مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

خالد علم يكتب: نحتاج إلى ثورة أخلاقية في حياتنا العصرية

94

نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا ونهجوا ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لما هجانا.
‏قل‏ ‏لي‏ ‏بالله‏ ‏عليكم ‏ما‏ ‏الذي‏ ‏حدث‏ ويحدث ‏في‏ ‏مجتمعنا‏ ‏هذه‏ ‏الأيام‏ ‏ومنذ‏ ‏سنوات ليست بالبعيدة‏ ‏لا‏ ‏تعد‏ ‏علي‏ ‏أصابع‏ ‏اليدين؟‏ ‏ضرب‏ ‏وقتل‏ ‏وذبح‏ ‏وسرقة‏ ‏واغتصاب‏ ‏وشتائم‏ ‏يشيب‏ ‏لها‏ ‏الولدان‏ شيبا وتلد الحوامل منها..

‏أطفال‏ ‏في‏ ‏عمر‏ ‏الزهور في مقتبل العمر‏ ‏من‏ ‏الجنسين‏ ‏يقذفون‏ ‏بعضهم‏ ‏بعضا‏ ‏بألفاظ‏ ‏غليظة‏ ‏وكلمات‏ ‏جنسية‏ ‏قبيحة‏، ‏وسب‏ ‏دين في الشوارع وكأنهم بذلك أصبحوا رجال‏، ‏ثم‏ ‏الطامة ‏الكبرى‏ ‏أن‏ ‏هؤلاء‏ ‏الأطفال‏ ‏يعتدون‏ ‏جنسيا‏ ‏علي‏ ‏بعضهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم ‏, ‏وبعضهم‏ ‏يقتلون‏ ‏ويسرقون‏ ‏ويدمنون ويشربون الخمور‏، ‏وأعمال‏ ‏لا‏ ‏يستطيع‏ ‏الإنسان‏ ‏أن‏ ‏يصدقها‏ ‏أو‏ ‏يستوعبها‏!‏ هذا‏ ‏عن‏ ‏الطفال‏.

‏أما‏ عن ‏الكبار‏ ‏فحدث‏ ‏بلا‏ ‏حرج‏ وكون الله مسرح كبير ‏وتوقع‏ ‏الأسوأ‏ لو بعدنا عن الله وضللنا الطريق فسوف تنزلق أقدامنا! ‏ماذا‏ ‏حدث‏ ‏لنا؟ بالله عليكم ماذا حدث لنا يا أبناء‏ ‏أعظم‏ ‏حضارة‏ ‏إنسانية في العالم‏؟!
‏ ‏وكيف‏ ‏وصلت‏ ‏بنا‏ ‏الحال‏ ‏إلي‏ ‏هذا‏ ‏المستنقع‏ ‏اللاأخلاقي؟ زوج يقتل زوجته في الغربية في رابع يوم من الزواج، وأم تذبح أبنها وتأكل جزء منه في الشرقية ومسن يطلق النار على فلذت كبده وأخ يحرم أخته من الميراث!!

لماذا يحصل هذا بيننا ونحن مصريون؟!
فمصر‏ ‏هي‏ ‏أم‏ ‏الدنيا‏ ‏منذ‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏عشرة‏ ‏آلاف‏ ‏سنة‏ ‏كما‏ ‏يقول‏ ‏العالم‏ ‏الدكتور‏ ‏جمال‏ ‏حمدان‏ ‏في‏ ‏كتابه‏ ‏الرائع‏ ‏شخصية‏ ‏مصر‏.‏
مصر‏ ‏هي‏ ‏التي‏ ‏اكتشفت‏ ‏الضمير‏ ‏الإنساني‏ ‏كما‏ ‏قال‏ ‏المؤرخ‏ ‏الأمريكي‏ (‏هنري‏ ‏بريستيد‏) ‏في‏ ‏كتابه‏: ‏فجر‏ ‏الضمير‏, ‏والضمير‏ ‏كما‏ ‏نعلم‏ ‏هو‏ ‏الحارس‏ ‏علي‏ ‏الأخلاق‏ ‏والقيم‏ ‏الإنسانية الحميدة‏.‏

