مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

احذروا ذنوب الخلوات… فإنها المهلكات

87

من الجميل  أن ترى الرجل وقد ظهرت عليه علامات التقوى والورع، وذهب إلى المسجد وحضر حلقات الذكر، وجالس العلماء والوعاظ وصحبهم.. ولكن حذار أن يكون ذلك ظاهر أمره وباطنه سيء.. وإنه لأشد أنواع الجهاد مجاهدة النفس والشيطان والهوى في السر وفي الخلوات..

نعم فإن ذنوب الخلوات هن المهلكات ، فهنيئا لمن كان باطنه وسره أفضل وأحسن وأزكى وأطهر من  ظاهره ، وخلواته أصدق مع الله تعالى من علانيته ….

فكثير من الناس مع بداية التزامه بطريق الحق، واقترابه من حب سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، وحبه لآل بيت النبي واتباعه طريق الحب والصفاء والود، يكون في صحبة الناس على خير، بمعنى أنه طالما موجود مع الناس فهو في ذكر وفي قرب من الله…

وصحبة الأخيار والمحبين خير لا ريب فيه، وعون للإنسان على نفسه وعلى الشيطان وعلى الهوى، فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين، والمرؤ على دين خليله، ومثل الجليس الصالح كحامل المسك ….ولكن إذا عاد الإنسان الضعيف لخلوته وكان وحده سرعان ما تهزمه أعداؤه خاصة في بداية الطريق..

وفي هذا الزمان صعب أن يحقق فيه إنسان درجات الولاية لكثرة ذنوبه ومعاصيه بسبب النت والموبايل والكمبيوتر ، وتوافر المعصية المغرية، داء العصر ودواؤه في نفس الوقت ، ولذلك أنصح كل شاب ومريد وكل رجل وإمرأة ، كل محب، إن كان النت والموبايل والكمبيوتر مصدر للذنوب في الخلوات، فاتركهم فورا..وانجو  إلى الله البر الرحيم فورا ..وأعلم أنك لن تقوى ولن تستطيع ذلك إلا بفضل وعون الله فأسأل الله من فضله واستعن به

فإذا كنت في مرحلة لم تستطع التغلب على ذنوب الخلوات فاحذر، واستغنى عن مصادر المعصية فورا، وواصل مجاهدة النفس، اترك الخلوة ، لا تجلس وحدك مع الشيطان الموبايل، اهرع فورا إلى الشارع، كن وسط الناس، لا تقوم مقام ضعف، حتى تستطيع وحتى تقوى على مقاومة النفس والشيطان والهوى..

قد يهمك ايضاً:

خواطر ضابط بجهة سيادية – الحلقة الأولى

انور ابو الخير يكتب : فن التمثيل

فإن سقطت لا تيأس ..استغفر ..فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابين، وعُد للتوبة المرة تلو المرة ، وهكذا ، فإن الحسنات يذهبن السيئات ، ويقول سادتنا من مشايخنا ومن آل البيت، إن المرء يظل هكذا ، في مقام الإيمان يزيد وينقص، وفي مقام الحيرة والتقلب بين ذنب وتوبة ويظل يجاهد ويعافر ويكابد أعداؤه من النفس والشيطان والهوى، حتى تأتيه لحظة عناية وفي لحظة  زيادة إيمان  ينطلق إلى مقام الإحسان فلا يعود للذنب..

   وخالف النفس والشيطان واعصهما ..وإن هما محضاك النصح فاتهم

احذر يا حبيبي، فإن ذنوب الخلوات محرقات للحسنات ، فقد قال سيدنا محمد بن عبدالله  رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه  وسلم: “لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا، فيجعلها الله عز وجل هباءً منثوراً، ” قال ثوبان : يا رسول الله صِفهم لنا ،جَلِّهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم ، قال :  ” أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها “.

وقد أثنى الله على عباده الذين يخشونه في السر أشد من خشيتهم له في العلانية، فقال تعالى  “إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير، وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور”

 ويقول كبار سادتنا من أهل الطريق “إن ذنوب الخلوات هي أصل الانتكاسات، وأن عبادات الخفاء هي أعظم أسباب الثبات والوصول ” ، ويقول ابن رجب الحنبلي عليه رحمة الله : “خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس”

التعليقات مغلقة.