مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

انور ابو الخير يكتب : بهتت تفاصيل البشر

34

 

قد يهمك ايضاً:

حازم مهني يكتب..3 مايو عيد الصحافة العالمي 

انور ابو الخير يكتب : التلذذ بظلم الناس

تشابهت الأيام و الأزمان و وجوه الخلق فبهتت التفاصيل التي تفرق واحداً عن الآخر وكأن الناس أصابها وباء جديد وتتوالي النوازل على رؤوس الجميع دون فسحة من الوقت أو هدنة فلم أعد أميز بين المارة من حولي إلا حينما يعترضني أحدهم بسؤال أو يعرفني بنفسه حينها تتضح بعض قسمات وجهه قليلاً يتوارى التجهم بعض الوقت للخلف غير أن الكآبة تظل لها اليد الغالبة على الكل فلم أضبط امرئ يبتسم وأشعر فيها بأنني أمشي وسط البشر وجميعهم مصابون بفقدان الذاكرة هكذا يتحدث أولئك الذين يكافحون لنسيان بعض التفاصيل اليومية ومحوها من ذاكرتهم وذلك كونهم أشخاصا لا ينسون شيئا قط فهم يعانون من فرط الاستذكار كما يكافح بعض الأشخاص لتذكر بعض التفاصيل المهمة في حياتهم خاصة الذين يعانون من ضعف الذاكرة أو ألزهايمر بإحدى درجاته فإن هناك أشخاصا معدودين يكافحون ذاكرتهم التي لا تنسى أبدا وتجعلهم يعيشون الحدث بكل تفاصيله ويكررون شعورهم تجاهه في كل مرة يتركون فيها العنان لذاكرة البشر وما أدراك ما البشر إنهم مكمن العجائب والتناقضات ونحن في حديثنا هذا لا نتحدث عن الفريق الذي يمثل الفضلاء والنبلاء من الناس بل نتحدث عن ذاك الفريق الذي يمثل التناقضات والعجائب وشيء من الدناءة أحيانا فهذا الفريق الثاني يتصف بصفات في غاية الاشمئزاز أحيانا وسوف نحاول أن نقف عند تفاصيل هذا الفريق حتى لا نقع في التعامل معه فهذا الفريق السيئ مهما قدمت له من وصل ومن خلق كريم ومن معاملة حسنة ومن معروف وحسن معاشرة فإنك لا تجد منه أي تفاعل نبيل يقابل تعاملك النبيل وهو غريب ومتناقض في تعاملاته كلها فأنت تصله في مرض ولا يصلك عند مرضك وتصله في فرح ولا يصلك في فرحك وتصله في أحزانه كلها ولا يصلك في أحزانك وتفرح له وتشاركه بكل أفراحه ولا يقدم لك أي مظهر من مظاهر الفرح عند أفراحك فهل هذا الفريق يستحق منك أن تقدم له كل هذا الاهتمام والتواصل والتقدير والاحترام
أيها الإخوة والأخوات علاقات الناس تنقسم إلى درجات مختلفة فهناك ذو رحم وهؤلاء لهم معاملة خاصة وطبيعة مختلفة تختلف عن كل العلاقات الأخرى فحتى أن قطعوا وجفوا فإن وصلهم أولى والدين قد بين حدود المعاملة في هذا الصدد ولكن هناك قريبا وصديقا ومن المعارف لا يندرجون تحت مظلة ذوي الرحم وعلينا ألا نعطيهم فوق ما يستحقون فالصالح والموقر والحشيم منهم يجب أن نبادله التوقير والحشمة وأن نبالغ في توقيره أما الذي ينتمي منهم إلى الفريق الذي نتحدث عنه وهو الفريق القطوع فهذا لا يستحق منا أي اهتمام لأنه فريق أناني يأخذ ولا يعطي ويريدك أن تمنحه كل وقتك وجهدك وفكرك ولحظات حياتك المهمة وهو لا يمنحك أي شيء ولا يشاركك في أي شيء لذلك أعتقد أن المبالغة في التواصل مع هذا الفريق نوع من السفه والعته والحمق
أيها الإخوة والأخوات نحن بشر لنا كيان ولنا مكانة وعلى كل واحد منا أن يعرف وأن يدرك جيدا مكانته وكيانه وأن يصون ذاته جيدا فنحن مأمورون بالحفاظ على عزة النفس وكرامتها فالغرباء من الناس لهم منزلة والأقربون لهم منزلة وذو الرحم لهم منزلة ويجب أن نتعاطى مع كل منزلة بما تستحق فالوصل المبالغ به أرى أنه من الخطأ والقطع المبالغ به أرى أنه من الخطأ كذلك فالتوسط بكل شيء أرى أنه هو الحكمة والصواب وعلى كل واحد منا أن يراعي نفسه وحياته الخاصة فمنح كل الوقت للناس يعد صورة من صور الإجحاف بحق النفس ومحيطها القريب فنحن معشر البشر يجب ألا نقيد كل حياتنا للبشر في الجانب الاجتماعي خصوصا فما يقوم به البعض من فرفرة ودوجة بين الناس وإعطاؤهم كل الوقت والتواصل معهم بشكل مبالغ به هو إهدار وضياع للعمر والوقت والجهد حتى أن البعض يبدو وكأنه موظف عند البشر لكنه بلا راتب وبلا قيمة ويصح عليه مصطلح موظف اجتماعي فإلى متى يهدر الإنسان الزمان هكذا
