مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

انور ابو الخير يكتب :” الخوف من المجهول “

5

 

قد يهمك ايضاً:

انور ابو الخير يكتب: لماذا يخدعوننا ؟!

الحج ركن من أركان الاسلام

ان الانسان في هذا الزمان يعيش لحظات قلق وخوف على حياته بكل ما فيها شبابه وعمله ودراسته واهله واولاده يخاف ان يغدر الزمن به لان تجارب من سبقوه تقول ان دوام الحال من المحال فيصل الليل بالنهار لتأمين حياته ومستقبله سواء كان هذا الانسان بسيطا او صاحب سطوة او مركز فهو يحاول تأمين مستقبله حسب الامكانات المتوافرة خوفا علي حياتة التي
أصبحت الهموم فيها مؤخرا جزأ لا يتجزأ من روتين حياتنافلم يعد بإمكاننا السيطرة على هذه الهموم وهذا ما حرمنا من مشاعر السعادةوالفرح لتصبح أيامنا متشابهةمملة لا معنى لها ولا قيمة وأصبح معنى الحياة قاس ورهيب لدرجة تعجزنا عن تصوره ولا حتى التعايش معه لذلك نكون دائماً في حاجة لأوهام تواسينا وتخفف عنا هذا العبء ولا أستطيع أن أرى هذا بوضوح في وطني الذي أصبح كل شيء فيه مؤلماً أن تكون هلكت فهذا شيء مؤلم وأن تكون ناجياً فهذا شيء أكثر ألماً أن تكون مهدداً بالفناء في وطنك أن تكون الراكض لكل أرض المقذوف في قعر الجحيم الواقف خلف كل باب وطارق لكل نافذة طالباً قوتك وكرامة لك أمام أطفالك وأن يكون في كل بيت قطعة من الروح مفقودة فليس بالإرهاب فقط نفقد الأرواح فالهموم أيضاً تحملنا للسماء غابة محاطة بالخوف مليئة بأشجار مرتعدة تبحث لك عن موطئ قدم في أرض تاريخك وتاريخ أجددك تتمسك بشخصيتك العتيقة كعمر الفخار وسخاء القمح
نحن نحتاج إلى درجة قصوى من الأوهام لنجمل المشهد وأن نتخيل مستقبلاً أفضل لنا و لأجيال من بعدنا نحتاج إلى جهد
مضن لكي نطمس ذكرياتنا المحزنة ولتتحول إلى سطر مشطوب في حياتنا كل هذا حتى نستطيع أن نعيش يوماً إضافياً وأن يمر الزمن علينا بشكل ما
لم يتبق لنا إلا الذكريات وزخم مشاعر وفوضى أفكار في جسد جميل ذابل وأرواح جسورة أنهكها الزمن وفقدت ذروتها و ضحكات جميلة توترت في منتصفها والابتسامة قطعها الخوف وأيام الطمأنينة رحلت دون أن يلاحظها أحد
وظهرت الكآبة ولاحقت الناس في أزمنة يفترض أن تكون هي الجميلة والأمل لم يتبق ما يرجى قدومه وخسر الشجعان أرواحهم وقامروا بحيوات عظيمة من أجل أفكار شديدة السخافة لكل رثائي فاتن أخذه الجهل لكل أم لطمت وكل حبيبة كسرت وكل طفل يتم في وطني امتلأت أيامنا بالحزن المتنقل من بيت لآخر واتخذناه بديلاً للحب والفرح
لقد تغيرنا لنصبح أكثر شراسة وافتراساً لبعضنا البعض أكثر رضوخاً للآخر على مرمى الأرض تغيرنا كي نستطيع أن نعيش في ظل إدراكنا الجديد للعالم تغيرت صورتنا الحالمة عن أنفسنا لصورة أخرى ربما لا نود أن نراها ولا أن نعترف بإمكانية وجودها فينا رفضنا لقسوة واقعنا يعني أن نستخدم المزيد والمزيد من الخيال والأوهام التي تبعدنا عن واقع الحياة ومعناها الحقيقي فنعيش كالبلهاء في دروب العالم ننصدم كل يوم بكل شيء ونستجدي المساعدة ونبكي على ما كان يجب أن يحدث ولكنه لن يحدث أبداً
لم يتبق لنا إلاأن نحقق انتصاراتنا الصغيرة ونتذوق طعم الهزائم بلذة مرار القهوة ونعيد ذاك الحزن الدفين الجميل أو أن نجعل قلوبنا محكومة بالأمل بالحب فهو وحده من يستحق العناء ولتبقى علاقاتنا بالإنسانية منتصبة حين يقع كل شيء
فالحياة لا تخلو من الابتلاءات والمحن فلا يخفى على أحد أن الحياة الدنيا مليئة بالمصائب والهموم والبلاء وأن كل مؤمن ومؤمنة عرضة لكثير منها فمرة يبتلى بنفسه ومرة يبتلي بماله ومرة يبتلى بحبيبه وهكذا تقلب عليه الأقدار فتراه مابين حال وحال بين عشية وضحاها)
وقال الله تعالى
(( أَحَسِبَ الناسُ أَن يُترَكُوا أَن يَقُولُوا ءامَنا وَهُم لاَ يُفتَنُونَ))
ورغم إدراك الجميع أننا لا نملك المستقبل ولا علم لدينا بما يحمله من أحداث إلا أن الانسان لا يتوقف عن ربط الظروف الراهنة بالمستقبل ويتجاهل تماماً أن الأقدار تحمل معها الكثير من المفاجآت والتغيرات الجذرية حيناً والجزئية حيناً آخر والانسان بطبعه عجول ويطلق الأحكام سريعاً فيغلبه الحزن والتشاؤم بسبب مجريات سلبية تحدث في الوقت الحاضر والحقيقة الواضحة أن الواقع يتغير ولا يدوم إلا الله عز وجل فعليك الأخذ بالأسباب والسعي الجاد للتطور نحو الأفضل واجتهادك لا بد أن يعود عليك بالنفع ولكن السر يكمن في بركة الله وتوفيقه فكن من أهل الله وتوكل عليه بقلب نقي مطمئن لرحمته وانطلق في مسيرتك نحو مستقبل أفضل ولتكن إرادتك حديدية وطاقتك مشحونة دائماً بالتفاؤل وحسن الظن بالله فلم الجزع والتسخط من امر الله تعالى وكل شيء مقسوم إن الله تعالى قسم بين الناس معايشهم وآجالهم
قال تعالى
((نَحنُ قَسَمنَا بَينَهُم معِيشَتَهُم في الحَياةِ الدنيَا))
فالرزق مقسوم والأجل مقسوم والسعادة مقسومة وكل شيء في هذه الحياة مقسوم فما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك
والله ما لك غير الله مـن أحد فحسبك الله فإذا شعرت بمتاعب الحياة تضغطك بهمومها وتعصر قلبك بآلامها فلا تحزن إنه الله يريد أن يخرج أحلى ما فيك ايمانك وصبرك على الابتلاءات

التعليقات مغلقة.