وكان‏ ‏الإنسان‏ ‏المصري القديم ‏ ‏بعد‏ ‏موته‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏القديمة‏, ‏وبعد‏ ‏أن‏ ‏تصعد‏ ‏روحه‏ ‏إلي‏ ‏السماء‏ ‏يقف‏ ‏أمام‏ ‏الآلهة‏ ‏يدافع‏ ‏عن‏ ‏نفسه‏ ‏قائلا‏:‏
لم‏ ‏أسئ‏ ‏لأي‏ ‏إنسان‏, ‏أو‏ ‏أتسبب‏ ‏في‏ ‏تلويث‏ ‏ماء‏ ‏النيل‏, ‏أو‏ ‏أحرم‏ ‏طفلا‏ ‏من‏ ‏كوب‏ ‏اللبن‏, ‏أو‏ ‏أقتل‏ ‏أحدا‏, ‏أو‏ ‏أسرق‏ ‏أحدا‏, ‏أو‏ ‏أغتصب‏ ‏مال‏ ‏أحد‏, ‏كنت‏ ‏عونا‏ ‏للمحتاج‏, ‏مساعدا‏ ‏للفقير‏, ‏قدما‏ ‏للكسيح‏, ‏معينا‏ ‏للأرامل‏ ‏وأبا‏ ‏لليتيم‏.. ‏إلخ‏.‏

قد يهمك ايضاً:

يا لها من منظومة مكتملة الاركان، وهل‏ ‏هناك‏ ‏منظومة‏ ‏أخلاقية‏ ‏أفضل‏ ‏من‏ ‏هذه؟‏ ‏كان‏ ‏الرجل‏ ‏يحترم‏ ‏المرأة‏ و ‏يقدرها و ‏لأن‏ ‏عدم‏ ‏احترام‏ ‏المرأة‏، ‏أو‏ ‏الشعور‏ ‏بأنها‏ ‏مخلوق‏ ‏أقل‏ ‏من‏ ‏الرجل‏ ‏يغضب‏ ‏إلهة‏ ‏العدالة‏ (‏ماعت‏).‏

فالحديث‏ ‏يطول‏ جدا لو تكلمنا عن‏ ‏تاريخنا‏ ‏العظيم‏ ‏المشرف‏ ‏في‏ ‏تقديم‏ ‏مبادئ‏ ‏الأخلاق‏ ‏للعالم‏ ‏كله‏، ‏والتي‏ ‏يعيش‏ ‏العالم‏ ‏الآن‏ ‏عليها‏ ‏في‏ ‏سلام‏ ‏وخير‏ ‏ورفاهية‏. ‏ومن‏ ‏عجب العجاب‏ ‏أن‏ ‏نعطي‏ ‏ونصدر‏ ‏للعالم‏ ‏القيم‏ ‏الأخلاقية‏ ‏ومنظومة‏ ‏التعامل‏ ‏الإنساني‏. ‏ويأتي‏ ‏الوقت في عصرنا‏ ‏أن‏ ‏نفتقد‏ ‏نحن‏ ‏هذه‏ ‏القيم‏! ‏أو‏ ‏نهملها‏ ‏ونتناساها‏ ‏أو‏ ‏نغض‏ ‏البصر‏ ‏عنها‏.
‏بل‏ ‏وللأسف‏ ‏ونتعامل‏ ‏مع‏ ‏قيم‏ ‏شريرة‏ ‏أبعد‏ ‏ما‏ ‏نكون‏ ‏عن‏ ‏الذي‏ ‏تربينا‏ ‏عليه‏ ‏وعشنا‏ ‏نسعد‏ ‏به‏ ‏واستطعنا‏ ‏به‏ ‏أيضا‏ ‏أن‏ ‏نقيم‏ ‏أعظم‏ ‏حضارة‏.

