقت والمشاعر التي تربطنا بمن وما حولنا حاضرة طوال الوقت إلا أننا لا نتابعها كما لا نتابع الهواء الذي نستنشقه ونزفره في عملية حسية دقيقة لا نلقي لها بالاً ولكننا نعلم أنها حين تتوقف تكون الحياة قد انتهت غريب أمرها هذه المشاعر نملكها ولا نملكها نصنعها ونتهرب منها نبعثرها أمام أصوات المطربين ونظن بها على أرواحنا ومن يستحقونها منا يالها من عملية نفسية شائكة كلما فكرت فيها أكثر احتجت للغوص في مكامنها بحثاً عن معرفة أقوى بها لأنها حقيقة نعيشها وتعيش فينا بل إنها تترك آثار مرورها على أجسادنا بشكل فعلي بمرض أو شفاء بل وحتى بالموت وهذا ما أثبتته تجربة السجين الذي أوهم بأنه خاضع لتنفيذ حكم الإعدام وفق إجراء معين تم ترتيبه لإيهامه بأن سينزف الدم من جرح ما في جسده حتى الموت فاستجابت مشاعره للوهم وفكرة الموت فمات دون أن ينزف قطرة دم فالحب هو الجنة الضائعة في جوهره نعيم الطبيعة البشرية و موهبة من الله عز وجل و لكنه ضد التركيبة الثقافية و أشدد على التركيبة الثقافية فالذي يتعامل مع الحب يتعامل مع موهبة و ملَكة و ليس صنعة
وحرفة والحب خارق في مضمونه رغم إيماننا العميق بأنه مشاعر مغتصبة من مخيلة الكون لا أحد يستطيع أن يغير من قدسية هوى القلب و لكنه من المتفق عليه أن يفترق الأحبة و الأيام كفيلة بذلك
إن من خصوصية العاشق الخروج عن زمن البشرية فليست اللحظة هي تلك اللحظة التي كان يعيشها قبل الحب وبعده ويكفي أن ترى من تحب أجمل مافي الكون وبهذا تكون قد حصلت على الأسمى
فالمعنى يتطلب حالة هيجان شديدة في المشاعر و نهم في الأخذ و ولادات جديدة لكل إيماءة وهمسة وما أن يفتر الحب حتى تتبلد الروح وتسقط النفس من برجها العاجي و تذبل
و السؤال الساذج الذي يطرح نفسه وربما يروق لبعض الدارسين في علوم النفس أو العاطلين عن الحب بتهمة التبلد الحسي
وهو ماذا لو كان الحب مجرد فكرة مسيطرة على عقل الإنسان و قلبه؟
و ماذا لو كان هناك من يستطيع التحكم بهما ؟
وكل ما أملكه هو تعليق مقتضب على صيغة سؤال بقولي ( أهو إنسان فعلا ) أشك في ذلك
للحب قيم أدبية مشروط بها وهو في نظري ذروة الجمال وشهية الحياة وإذ كنت لا تملك شيئا من حطام الدنيا فأنت غني بهذا الحب و إن كنت تملك صولجان الملك و بلا حب فأنت تعس بقدر ما تدفن وحيدا في يوم ما عليك تجربة الحب فيما لو كانت لديك الجرأة و الملكة والموهبة
الكثير منا ليس له شريك في عاطفته
ولكنه يعيش على فتات هذا الأمل
إما قصة انتهت وإما قصة يعتقد بأنها ستبدأ في يوم ما و لكن الشائع في الأمر بأن الجميع يعتقد بأنه محب رغم أن الإثارة الجنسية و الجمالية وحدهما لا تكفيان فهما سرعان ما تنطفئا إن خلتا من مسحوق الحب السحري أما الذين يكفرون بالحب فهم بين محبط و بين متبلد حس لا ثالث لهما

التعليقات مغلقة.