مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

“الحرب النفسية”..دور الإعلام في التأثير على الروح المعنوية للأمم

51

بقلم – لواء مهندس السيد نوار:

 

نظرا لما تتعرض فيه الدولة الآن من الإشاعات و الأكاذيب التي تهدف لإسقاط الدولة و نحن على أبواب الانتخابات في 2024 بغرض التشكيك في صلاحية الدولة و قيادتها في تحقيق التنمية و الرفاهية للشعب استغلالا للظروف الاقتصادية التي تتعرض لها الدولة كباقي دول العالم بعد جائحة كورونا ثم الحرب الروسية و الأوكرانية, لذا وجب التعريف بمعنى الحرب النفسية و دور الإعلام للرد على الشائعات و الأكاذيب.

 

فإن للإعلام بشتى صوره تأثيرا خطيراعلى الروح المعنوية للأمم, وإن الإعلام الفاسد يؤدى إلى فساد الأمم تدريجيا بإفساد عقول الشباب وبث روح الهزيمة والتراخي فيهم فمنه ما هو مسلط علينا من قبل الأعداء, إما من الخارج أو من ضعاف النفوس من الداخل والهدف منه الهاؤنا وإبعادنا عن القضايا الأساسية وإفساد عقيدتنا ومعتقداتنا بل والأخطر من ذلك زرع أفكار ومعتقدات من شأنها هزيمة الروح المعنوية لنا ولشبابنا ولكل فئات المجتمع.

 

والحرب النفسية تأخذ صورا متعددة, إما أن تكون خطة هدفها إحداث التأثير على المدى الطويل وهى ما نتعرض له في حياتنا اليومية منذ زمن طويل كالقنوات الفاسدة والأفلام المأجورة وكتب التاريخ المغلوطة والتشكيك المستمر في الدين والعقيدة وغير ذلك كثيرا, وإما إن تكون خطه هدفها التأثير السريع ذات هدف محدود في وقت معين وتؤتى ثمارها في حينها

 

وتعرف الحرب النفسية الإعلامية بأنها الاستعمال المخطط والممنهج للدعاية بمختلف الأساليب النفسية للتأثير على آراء ومشاعر وسلوكيات العدو بطريقة تسهل الوصول للأهداف. كما أنها وسيلة تساعدة لتحقيق الاستراتيجية القومية للدولة. وتشن في وقت السلم والحرب، وتستخدم فيها كل إمكانيات الدولة، ومقدراتها السياسية، والإقتصادية، والعسكرية، والإعلامية وغير ذلك من القوى التي تتفاعل مع بعضها البعض لتحدد كيان المجتمع وشكله. ويمكن القول و هي متأصلة في جذور التاريخ الإنساني، ولها أمثلة كثيرة لها في تاريخ الجنس البشري.

 

وليس من السهل ان نضع تعريفاً محدداً للحرب النفسية، أو نحدد مجالها. وحتى وقتنا هذا فإن الحرب النفسية غير واضحة في أذهان الكثيرين على الرغم من الكتابات العديدة التي عالجت هذا الموضوع.

 

والحرب النفسية تبدو في أذهان الناس بمفاهيم مختلفة متغيرة، ولم يتمكن الذين تخصصوا في هذا الموضوع أن يضعوا هذا الاصطلاح في إطار واضح المعالم.

 

اتخذت الحرب النفسية الكثير من المصطلحات التي تعبر ولو، وجدانياً، عما تدور حوله. وفيما يلي قليل من هذه المصطلحات: الحرب الباردة… حرب الأفكار…الحرب الأيديولوجية أو العقائدية…حرب الأعصاب…الحرب السياسية…الاستعلامات الدولية…الإعلام الدولي… العدوان غير المباشر…حملة الحقيقة

 

والهدف من هذه الحرب الإعلامية, هو سعى كل طرف من أطراف النزاع قبل المعركة وفي أثنائها إلى إضعاف موقف الطرف الآخر عن طريق شن هجوم عنيف على القوى الروحية والنفسية لديه، وفي الوقت نفسه يسعى إلى تقوية موقفه هو.

 

قد يهمك ايضاً:

انور ابو الخير يكتب: لماذا يخدعوننا ؟!

الحج ركن من أركان الاسلام

ومع ذلك يمكن تعريف بأنها الاستعمال المخطط للدعاية ومختلف الأساليب النفسية للتأثير على آراء ومشاعر وسلوكيات الأمم بطريقة تسهل الوصول للأهداف. و إفتراء العدو وعرض قضيته التي يحارِب من أجلها، خلق قوة خاصة جبارة لا تقهر، التهديد بواسطة التسليح، بث الذعر وإطلاق الشائعات، التحقير من قوة العدو، الإغراء والتضليل والوعد، استخدام الخلافات الدينية والعقائدية، الإرهاب.

