مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أنور ابو الخير يكتب: ثرثرة الفيس بوك

43

 

 

قد يهمك ايضاً:

أحمد سلام يكتب بين السطور

حازم مهني يكتب..3 مايو عيد الصحافة العالمي 

هناك أمور تجبرنا على قراءة الواقع المرير بمنطق العقل ومن ثم تسويغ العناوين وتفصيل الأحداث واستخراج النتائج التي ربما يكون وقعها قاسياً على البعض ولكن للأسف الحقيقة دائماً تكون موجعة وما سأقوله عين الحقيقة التي نعيشها اليوم في مجتمعنا والتي آسف لتفسيرها على هذا النحو ولكن هي الحقيقة التي لم أكن أتمنى أن تكون ولكنها كانت
فمن خلال التجارب السابقة والحالية ثبت أن السوشيال ميديا اصبحت واقع مرير
فإلى كل مواطن مصرى مخلص لوطنه
هذا الفيسبوك أصبح مستنقع لكل ما هو قمئ وردئ وهدام ومدمر ومرتع للخونة وعديمى الأخلاق وفاقدى الأهلية وملئ بأناس يملأ قلوبها الغل والحقد والغيرة وأغلى أمنياتهم زوال النعمة من الغير
هذا الفيس بوك حتما يصيب الإنسان بالذهول وبعد فترة قد يصيب بالاكتئاب واللامبالاة احترسوا لن تقوموا بالبناء وبث روح التفاؤل والأمل ومحاولة إنقاذ البقية الباقية من الوطن وشبابه بسهولة فهذا المكان قائم على معاول الهدم وتنفيث الهموم والسموم هذا الفيسبوك كالبحر مياهه مالحة أمواجه عاتية شمسه حارقة وظلمته حالكة ساكنيه من الحيتان والقروش آكلى لحوم البشرأكثرهم مدفوع الأجر وبعضهم مندفع بلا أجر وأغلبهم منساق وراء من يدين لهم بالسمع والطاعة
الحياة فى هذا المكان تتطلب قلب مؤمن بالله وثقة بالنفس والكثير من البحث والاطلاع لحالة الفراغ الذي يعانوه في الواقع وهو عكس مايظهروه عن طريق وهم يوهمون به انفسهم ومن ثم يصدقوه بعد ان وجدوا تفاعلا من بسطاء جماهير شعب الفيسبوك الذين ليسوا على دراية كاملة بحقيقة هؤلاء الاشخاص الذي لم يجدوا مكاننا لافراغ شحناتهم فنراهم يعقبون على كل شارذة وواردة وكل صغيرة وكبيرة غير آبهين لما ستسببه احرفهم تلك من شقاق ونزاع وتراشق يصل الى السباب والتناحر لاشيء سوى لإشباع نشوة ذلك الوهم الذي لازالوا في طور توسعته حيث لم يستوعبوا انه لا يستوجب علينا الخوض في كل الامور والاحداث ولم يستوعبوا ان الصمت في بعض المواقف ذو فائدة كبيرة ارقى من احرفهم تلك التي يكتبوها في صفحاتهم
ولم يستوعبوا انه لا يجب ان تستنقص من عدوك حتى بعد انتصارك عليه وانه بإمكانك اجباره وبمحض ارادته على ان يكون في صفك في حال اخترك الاسلوب الامثل في تعاملك معه بعد انتصارك عليه بدلا من جعله يزداد بغضا لك ولم أكتب مقالي وكلماتى هذا سوى لما شهادته من دنائه وانعدام للاخلاق ولثقافة الاختلاف والتي لم تكن لتنبع سوى من اشخاص عديمي الذوق والانسانية لايستطيعون التفريق بين التباينات والاختلافات السياسية ومابين العلاقات الانسانية والاجتماعية فتراهم يثرثرون بكلام
لامسؤول وكل ذلك لكسب كم لايك وكومنت من جماهير شعبهم بالفيس بوك الذين لاتختلف عقلياتهم كثيرا عنهم
لقد فتح مجال الفيسبوك للجميع النشر بأنواعه مهما كانت مستوياتهم الثقافية والفكرية فأصبحوا كلهم شعراء وكلهم محللين وكلهم مفكرين أو يمارسون النقد ويتعرضون سلباً إلى أشخاص مرموقين أو يهاجمون الإنجازات الفكرية والثقافية أو يذمون ويجرحون وخروج عن الحد وضوابط الكلام أدمن عليها الكثير من الناس لدرجة أن هؤلاء لا يستطيعون العيش من دونها لا يعرفون القول المأثور إذا تحدث أحدكم فليقل خيراً أو ليصمت
