مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

المصادر الأولية للطاقة فى العالم – الطاقة الشمسية

0

بقلم – الدكتور على عبد النبى:

الطاقة الشمسية استطاع الانسان الاستفادة من ضوء وحرارة الشمس منذ العصور القديمة، بل واستطاع خلال هذه السنوات الطويلة فى استحداث تكنولوجيات مختلفة للإستفادة من الطاقة الشمسية فى مختلف أنشطة حياته، ومنها توليد الكهرباء والتدفئة والتبريد وتحلية المياه والطبخ.

الطاقة الشمسية هى متجددة وغير ملوثة ومتاحة على الأرض، وتوفر إمدادات غير محدودة وثابتة عبر الزمن.

والطاقة الشمسية هى أيضا مصدر للطاقة الخضراء لأنها لا تصدر عنها ملوثات أثناء عملية إنتاج الطاقة.

وبساطة تكنولوجيات الطاقة الشمسية تجعلها مثالية للاستخدام فى المناطق الريفية أو المناطق التى يصعب الوصول إليها والمعزولة عن الشبكة.

الطاقة الشمسية هى أيضا مفيدة لتوليد الكهرباء بقدرات كبيرة من خلال محطات توليد ويتم ربطها على الشبكة، وخاصة في المناطق التى تتوفر فيها الشمس لساعات طويلة من السنة.

الطاقة الشمسية مثل الرياح متقطعة وتعتمد بشكل مباشر على الطقس، إلا أن التقدم السريع في تكنولوجيات تخزين الكهرباء يقلل من هذه التبعية وسيؤدى إلى زيادة حصة الطاقة الشمسية فى نظام الطاقة.

كمية الطاقة الشمسية التى تقع على سطح الأرض فى ساعة واحدة أكثر مما يستخدمه جميع البشر من طاقة فى عام واحد.

وهذا يؤكد حقيقة أن الشمس هى مصدر الطاقة الأكثر وفرة في العالم بأسره وأنه يمكن أن يكون في يوم من الأيام مصدر الطاقة الأكثر اعتمادا.

الطاقة الشمسية التى تسقط على المتر المربع من سطح الأرض تحت السماء الصافية حوالى 1000 وات.

لكننا نجد أن معظم سكان العالم يعيشون فى المناطق التى توجد فيها مستويات إشعاع شمسى من 150-300 وات لكل متر مربع.

وبالرغم من التطور التكنولوجى فى مجال الطاقة الشمسية، لكننا نجد ان الإنسان لم يستطع الاستفادة الكاملة من الطاقة الشمسية المتاحة على الأرض، فهو يستخدم جزء صغير من هذه الطاقة.

على جميع مستويات التطوير لأنظمة الطاقة الشمسية، سواء كانت مشاريع ضخمة أو أنظمة طاقة شمسية صغيرة الحجم، تحتاج الحسابات اللازمة لهذا التطوير إلى بيانات عن الإشعاع الشمسى.

من خلال أطلس الطاقة الشمسية العالمى، أصبحت بيانات الموارد من الإشعاع الشمسى متوفرة ومتاحة الآن على مستوى العالم وبدقة عالية، بما فى ذلك الإشعاع الأفقى العالمى global horizontal irradiation GHI والإشعاع الطبيعى المباشر direct normal irradiation DNI . التكنولوجيات المستخدمة فى الاستفادة من الطاقة الشمسية إما تكون سلبية passive solar، وإما تكون نشطة active solar، وذلك اعتمادا على طريقة التقاط وتحويل وتوزيع ضوء وحرارة الشمس.

التكنولوجيات السلبية تستخدم خامات ومواد من البيئة أو مصنعة خصيصا لتشتيت ضوء الشمس أو التقاط حرارة الشمس والاحتفاظ بها، ثم يأتى دور المهندس فى تصميم المبنى ليستطيع جمع وتخزين وتوزيع طاقة الشمس الحرارية على كامل المبنى، ليصبح طبيعى التدفئة وطبيعى التهوية والإضاءة، وبدون الإحتياج الى أجهزة تكييف ولا الى اجهزة اضاءة خلال فترة النهار.

التكنولوجيات النشطة هى التى تستخدم معدات كهربائية وميكانيكية للاستفادة من الطاقة الشمسية.

