مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

قطعة جبن قديمة

2

بقلم – صابر الجنزورى:
ظن أن الوحى غاب عنه ، ماعادت تطاوعه الكلمات ، لم يكن نبيا وليس بولي من أولياء الله …لكنه كاتب !
يخرج للشوارع ، يتأمل الوجوه عله يجد وجها غريبا يري فيه قصة يكتبها ، بين ضجيج السيارات وزحام البشر تتوه أفكاره ، كل يوم يهيم على وجهه ، لم يعد هناك ابتسامة على جبين البشر .
العابرون واجمون ، الباعة الجائلون يصيحون على بضاعتهم ، هذا بائع لليمون وهذا بائع للتفاح ، وهذا شاب وضع عربة صغيرة بها قدر فول يلتف حوله الباحثون عن وجبة إفطار رخيصة وسريعة ، وهذه العجوز تجلس على الرصيف تبيع الخس والجزر والبصل الأخضر ، وبائعة الجبن القريش التى تبدو فى زيها القروي .. عرف منها ذات يوم أنها تأتى من قريتها كل يوم وتتحمل عناء سفر طويل .
سألها لماذا ؟ ابتسمت وقالت : أكل عيش .
وسيدة أخرى فى منتصف العمر تبيع الخبز على طاولة خشبية تجلس بجانبها فتاة صغيرة تذاكر دروسها على الرصيف .
بينما السيارات الفارهة تعبر مسرعة لا تأبه لأحد ولا تبال بشيء .
– تري هل وزعت الأرزاق بالعدل بين الناس ؟
يمضي فى طريقة ، الضجيج بداخله لا يهدأ ، وجه العجوز تشبث بعقله ، تجاعيد الزمن حفرت فى وجنتيها خطوطا بنية ..لكنها تبتسم !
الفتاة الصغيرة استولت على مشاعره فوجد دمعة ساخنة تنهمر وهو يتذكر وجهها البريء .
ابتسامتين ووجه برئ عادوا معه إلي بيته .
شعر أن هناك شيء ما لا يفهمه ، وان النفس البشرية بداخلها أسرار لا نعرفها ، ماسر ابتسامة هؤلاء البشر ؟
ليس القلق والخوف من المجهول والحياة والموت والسياسة والإقتصاد ولا الحروب وسعر الدولار يهم العجوز وبائعة الجبن ولا بائع الليمون وبائعة الخبز .
عاد مهموما ، أغلق حجرته ، استقبل مكتبه .
– تساءل : تري هل تصبح بنت بائعة الخبز طبيبة ؟
قفز إلى خياله مشهد عربة الفول وعربة بائع الليمون ،
– تساءل مرة أخري ..تري ..؟
لم يكمل السؤال ، استدعي مشهد “قطعة الجبن القديمة والسيارة والفارهة” .
عادت إليه الحيرة والقلق والخوف من الغد المجهول .
تذكر ابتسامة العجوز وبائعة الجبن .
حاول ان يبتسم ولكن ..!!

اترك رد