نحتاج بالفعل الى ثورة اخلاقية والتقرب من رب البرية في حياتنا العصرية كيف‏ ‏يحدث‏ ‏ذلك؟
واقولها بكل ثقه لا ‏نحتاج‏ ‏إلي‏ ‏معجزة‏, ‏فنحن‏ ‏لسنا‏ ‏في‏ ‏عصر‏ ‏المعجزات‏, ‏وإنما‏ ‏نحن‏ ‏في‏ ‏عصر‏ ‏الإرادة‏ ‏والعمل‏ ‏لتحقيق‏ ‏الأمل‏.‏
البداية نعم البداية‏ ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏من‏ ‏البيت‏ ‏والأسرة‏ ‏والأسوة‏ ‏الحسنة‏, ‏ ‏التي‏ ‏وصل‏ ‏الحال

من واجبنا بل هو حق علينا أن‏ نربي‏ ‏أطفالنا‏ ‏علي‏ ‏القيم‏ ‏الأخلاقية‏ ‏الحميدة‏ ‏وتكتشف‏ ‏الموهوبين‏ ‏والعباقرة‏ ‏منذ‏ ‏نعومة‏ ‏أظفارهم‏ ‏حتي‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تستفيد‏ ‏منهم‏ ‏الدولة‏.
‏الثورة‏ ‏الثقافية‏ ‏تشمل‏ ‏الدين‏ ‏أيضا‏ ‏لأن‏ ‏الدين‏ ‏نفسه‏ ‏ثورة‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏بناء‏ ‏الإنسان‏ ‏علي‏ ‏القيم‏ ‏الروحية‏ ‏السامية‏، ‏وبدلا‏ ‏من‏ ‏الاختلافات‏ ‏الوهمية‏ ‏والاهتمامات‏ ‏الشكلية والشخصية ‏ ‏اهتموا‏ ‏بنشر‏ ‏جوهر‏ ‏الدين‏ ‏وفلسفته‏، ‏وجهوا‏ ‏جيش‏ ‏الشيوخ‏ ‏والخطباء‏ ‏والقسوس‏ ‏والوعاظ‏ ‏لنشر‏ ‏الحب‏ ‏بين‏ ‏الناس‏, ‏وزرع‏ ‏الإيمان‏ ‏بالخير‏ ‏والقيم‏ ‏الأخلاقية‏ ‏في‏ ‏نفوسهم‏, ‏ونبذ‏ ‏الخرافات‏ ‏والدجل‏ ‏وضرورة‏ ‏استخدام‏ ‏العقل‏.
‏الثورة‏ ‏الثقافية والأخلاقية‏ ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏تطهر‏ ‏الإعلام‏ ‏من‏ ‏الجهلة‏ ‏والمتخلفين‏ وانصاف التعليم ‏الذين‏ ‏يهتمون‏ ‏بمظهرهم‏ ‏وملابسهم‏ ومأكلهم ومشربهم ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏عقولهم‏ ‏والمادة‏ ‏التي‏ ‏يقدمونها‏، ‏الثورة‏ ‏الثقافية‏ والأخلاقية ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏تهتم‏ ‏بعقول‏ ‏الناس‏ ‏وتشجعهم‏ ‏علي‏ ‏القراءة‏ ‏والاهتمام‏ ‏بالكتاب‏.
‏لكن‏ ‏الأمل‏ ‏الكبير‏ ‏في‏ ‏القادم والتقرب الى الله ومن الله.

وختاما يخاطبني السفيه بكل قبح.. فأكره ان أكون له مجيبا يزيد سفاهة فأزيد حلما. كعود زاده الاحراق طيبا ما أحوجنا إلى أخلاق الفرسان، ما أحوجنا الى صفات عباد الرحمن والنفس النبيلة من حلم وصبر وشجاعة وكرم وعدل وصدق وتواضع وحياد وزهد وقناعة ورحمة ووفاء وحب الاخرين .

التعليقات مغلقة.