مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

حرب مع النفس

4

بقلم – زينب مدكور:
تنتشر في الآونة الأخيرة ما يسمونه بالأمراض النفسية في جميع المجتمعات وبدرجات متباعدة ، لكن هذا التباعد ليس كبيرًا كما يعتقد معظمنا فالأمراض النفسية متطابقة تقريبًا ، مع وجود تباعدات طفيفة بين المجتمعات. وتلعب الحالة الاجتماعية والنفسية والأسرية هنا دورًا مهمًا وحاسمًا في الوقاية من الأمراض النفسية والانتكاسات .
ومن المعروف أن النساء يتأثرن بالأمراض النفسية أكثر من الرجال ، وخاصة الاكتئاب والقلق وبعض الاضطرابات العصبية .
ومن أمثلة هذه الأمراض النفسية التي تصيبنا : الحقد وعدم حب الخير للغير والحسد والشماتة في المصائب إلي أن يصل للكره ؛ كره الحب والخير للغير .
فعندما يحافظ المرء على الخير لنفسه ويسعى جاهداً لتحقيقه أمر طبيعي ، لكن حب الخير للآخرين مرحلة نبيلة عظيمة ، أي بداية تأصل حب الخير في النفس البشرية ، وأن تحمل كلا الأمرين ، الحب والخير . ويحمل بينهما الروح الطيبة والرحيمة. هذا ما يميز الشخص بل والإنسان عن باقي المخلوقات ،
فإن حب الخير واللطف مع الآخرين هو معركة عظيمة على الذات لا يستطيع الجميع التعامل معها . فلقد
بعثت سيدة لي ذات يوما رسالة تطلب مساعدتي ونصيحتي وعرَّفت بنفسها قائلة ” أنا سيدة أبلغ من العمر ٣٣ عاما مطلقة وأعول ثلاث أبناء وأعمل بوظيفة تكفي إحتياجاتي أنا وأبنائي الثلاثة ، عندي مشكلة أحتاج لها حلاً ، وهي تتلخص في كوني سيدة لا أحب الخير لمن حولي سواء أصدقاء أو معارف أحقد عليهم ودائما ما أُقارن نفسي بهم وأكره أن يأتيهُم خيراً ولا أستطيع الحصول عليه أيضاً ، وأنا دائما أشعر بالذنب الشديد لأني لا أُحب شعوري هذا تجاه الآخرين وأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم دائما ، وأقرأ القرآن وعلي درجة من الإلتزام ،
أكتب لكي لأني أريد أن أتخلص من هذا الشعور ،، وأنهت رسالتها .
فقد قال الشاعر أحمد شوقي “ارْحَم نَفسَك من الحِقْدِ فإنّه عَطَب، نارٌ وأنتَ الحَطَب” .

قد يهمك ايضاً:

أحمد سلام يكتب بين السطور

حازم مهني يكتب..3 مايو عيد الصحافة العالمي 

عزيزتي صاحبة الرسالة ، لقد قرأت كلامك باهتمام كبير وأنا سعيدة بجهودك للتخلص من هذا الشعور السيئ ، فالعديد من الأشخاص الذين يعانون من مشاعر الغضب والاستياء والحسد لمن حولهم وعدم حب الخير للآخرين . لا يعتريهم مجرد الشعور بالذنب ، ولكن يكون لديهم شعورًا بالفرح ، وتسيطر عليهم الشماتة في مصائب الآخرين ، والرغبة في زوال النعمة عن من حولهم. إنني أشجع رغبتك في التخلص من كل هذه المشاعر السلبية التي لن تجلب لك إلا الحزن ، لأن عدم الرضا بقضاء الله برأيي من أشد المشاعر الإنسانية إيلامًا وحزنًا

اعلمي يا حبيبتي أن الله يقسم الحياة بين عباده بالعدل ، ولن ينزع أحد منكي ما أعطاكي الله ، ولن تأخذي إلا ما يقسمه الله لكي ، فسواء تمنيتي الشر لغيرك أم لا فلن يضرهم به شئ ولا ينفعهم ، وإذا قارنت ما لديهم بما لديك فلن يضيفك أو ينتقص منكي ، لذا استمري في المحاولة واللجوء إلى الله من أجل إبعاد وساوس الشيطان ، لأنها حياة مكتوبة وأرزاق ويجب عليك دائمًا تسبيح الله .. لما أعطاه لك ولأهلك ، وإذا شعرت بالغيرة أو الغضب ، فتذكري نِعَم الله التي أعطاك إياها وأن هناك الكثير ، لكنك لا تستمتعي بها لأنكي تشغلي نفسك بغيرك وما بيد غيرك ، مع العلم أنها من الممكن أن ما تنعمين به لا ينعم به غيرك ،
وكما قال الكاتب والمفكر الكبير مصطفى محمود ” حاول ألا تشمت ولا تكره ولا تحقد ولا تحسد ولا تيأس ولا تتشاءم، وستشعر بالنتيجة الرائعة بنفسك ، وستجد أنك ستتعافى من أمراضك بالفعل، إنها تجربة صعبة تتطلب نضالًا دائمًا ومستمرًا للروح ، ربما على مر السنين فأشقي الحروب هي الحرب مع النفس .
فالسعادة الحقيقية في القلوب الطيبة التي تتمنى الخير للآخرين
وإن العطاء والكرم وحب الخير للآخرين من الصفات العظيمة التي لا توجد إلا في القلوب الطاهرة النقية .

التعليقات مغلقة.