وهناك نظامان يستخدمان التكنولوجيات النشطة: النظام الأول، يستخدم التكنولوجيات المختلفة فى تسخير الطاقة الشمسية لخدمة الإنسان فى حياته اليومية، ومنها:

• أنظمة التدفئة heating systems، وهى التى تجمع طاقة حرارة الشمس لتوفير الماء الساخن وتكييف الهواء للمبانى السكنية والتجارية والصناعية، حيث توضع المعدات ومنها السخانات الشمسية على أسطح المبانى أو بجوارها، وكذا سخانات حمامات السباحة، كما تستخدم فى تجفيف المحاصيل.

• أنظمة التبريد cooling systems، من خلال التبخر والتكثيف حيث تقوم حرارة الشمس بعملية تبخير سائل التبريد ويمتص الحرارة ويبرد المناطق المحيطة.

• أنظمة الطاقة الشمسية الحرارية المركزة concentrating solar thermal power، وهى تستخدم المرايا وأنظمة التتبع لتركيز ضوء الشمس من منطقة كبيرة إلى حزمة صغيرة مركزة. ثم يتم استخدام الحرارة المركزة كمصدر حرارة لتحلية المياه.

كما تستخدم كمصدر حرارة لطهى الطعام أو تسخين الطعام أو تحميصه أو الخبيز أو بسترة الطعام والمشروبات.

النظام الثانى، يستخدم التكنولوجيات المختلفة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، وتنقسم الى أنظمة الخلايا الكهروضوئية  photovoltaics، التى تحول ضوء الشمس مباشرة إلى كهرباء، وأنظمة الطاقة الشمسية المركزة concentrating solar power، والتى تستخدم المرايا وأنظمة التتبع لتركيز حرارة الشمس واستخدامها فى توليد الكهرباء.

أولا، أنظمة الخلايا الكهروضوئية photovoltaics، والتى يشار إليها باسم PV، وتسمى أيضا الخلايا الشمسية Solar cells، تحول ضوء الشمس – بما فى ذلك أشعة الشمس فوق البنفسجية – مباشرة إلى كهرباء.

هناك بعض المواد ومنها أشباه الموصلات تتأثر بالضوء، بحيث أن فوتونات الضوء الخفيفة تثير الإلكترونات داخل هذه المواد، مما يحثها على البدء في التدفق وينتج عن ذلك سيل من الالكترونيات مكونا تيارا كهربيا، وهو ما يسمى “التأثير الكهروضوئى”، والمادة الأكثر شيوعا فى إنتاج الخلايا الشمسية هى مادة السيليكون النقى.

والخلايا الشمسية تنتج تيار مستمر DC، ويبلغ ذروة إنتاج الخلايا الشمسية من الطاقة الكهربائية فى منتصف النهار عندما تكون الشمس فى أعلى نقطة فى السماء مع طقس صحو.

1. خلايا السيليكون، يتم تصنيعها من مادة السيليكون النقى، وأهم أنواعها:

• خلايا السيليكون احادية البلورية، تتراوح كفاءة تحويل ضوء الشمس إلى كهرباء من 15% الى 20%، ولكن تكاليف تصنيعها أعلى.

تأخذ أقل مساحة ممكنة مقارنة من أى أنواع أخرى.

تنتج ما يصل إلى أربعة أضعاف كمية الكهرباء التي تنتجها الألواح الشمسية ذات الأغشية الرقيقة. تعيش أطول لمدة 25 عامًا.

قد يهمك ايضاً:

أحمد سلام يكتب نزار قباني في ذكراه

خيبة الأمل وتأثيرها على الشخص 

تعطى أداء أفضل من خلايا السيليكون متعددة البلورات في ظروف الإضاءة المنخفضة.

• خلايا السيليكون متعددة البلورات، تعتبر أقل كفاءة فى تحويل ضوء الشمس إلى كهرباء من 13% الى 16%،عمليات تصنيعها أقل تعقيدا، لكن تكاليف تصنيعها أقل.

وتحتاج مساحة أكبر لإخراج نفس الطاقة الكهربائية التى تنتجها خلايا السيليكون أحادى البلورية. السبب الرئيسى وراء قصور كفاءة الخلايا السيليكونية، هو انخفاض قدرتها على امتصاص نسبة عالية من فوتونات الطيف الشمسى، حيث لا تتجاوز نسبة الامتصاص عن 20%، مما يعنى فقدان كم هائل من الفوتونات الضوئية وعدم الاستفادة منها فى عملية تحويل الضوء إلى طاقة كهربائية.

