انور ابو الخير يكتب : أكتوبر شهر التعاسة علي إسرائيل

جاء توقيت عملية طوفان الاقصى بصورة مدروسة من جانب قيادة المقاومة الفلسطينيه و احتفالات العدو بالأعياد اليهودية وتم تحديد ساعه الصفر عبر معطيات ميدانية دقيقة مثلها مثل ساعه الصفر للسادس من أكتوبر وتمكنت المقاومة من إدخال الاحتلال في حالة صدمة لم يعشها منذ 50 عاماً وحمل التوقيت دلالات واضحة على أن المقاومة هي من تختار الوقت الملائم للرد على جرائم الاحتلال إذ قدرت قيادة المقاومة أن هذا هو الوقت الملائم لمواجهة للعدو اليهودى والتي تريد تغيير الواقع في المسجد الأقصى وتسعى لضم الضفة الغربيةوتأتي هذه المعركة بعد دراسة وتمعن كبيرين بشأن جميع المستويات الميدانية والسياسية والعسكرية واستعداد وتجهيز استمرا أعواماً طويلة ويعد شهر أكتوبر هو أكثر الأشهر تعاسة على إسرائيل وذلك لكثرة خيباتهم التي شهدوها في هذا الشهر حيث شاهد العالم مصر في حرب 6 أكتوبر 1973 لتدمر أسطورة الجيش الذي لا يقهر بأقل الإمكانيات وأقلها استخداما في الحروب ويعود الفلسطينيون في مثل هذا اليوم من الشهر العظيم يوم السادس من أكتوبر من جديد ويحيوا تلك النكسة الإسرائيلية بـعملية طوفان الأقصى لأسطورة شهر أكتوبر المرعب للإسرائيلين وكان الذهول للإسرائيليين هو سيد الموقف أمام الجميع فلانحن ولاهم نتخيل أن الجيش الإسرائيلى بهذه الهشاشة وأروع ما فى الأمر أن يتزامن الانتصار الفلسطينى مع ذكرى نصر أكتوبر العظيم فى مصر لتتلاقى الفرحتان فى وقت واحد يجمع بيننا وبين أشقائنا فى فلسطين يوم الانتصار على العدو وما حدث بالأمس الأول وما زال يحدث هو أمر فى غاية العجب والشجاعة من رجال حماس والفلسطينيين ولم يسبق أبداً مثله على مدار تاريخ الصراع العربى الإسرائيلي وهو مايؤكد أنه منعطف تاريخى من بعد طوفان ليبيا الذى أحزننا جميعاً جاء حاء طوفان الأقصى الذى أسعد كل العرب
والأمة العربية والإسلامية
كانت ساعات قليلة كافية لتحدث المعجزة ونرى مشاهد تفوق الخيال لأكثر من ٥٠٠٠ صاروخ يهدم ويندك السياج الإسرائيلى والفلسطينيون يندفعون بالمئات ويتوغلون داخل المستوطنات بينما المستوطنون يفرون مذعورين فى كل اتجاه لدرجة اختباء بعضهم داخل صناديق القمامة
ساعات قليلة كانت كافية ليشهد العالم نتائج انتصار مؤكد سيتحاكى به العالم لسنوات قادمة مثله مثل السادس من أكتوبر حتى لو أن العدو الصهيونى قام برد فعل غشيم كعادته فسيظل انتصار السابع من أكتوبر 2023 يوماً من أيام التاريخ وأن ما بعده ليس كما كان قبله حيث توحدوا
الفلسطينيين جميعهم لهذه المفاجئة فمهما بدأت فصائل المقاومة لحماس ضربتها الأولى وتبعهم جميع الفلسطينيين شباباً وشيوخاً وأطفالاً بلا وجل أو تردد في وحدة كان يبحث عنها الجميع فجأة وبدون سابق إنذار وجد المستوطنون اليهود سكان فلسطين يعودون لأراضيهم المسلوبة ويتجولون فى الساحات والميادين فى قلب إسرائيل
حدث الهجوم الفجائى بالتزامن براً وجواً بمظلات مبتكرة بدون طائرات تحمل مقاتلين أشداء مدربين وانطلق الرجال على دراجاتهم الهوائية أو مشياً على الأقدام
وجرافات أزالت الحواجز وصلوا بها إلى العمق الإسرائيلي فى غياب الدفاعات الإسرائيلية وعلى نفس طريقة حرب السادس من أكتوبر اختارت المقاومة نفس اليوم ونفس الشهر لهجومها المباغت ما يشي بتخطيط محكم وهجوم تكتيكى بارع
وفى يوم واحد انطلقت قذائف صاروخية تجاوز لاكثر من ٦٠٠٠ قذيفة على رأس العدو الصهيونى فكانت نتيجة كل هذا الهجوم المتزامن الكاسح سقوط عشرات القتلى من الإسرائيليين وألفين مصاب بخلاف عشرات الأسرى منهم ضباط وقادة لجيش الكيان الإسرائيلي المحتل والدبابات