و امتلأت صفحات فيسبوك بالأخبار الشخصية التي لا تهم غير أصحابها وبالصور الفوتوغرافية التي سهلت تقنيات الهاتف التقاطها في كل مناسبة وكل مكان ونشرها على فيسبوك وكأنها حدث عظيم وتلقت المئات من علامات الإعجاب وخاصة إذا كانت الصورة لامرأة جميلة ليست هي بالضرورة صاحبة أو صاحب الصفحة بينما المواد النافعة والإيجابية والرصينة لا تتلقى إلا عددا محدودا جدا من علامة الإعجاب وكشفت الثرثرة علي الفيسبوك ببراعة عن نفسيات الآخرين وامزجتهم وأخلاقياتهم وحجوم شخصياتهم في التعامل وإن لم يلتق هؤلاء بأجسادهم وهيئاتهم ولكنهم يلتقون بصورهم وأشكالهم وأصواتهم ومقولاتهم وتعليقاتهم وثرثرتهم وأحاديثهم ونفسياتهم بما يقدم ما لديه من أفكار ورؤى وتعليقات وطرائف وهواجس والكل يستأنس أو يفرح أو يغضب أو يحزن او يغتاظ وهذا يجامل أو ينافق أو يمدح وذاك يشتم أويقدح وذاك يصمت ويتحسر أو يتجاهل ويغض الطرف وذاك يتعصب وهذا يراقب ويتجسس في الخفاء وهذا يأخذ موقف معتدل وذاك ضيق الأفق يسئ الظن بالرغم من اختلاف القناعات وتباين الأفكار وهكذا فإن فيس بوك فعلاً أصبح ميداناً للثرثرة واستعراضياً للنفسيات المتنوعة
وأنا لست ضد التواصل ومعرفة الآخرين والاهتمام بهم لكن ليس لدرجة قتل الوقت الثمين وهدره في اقتحام الخصوصيات والإساءة للآخرين وما بين الثرثرة وعدمها تتضح معالم شخصية الانسان ففي حياتنا العامة قد نعجب في أمور كثيرة فتخالف ظنوننا بعد تجربتها وقد نصادف احياناً في مجالسنا اشخاصاً يتصدرون الجلسات ويبادرون بالحديث في أمور شتى دون أن يطلب منهم ويفتون بمعلومات عن كل شيء لا أصل لها ولا سند فتنبهر بهم أعين البعض فيتضح لنا بعدئذ أن جهينة ليس عندها الخبر اليقين بل عندها ثرثرة
فالأصل في الكلام على فيس بوك أو غيره أن يكون بمقدار الحاجة وبما لا يضر بالآخرين أو بسمعتهم وألا يكون فيه إساءة أو تجريح وألا يتحدث الإنسان إلا بما ينفع وأن يقلل من المزاح لأن كثرة المزاح قد تؤدي إلى مشكلات بين الناس وكثرة الكلام كثيراً ما تكشف العيوب وتزيد من إمكانية الوقوع في الخطأ
فكلما كثر الكلام زادت احتمالات الوقوع في الخطأ فالثرثرة على الفيسبوك أو
بين المجالس العامة هو محل سخرية يتحاشاه الناس فالثرثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي عموماً باتت تأخذ جلّ وقت الجميع حتى صار التعليق والدردشة عبر هذه المواقع هو الشغل الشاغل الذي لا ينتهي لكثير من الناس الذين يجدون لذة في هذه الثرثرة وخصوصاً عند الطعن في آراء وميول الآخرين أو النيل من سمعتهم وكرامتهم ويثرثرون فقط ليثبتوا أنهم موجودون عملاً بمبدأ أنا أثرثر إذاً أنا موجود حتى يلفتوا الانتباه إليهم أو لتعويض نقص ما في شخصيتهم يحاولون التخلص منه
فيا أيها المفسبكين اتقوا الله فينا وفي هذا الشعب الذين تبثون سمومكم فيه بأحرف وكلمات على صفحاتكم لم نجني منها سوى التشرذم والتفرق وتمزيق نسيجنا الاجتماعي

التعليقات مغلقة.