2. خلايا الأغشية الرقيقة، والتى يتم تصنيعها من ترسيب طبقات رقيقة للغاية من المواد شبه الموصلة مثل السيليكون غير المتبلور وتيلوريد الكادميوم على ركائز مرنة، وعادة ما تكون خلايا الأغشية الرقيقة أقل كفاءة، ولكنها يمكن أن تكون أبسط وأقل تكلفة فى التصنيع، وأهم أنواعها هى:

• خلايا سيليكون غير متبلور(a-Si)، نظرا لأن مخرجات الطاقة الكهربائية منخفضة، فإن هذا النوع من الخلايا لم تستخدم إلا فى التطبيقات صغيرة الحجم مثل الآلات الحاسبة. باستخدام تكنولوجيا “التراص” فى تصنيعها وهو باهظ الثمن، يمكن الجمع بين عدة طبقات من هذه الخلايا، مما يؤدى إلى معدلات كفاءة أعلى، عادة الكفاءة حوالى 6-8٪.

• خلايا تيلوريد الكادميوم CdTe، هى تقنية الألواح الشمسية الوحيدة ذات الأغشية الرقيقة التي تفوقت فى الكفاءة والتكلفة عن الألواح الشمسية السيليكونية البلورية فى جزء كبير من السوق. كفاءة الألواح الشمسية القائمة على تيلوريد الكادميوم عادة ما تعمل فى نطاق 9-11٪.

• خلايا سيلينيد نحاس إنديوم جاليوم CIGS، عبارة عن مادة شبه موصلة تتألف من السيلينيوم، والنحاس، والجاليوم، والانديوم. تحتوى هذه الخلايا على كميات أقل من مادة الكادميوم السامة الموجودة في خلايا تيلوريد الكادميوم CdTe، ومعدلات الكفاءة فى حدود 10-12 ٪. 3.

خلايا الأغشية الرقيقة من الجيل الثالث، والتى تستخدم أشباه الموصلات من المجموعة الثالثة والخامسة من الجدول الدورى، وتمتاز بالكفاءة العالية، ومن خلال تقليل محتوى مادة أشباه الموصلات، فهى تمثل طريقا لخفض تكلفة تصنيع الأغشية الرقيقة عالية الأداء. وهى تمتاز بخفة الوزن وتستخدم فى التطبيقات على الأرض وفى الفضاء، فهى تستخدم لإمدادات الطاقة الكهربائية للأقمار الصناعية.

4. خلايا النانو، الخلايا الشمسية الحالية ليست جيدة فى تحويل الضوء المرئى إلى طاقة كهربائية، حيث أن أفضل كفاءة لا تتعدى 20٪.

كما يتم تبديد جزء من الطاقة الشمسية الساقطة -الضوء فوق البنفسجى- فى الخلايا الكهروضوئية على شكل طاقة حرارية لا يتم الاستفادة منها.

يتم تطبيق تكنولوجيا النانو فى مجال الخلايا الشمسية عن طريق وضع غشاء رقيق للغاية من دقائق السيليكون المجهرية فى داخل الخلايا الشمسية السيليكونية، وذلك لزيادة كفاءة الألواح الشمسية في إمتصاص أطوال الموجات المختلفة من الضوء، وهذا ما يميزها عن غيرها من الخلايا الاعتيادية.

ومع زيادة درجات حرارة الأشعة الشمسية يكون الطول الموجى للضوء أقصر.

خلايا النانو يمكن ضبطها لتمتص أطوال موجات مختلفة من الضوء.

فهى تستطيع امتصاص مدى واسع من موجات الضوء، وهذا يزيد من كفاءة الخلية لأنه يمكن أن يستفاد بشكل أكبر من الضوء الساقط. فهى تمتص الفوتونات ذات الطاقة العالية، وتمتص كذلك الفوتونات ذات الطاقة المنخفضة. وتزداد الطاقة التحويلية لتلك الخلايا بشكل كبير تزيد عن 60% على نطاق الأشعة فوق البنفسجية وبنسبة تصل إلى 10% على نطاق الضوء المرئى، وترفع معدل تحويل الطاقة للخلايا الشمسية إلى 40٪ على الأقل.