أن أعظم ما فى تلك الملحمة التكتم الشديد الذى يشي بعمل مخابراتى فائق البراعة أوصل المقاومة الفلسطينية إلى اقتحام العمق الإسرائيلي فى غفلة تامة من سائر أجهزته فهل سمعتم من قبل عن مثل هذا الانتصار الفلسطيني في مثل هذا الزمن القصيرولاأبالغ إن قلت إن الفشل للمخابرات الإسرائيلية فى هذه الملحمة لا يقل أثراً عما حدث قبيل حرب أكتوبر العظيم نفس الفشل والانهزام لجيش الاحتلال وسوف يكون هناك محاسبة شديدة لكافة القادة الإسرائيليين الذين تسببوا فى هذا الفشل تماماً كما حدث فى أعقاب انتصار أكتوبر ٧٣ ولا أحد في العالم يلوم الفلسطينيين بالهجوم على إسرائيل التى بدأت بالعدوان على قطاع غزة والأقصى وسدرت فى غيها ببناء مستوطنات جديدة في القدس رغم تحذيرات المجتمع الدولى وتعتدى على الجميع داخل مخيمات جنين بلا أى وازع إنسانى وظنوا أن كل هذا الاعتداء والبغى سيمر مرور الكرام وأن توسعهم فى بناء المستوطنات سيدفع اليأس فى قلوب الفلسطينيين حتى فوجئوا بما لم يكن فى الحسبان بإمكاناتهم المتواضعة وبعزائم سواعد حماس وجميع الكتائب الجبارة والفصائل الفلسطينية التي تحركت فى ثقة واقتدار لتصنع المعجزة تجاه ترسانة أسلحة إسرائيلية وقفت عاجزة مذهولة أمام الاقتحام المباغت وأول الساقطين أمام الهجوم الكاسح كانت هيبة الجيش الإسرائيلي التى انكسرت كالقشة قبل أن يسقط جنود الاحتلال كالذباب قتلى وجرحى وأسرى فى الوقت الذى اشتعلت فيه مركباتهم ودبابات المتطورة وكأنها صفائح خردة أو هياكل فارغة بلا جنود يقودونها يحتمون بها وتفاوتت رد فعل العالم لكنها جميعاً تؤكد أن ما فعله الفلسطينيون فى هذا اليوم سيكون درساً قاسياً يتذكره الإسرئيليون مدى الحياة فى أسوأ كوابيسهم التى يبدو أنها ستزداد فى المستقبل أن أصحاب الحقوق جاءوا ينشدون استعادة حقوقهم المسلوبة وفى مطار بن جوريون اندفع الهاربون الفارون ينشدون اللحاق بأى طائرة ذاهبة لأى مكان إلا فلسطين المحتلة وصفارات الإنذار باتت كغربان تنعق بالشؤم على آذان طالما صمت عن صوت الحق صوت طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم فإنك أمام ملحمة من العمل والإيجابية والتفاني والإخلاص والوفاء للمسجد الأقصى الشريف مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحينما تتسارع الأحداث في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتتواصل إنجازات المقاومة الباسلة في تكبيد العدو خسائر فادحة ربما تكون الأكبر في التاريخ فإننا أمام دروس عظيمة لا يكفي حبر الأقلام للتعبير عنها ملحمة الإيجابية في الدفاع عن الأقصى الأسير وعدم الرضوخ للأمر الواقع أو الاستسلام للصمت والخوف لا شك أنها درس عظيم لكل مسلم يجب أن يعيه جيداً وأن يتعلم فنون الإيجابية من الشعب الفلسطيني ومن المقاومين في غزة ورفح وخان يونس والضفة ورام الله والقدس وغيرها
إن المسلم حينما يكون إيجابياً فإنه لا يعبأ بمن خذله أو من سكت عن نصرته أو من أدمن بيانات الإدانة والشجب والاستنكار دون تحرك جاد على أرض الواقع بل إن المسلم الإيجابي لا يهاب أعداء الله ولا يخشى مواجهة الظالم ولا يصمت عن المطالبة بحقه، والتمسك به والدفاع عنه والثأر لكرامته والذود عن أرضه وماله ونفسه
اللهم كن يالله لفلسطين عونا ونصيرا وبدل خوفهم أمنا احرس أهلها بعينك التي لا تنام
واجعل يالله لأهل فلسطين النصرة والعزة والغلبة والقوة والهيبة وثبت أقدامهم
اللهم حرر المسجد الأقصى واجبر كسرهم واشف مرضاهم وتقبل شهدائهم برحمتك
اللهم إني أستودعك بيت المقدس وأهل القدس وكل فلسطين