 

و في حرب أكتوبر 1973 م كانت ملحمة حقيقية برع فيها رجال المخابرات والعسكريين على حد سواء وان كان دور رجال المخابرات أعمق واكبر أثرا . ففي عام 1968 م وفى الوقت الذي كان فيه كلُ طرف من الطرفين المصري والإسرائيلي مستمرا فى الصراع والكل يستعد للحظة الحاسمة , اكتشف رجال المخابرات واحدا من أهم المصادر التي تنهل منها المخابرات الإسرائيلية المعلومات وهذا المصدر هو الشعب نفسه . حيث تم تعيين جواسيس متخصصه فقط في الإنصات إلى أحاديث الناس في كل مكان ,في العمل والبيت والشارع ووسائل المواصلات وحتى في السينما والمقاهي وأماكن اللهو والمرح ,فكل من يعرف حقيقة أويسمع أمرا ما يتباهى بالحديث عن معلوماته في كل مكان دون اهتمام أو حذر أو تقدير .

 

وقد استعان رجال المخابرات بالإعلام لمواجهة هذا التسرب الهائل في المعلومات الذي يفيد العدو إفاده بالغة . ففي البداية بدأ رجال المخابرات بطلب التوعية من رجال الدين من شيوخ وقساوسة لتوعية الناس بضرورة الالتزام بالصمت حتى لا يستفيد العدو من ألسنتنا . وبعد ذلك جاء دور الطوائف الأخرى التي تكسب ثقة واهتمام المواطنين مثل الأدباء والصحفيين ومؤلفي الأغاني ومعدي التمثيليات ومخرجي المسلسلات الإذاعية والتلفزيونية .

 

وانطلق سيل من الروايات والكتب والمقالات والمسلسلات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية يغمر وسائل الإعلام ويملأ أسماع وعيون وعقول الناس . والتف الناس حول أجهزه الراديو لمتابعة مسلسل (كلاب الحراسة) الذي كتبه (كمال إسماعيل) وكتب (محمود صبحي) في برنامج (عيله مرزوق أفندى) وكتب (رأفت الخياط) (البعثة 69) ويقدم (محمد كامل) (المصيدة) وقدم (فائق إسماعيل) مسلسلين هما(اللصان والجاسوس) و (لا أسمع لا أرى لا أتكلم) والكل يدعو إلى نفس الفكرة كلُ ُ بطريقته .

 

وفى نفس الوقت كان هناك العشرات من أصحاب الأقلام يقدمون المقالات في الصحف المختلفة مثل (حسين فهمي) و (أنيس منصور) و (عبد السلام داوود) و (صلاح هلال) وغيرهم. ونجحت الحملة حتى إن جريدة (جيروساليم بوست) الإسرائيلية قد نشرت مقالا في عددها الصادر بتاريخ26/4/1972 تحذر من خطورة الحملة التي تقوم بها أجهزة الإعلام المصري لتوعية الشعب

 

وبالفعل نجحت الحملة الإعلامية المصرية نجاحا منقطع النظير وتأكد هذا تماما عندما كانت تحركات الجيش في أكتوبر 1973 م واضحة للجميع ولم تنفك ألسنة الشعب . وهكذا نرى التأثير الهائل للإعلام بشتى صوره من صحافة وإذاعة وتلفزيون وخطابة على الأفراد.

 

هناك من الخطط الكثيرة التي تحاك حولنا عن طريق الإعلام بكل صوره المختلفة دون أن ندرى. فيجب علينا أن نعي جيدا كل ما نسمعه أو نراه أو نقرأه وأن نفرق بين ما هو من شأنه تنمية مهاراتنا ورفعتنا و توعيتنا , وبين ما هو موضوع فقط لهزيمتنا من الداخل أو إلهائنا عن قضايانا أو إفساد عقولنا. بهذا فقط…سوف نحبط مخططات أعدائنا ونواجه تحديات المستقبل.

 

و يجب أن نحذر ما تقوم به القنوات التي تبث سمومها من تركيا, و من دويلة عربية, مع الأسف, و ما يبثه فلول الإخوان سواء من الداخل أو الخارج على صفحات التواصل الاجتماعي من أكاذيب و إشاعات. و يجب أن نعلم أن بث الإشاعة يتم بوضع السم في العسل, بمعنى أن الإشاعة تحتوي على حوالي ثمانين أو تسعين في المائة صحيحا لتخدع المواطنين الشرفاء

 

ألا هل بلغت, اللهم فاشهد

التعليقات مغلقة.