مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

محمد حسن حمادة يكتب حصريا لمصر البلد: سيلفي في الحرم!؟

4

حتي عهد قريب كنا نري الجار بجانب الجار في الفرح والحزن، في الشدة والرخاء، في الضيق والفرج، كان من البديهيات والمسلمات والأصول أن نجد الجار بكل مروءة يلغي فرحه من أجل حالة الوفاة التي ألمت بجاره، أما الآن نري (كوشة) الفرح بجانب سرادق العزاء الضدان يجتمعان الحياة والموت في وقت واحد، بل الأدهي والأمر تحول سرادقات العزاء لاستوديو تصوير مفتوح لالتقاط الصور، لأول مرة نري البث المباشر وصور السيلفي من سرادقات العزاء و(تشييرها) علي وسائل التواصل الاجتماعي بكل فخر، وخاصة إذا حضر أحد مقرئي الإذاعة والتليفزيون، حالة من الهرج والمرج والتدافع تسود (الصوان) من أجل الظفر بصورة مع الشيخ، فقدنا الذوق العام والإحساس، أهدرنا قدسية الموت ولاعزاء للمتوفي.

أما عزاءات المشاهير والفنانين وكبار رجال الدولة فحدث ولاحرج، وفعلا شر البلية ما يضحك ولكنه ضحك كالبكاء كما قال المتنبي بل ويثير الاشمئزاز كموقف شيخنا الجليل محمود الشحات أنور الذي كان يتلو ماتيسر من كتاب الله في عزاء رجل الأعمال د/ حسام عمر أحد رواد صناعة الدواء بمصر وبمجرد أن لمح الفنان محمد رمضان هرول إليه ليلتقط صورة تذكارية معه ثم قام بنشرها علي صفحته مفتخرا وعندما استهجنها الناس حذفها من علي صفحته وقدم اعتذاره، أي اعتذار هذا يامولانا وأنت لحن من السماء وسفير فوق العادة لكتاب الله، من يسعي للآخر أنت أم هو!؟ القرآن هو الذي يُسعي إليه يامولانا!؟ رحم الله شيخنا الطبلاوي عندما أجبر بابا الفاتيكان الأسبق البابا يوحنا بولس الثاني علي كسر كل قواعد البروتوكول البابوي حتي يحظي بشرف لقاء الشيخ الطبلاوي، وكل مشايخنا العظام الذين كان يهرول لهم الحكام والملوك والرؤساء والأمراء لتقبيل يدهم! لذلك كانوا أساطير! وبشهادة وفاتهم انقرضت الأسطورة.

أما الطامة الكبري فهي التقاط صور السيلفي في الحرم! حتي في أحد أهم شعائر الإسلام الكبري (الحج) الذي يمحو الذنوب والخطايا ويعود الإنسان بعد قبول حجه كما ولدته أمه خاليا من الآثام والشوائب ينشغل بالسيلفي في كل خطوة يخطوها!

قد يهمك ايضاً:

انور ابو الخير يكتب: لماذا يخدعوننا ؟!

الحج ركن من أركان الاسلام

ماذا حدث للمصريين مع الاعتذار للدكتور

جلال أمين وكتابه الممتع ماذا حدث للمصريين؟ الذي يرصد فيه المؤلف تطورات الشخصية المصرية، بتشريح مفصل وتحليل دقيق للمجتمع المصري في الفترة مابين عامي 1945  / 1995، توقفت أمام تشبيه الدكتور جلال أمين رحمه الله بتشبيهه للحراك الاجتماعي في مصر بعمارة كبيرة قرر سكان أدوارها العليا النزوح إلى الأدوار السفلى، بينما قرر سكان الأدوار السفلى النزوح إلى الأدوار العليا، وبينما الكل ينتقل بأولاده وأطقم ملابسه ومحتويات منزله، تقابلوا على السلالم، فتخيل كيف سيكون الحال”.؟

باختصار هذا هو حالنا الآن ( سلطة بزراميط)  علي (خلطبيطة) دون لون أو طعم أو رائحة، فقدنا البوصلة والهوية، ضاعت معالمنا عندما فرطنا في ذوقنا وعاداتنا وتقاليدنا، عندما هجرنا الأصالة، عندما تركنا التكنولوجيا تنخر كالسوس لتسيطر علي عقولنا، وتتحكم في أدق مفردات وتفاصيل حياتنا، كتاب الدكتور جلال أمين ماذا حدث للمصريين؟ توقف تحليله للمجتمع المصري عند عام 1995 تُري لو أمد الله في عمر الدكتور جلال أمين وحاول تحليل الشخصية المصرية الآن ماذا كان سيرصد!؟

التعليقات مغلقة.