مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أنور ابو الخير يكتب: استقيموا أو استقيلوا يرحمكم الله

59

 

قد يهمك ايضاً:

خواطر ضابط بجهة سيادية – الحلقة الأولى

انور ابو الخير يكتب : فن التمثيل

يأمر الإمام أثناء صلاة الجماعة من خلفه بالاستقامة لتتم شروط الصلاة الاستقامة هي أقصر الطرق للوصول إلى الهدف والخط المستقيم أقصر الطرق بين أي نقطتين و أهمية الاستقامة كبيرة في أي عمل بل في الدنيا كلهاالاستقامة باعتبارها معياراً لنظام الكون وشرطاً أساسياً لاستمراره وليس فقط لحياة الإنسان
إذا كانت الاستقامة المالية والإدارية مستحيلة فالاستقالة الآن ممكنة بل واجبة
من النادر في هذا الزمن الصعب أن نجد مسؤولاً يختار طواعية احتراماً منه لنفسه أو تكفيراً عن أخطائه وخطاياه أن يتقدم بالاستقالة من المنصب العام تاركاً الفرصة لمن هو أكثر كفاءة ونزاهة لخدمة الناس
ولكن المصيبة الكبرى ما نراه أمام أعيننا من اولئك الذين يحصلون على تلك الألقاب ويسقطون ما بأنفسهم من أمراض نفسيه وعقد عقلية على الآخرين من خلال شعورهم بالاستعلاء على من حولهم ويعتبرون أن من يتقرب اليهم ما هو الا مجرد أداة تخدمهم وتخدم أغراضهم الشخصية ويتجردون من التعامل بإنسانية وإحترام وخلق يتناسب مع اللقب الذي يزينهم فقط من الخارج لانهم سرعان ما يسقطون وينكشفون من أبسط موقف نحتك فيه معهم فيتعرون أمامنا وتظهر حقيقة مستواهم الثقافي والإجتماعي وحتى البيئه التي تربوا فيها رغم ما قد نسمعه عنهم من شهرة زائفه في حقيقتها ونجدهم لا يتساوون مع موظف بسيط في دائرة ما يتصف بكل الاخلاق الحميدة والقيم الرائعه رغم أنه لا يملك لقباً عالياً سوى أنه موظف بسيط
وأمثال هؤلاء لا تدوم لهم المواقع ولا المناصب والالقاب لأنهم أسقطوا أنفسهم بأنفسهم من أعين الناس وقلوبهم لما يستخدمون من ألفاظ لا تليق بألقابهم ومناصبهم تظهر بعد إحتكاك البعض معهم في مختلف المواقف هؤلاء من خدعوا الكثيرين بألقابهم وجملوا أنفسهم بصفات حصلوا عليها على حساب الآخرين الذين قدموا لهم كل الدعم والتعزيز والسمعة الطيبة وهم في أشد المواقف الحرجة التي واجههتهم هؤلاء من إستغلوا الالقاب لتحقيق شهرة زائفة متناقضه لما يحملونه في حقيقة أنفسهم فكثيرة هي المواقف التي تؤكد لنا وبشكل دائم ومستمر حقيقة تصرفاتهم وسلوكهم والتي تجعل من يعرفونهم جيداً أن يتوقفوا عن التعامل مع أمثالهم لأنهم فقدوا إحترام الآخرين وأنقرضت الثقه فيهم خاصة بعد أن زال الشك باليقين وظهرت الإجابات الحقيقية لكثير من التساؤلات التي وضعتهم في محور الشبهات والاتهام
هؤلاء من إصطنعوا لأنفسهم كياناً وعريناً وهمياً سرعان ما ينهار وينكشف زيفه بعد أن يتأكد الجميع من إستغلال صاحب اللقب للآخرين معتقدا أنهم لن يكشفوه لسذاجته وسطحية تفكيره ولجهله أنه لا شئ يبقى في الخفاء وأن الامور والحقائق تنكشف سريعاً بعد أن يتقين الجميع من الشبهات والشكوك التي تصبح حقيقة
وهم أنفسهم من يجعلونا نؤمن أنه ليس كل من حمل لقباً يستحقه ولنا الحق أن نصدر أحكامنا بأن هذا يستحق وهذا لا يستحق ولمثل هؤلاء نقول أن العظيم يبقى عظيماً والالقاب لا تزين العظيم بل إنه من يزين اللقب بأخلاقه الرائعه وحلمه عند الغضب ولسانه الذي يصونه عند مخاطبته للآخرين وإستخدامه لعبارات لا تخرج إلا من رحم الادب والاحترام والانسانية والأخلاق التي تنبع من الدين والقيم وليتهم يتعظون أنه لا فائدة من اللقب إن كان صاحبها يخسر ذاته ويعادي نفسه بإساءته للآخرين وليتهم يدركون أيضاً أن مناصبهم زائله كزوالهم من الدنيا فلا شئ باق إلا وجه الخالق تعالى
فالصادقون الأوفياء أكثر قرباً وأقتراباً وولاءاً لله وللوطن من الذين ينافقون في ولائهم من أجل مصالحهم ومكتسباتهم الخاصة ويقبضون الثمن وعندما يتوقف الثمن يلعنون الوطن
فلا أحد يستقيل في عالمنا إلا مرغماً أو مقالاً من قبل سلطة أعلى أو تحت ضغط شعبي جماهيري يهتف مطالباً بسقوطه
والمأساة الكبرى أن شعوباً بأكملها تدفع ثمناً باهظاً من الانهيار الاقتصادي بسبب إصراره علي أن يرفض أن يترك مقاعده مهما كان الثمن
بعض الناس يشعرون بل يؤمنون إيماناً مطلقاً بأن المنصب العام هو إرث خاص لا يتركونه إلا إذا غلبهم ملك الموت أي من مقعد المنصب إلى القبر
ويجب أن يدرك المسؤول الذي يتولى أي منصب عام أن هذا المنصب هو خدمة عامة وهو تكليف وليس تشريف وأنه حينما يتلقى راتبه ويحصل على امتيازاته المختلفة فهو في الحقيقة يتقاضاها من مال الشعب
إذا أدرك الموظف العام أن صاحب عمله هو الناس وأنه يعمل لدى مالك وحيد هو الناس فإن أسلوب تعامل بعض المسؤولين سوف يتغير بشكل جذري
وعلى هؤلاء أن يدركوا أنهم لا يمنون على الناس حينما يحققون مطالبهم لأن مطالب الناس هي في الحقيقة حقوق واجبة
والمأساة الكبرى أن شعوباً بأكملها تدفع ثمناً باهظاً من الانهيار الاقتصادي حينما تصبح مصلحة المسؤول الشخصية الذاتية أكبر من مصلحة الناس تصبح حالة العباد والبلاد متفجرة لا محالة
إن المناصب لاتصنع الرجال أو النساء ممن يعتلون كراسيها والناس بطبعهم يحبون دائما رؤية الشخص المناسب في المكان المناسب والخشية هي أن تسند الأمور إلى غير أهلها ساعتها يجري تذكر الحديث المنسوب إلى رسول الأمة “إذا وُسِّدَ الأَمر لغير أهله فانتظروا الساعة
باختصار إذا لم يستطع المسؤول التحلي بالاستقامة فليكن خيار الحد الأدنى هو الاستقالة

التعليقات مغلقة.