إلى متى تضيع بوصلة الأولويات في الأذهان؟فليصح كل واحد منا فكم ضحكنا وضحكنا للناس ولكن لم نر منهم من ضحك معنا ونحن في فرح وكم حزنا لحزن الناس ولم نر منهم من حزن معنا في حزننا وكم أعطينا وأعطينا من طيب المعاملة ولم نر منهم إلا سوء المعاملة وكم اهتممنا لهمومهم وهم لم يحملوا عنا هما واحدا فقط وكم وكم وكم فنحن وبكل أسف في زمن قل به أهل الفضل وأهل الفهم وأهل النقاء والصفاء والتقوى ولكن يبقى أهل الخير القلة هم نور الحياة وهم الأمل الذي يمنح النفس القوة حتى تستمر في العطاء والسمو نحو كل خلق سام وسوف نعاند النفس ونعاند الزمن ونستمر في كسب ثمار الخير مهما كان الحال ومهما كثر صنف اللئام وعديمي الفضل الذين يريدون منك كل شيء وهم لا يمنحونك أي شيء وفق الله الجميع لنهج حياة رشيد لقد أعطيت من حياتي الوقت الكثير للناس فلم أجد منهم قدر ما أعطيت
ولكن لو قدمت يوماً الخير لشخص واكتشفت متأخراً أنه لا يستحق ولن يحسن إليك يوماً مهما فعلت ولن يأتيك منه إلا كل شر ومضرة هل تعتقد أن خيرك ضائع ولا مكان له في هذه الدنيا ولا الآخرة حتى؟ هنا بالأصل القضية والملف تحولوا من الأرض إلى رب السماء والأرض هنا خيرك أراد الله أن لا يرده إليك على يد أشخاص سيئون لا يستحقون ومسيئون لك فمقامك أعلى وأرقى من أن يأتيك خيراً من هذه الأشكال لأنه يعلم ما بداخل نواياهم من شر غير مكشوف لك وقد يكشف متأخراً أراد أن يكشف لك إياهم في الوقت المناسب وبعد أن تعطين كثيراً حتى يمنحك الخير الذي تستحقيه أضعافاً مضاعفة بشكل آخر
منطقياً أيهما أفضل عطايا البشر أم عطايا رب البشر سبحانه؟أن يأتيك الخير على يد شخص هو عند الله غير جيد وليس من عباده الصالحين ومحروم من نعمة أن يكون قصة خير على كل إنسان يمر به أو يأتيك الخير ممن بيده الخير كله سبحانه
هنا حكمة الله لك في هذه الدنيا هو لا يريدك أن تمنحي خيراً لشخص يستاهل ويرده لك فهنا حسابك بات على يد بشر مثلك هو سبحانه يجعلك تقدم الخير لمن لا يستاهل ولا يستحق لأنه يريد هو سبحانه الخير هذا أن يتولاه هو بنفسه لك أنت ويخصك به هنا الله يريد لك الشيء الأفضل من النظرة المحدودة والقصيرة المدى التي تطالعين بها الأمور والأشخاص والدنيا بأسرها لايوجد خير في هذه الدنيا بالأصل يضيع حتى لمن تحسن إليهم ولا يستحقون أويقابلونه بالإساءةويجحدونك نحن لسنا ساذجين أو أغبياء عندما نكون طيبين جداً مع الغير ونمنحهم بلا مقابل حتى نحن عندما منحنا الخير لم نمنحه لأننا ننتظر الرد بل نعمل لآخرتنا وهم يعملون لدنيتهم وهنا الفرق
بالأصل علينا أن نقلق كثيراً عندما نرى كل خير عملناه لوجه الله يرد لنا في الدنيا وبنفس الوقت ونتساءل هل يارب العالمين تفعل ذلك كي لا تجازيني بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
هل لم تعد تحبني يالله ولم أعد من عبادك الصالحين فأصبحت ترد لي كل شيء أعمله وفوراً وكأنك تسدد رصيد حسابي في الدنيا حتى لا يكون بحسابي كنز مخبئ مذخور لاحقاً كالرصيد الاحتياطي
لنجعل شعارنا دائماً سيظل قلبي كما الشجرة تظلل الجميع حتى لمن أراد قطعها مهما رماها الآخرون بأحجار الإساءة سترمي عليهم أجمل ثمارها وابتساماتها الطيبة ليست سذاجة بل الساذج حقاً من لا يدرك بواطن الأمور ولا يفقه لأسرار هذا الكون الطيبة من صفات المؤمن القوي ومن علامات الإيمان وباب للتقرب إلى الله سبحانه لا يهم كم منحت وبالمقابل كم إساءة بسبب هذا المنح حصلت المهم كم حسنة حصدت وكم سيئة من رصيدك مسحت وكم سوء قدر بسبب عملك للخير به دفعت وأبعدت افعل خيراً وارمه بحراً سترده لك أمواج الزمن يوماً أضعافاً مضاعفة

التعليقات مغلقة.