ثانيا، أنظمة الطاقة الشمسية المركزة concentrating solar power، تستخدم المرايا لتركيز الطاقة الحرارية للشمس لتوليد الكهرباء. فهى تتطلب موارد شمسية قوية جدا، وخاصة فى المناطق التى لا تتواجد فيها الغيوم والضباب والتى تكون فيها أشعة الشمس المباشرة أكثر كثافة.

من أشهر تكنولوجيات أنظمة الطاقة الشمسية المركزة تجاريا، هى أحواض القطع المكافئ Parabolic Troughs وأبراج الطاقة Power Towers وتسمى مركزات خطية. كما أن هناك تكنولوجيات أخرى من أنظمة الطاقة الشمسية المركزة، مثل عاكس فريسنل الخطى Compact Linear Fresnel Reflector CLFR، ومحرك الطبقDish Engine.

• حوض القطع المكافئ، عبارة عن مرآه طويلة مستطيلة منحنية على شكل حرف U. هذه المرأة تركز حرارة الشمس على أنبوبة تمتد موازية للمرآة وعلى طول الخط البؤرى. أشعة الشمس المنعكسة تسخن السائل المتدفق عبر الأنبوب مثل الزيت.

تصل درجة حرارة الزيت حوالى 300 درجة مئوية، وتستخدم حرارة الزيت فى انتاج بخار ماء فى مولد البخار، والذى بدوره يدير التوربينة الكهربائية.

•أبراج الطاقة، تستخدم حقول من المرايا لتركيز ضوء الشمس على خزان به أملاح منصهرة متواجدة أعلى البرج.

تتولد حرارة شديدة فى الأملاح المنصهرة، ومنها ملح النترات المصهور بسبب قدرته العالية فى نقل الحرارة وتخزين الطاقة.

وتستخدم الحرارة الملح المنصهر فى توليد البخار فى مولد البخار، والذى بدوره يدير التوربينة الكهربائية. الملح المنصهر يمكن تخزينه وحفظه ساخنا لعدة ساعات، ويتيح هذا التخزين الى تمديد ساعات توليد الكهرباء لبضع ساعات قبل شروق الشمس وبعد غروبها وأثناء تواجد الغيوم ، مما يقلل من فترة انقطاع الكهرباء، فيكون من الأسهل دمج كهرباء هذه المحطات فى شبكة الكهرباء العمومية.

فى الفترة بين عام 2010 وعام 2017 انخفضت تكلفة الكهرباء من الطاقة الشمسية الكهروضوئية بنسبة 73٪.

وهذه التخفيضات فى التكاليف أدت الى زيادة نموها بمقدار 32٪ فى عام 2017. على مستوى دول العالم تم إضافة حوالى 91.1 جيجاوات من الطاقة الشمسية الضوئية فى عام 2017، وكانت الصين فى مقدمة الدول بمقدار 53 جيجاوات.

وقد بلغ مجموع القدرات الكهربائية المولدة من الطاقة الشمسية الكهروضوئية فى نهاية عام 2017 على مستوى العالم ما مقداره 415 جيجاوات. وعلى مستوى بعض الدول نجد أن الصين فى المقدمة بقدرات 131.1 جيجاوات، والولايات المتحدة 51 جيجاوات، واليابان 49 جيجاوات، والمانيا 42.4 جيجاوات، وايطاليا 19.7 جيجاوات، والهند 18.3 جيجاوات، وانجلترا 12.7 جيجاوات، وفرنسا 8 جيجاوات، واستراليا 7.2 جيجاوات، واسبانيا 5.6 جيجاوات.

بلغت الزيادة فى قدرات توليد الكهرباء من أنظمة الطاقة الشمسية المركزة عام 2017 ما مقداره 2.3٪.

وهى تعتبر زيادة طفيفة بسبب عدم تنفيذ العديد من المشاريع، بما فى ذلك مشاريع المغرب وهى محطة “نور-2” – بقدرة 200 ميجاوات – وهى تعمل بنظام حوض القطع المكافئ وعدد ساعات تخزين لحرارة الشمس 6.5 ساعة، ومحطة “نور-3” – بقدرة 150 ميجاوات – وهى تعمل بنظام أبراج الطاقة وعدد ساعات تخزين لحرارة الشمس 7.5 ساعة، وارتفاع البرج 250 متر. وغيرها من المشاريع في جنوب أفريقيا والصين، والتى من المتوقع أن يتم تشغيلها قبل نهاية عام 2018.

وبذلك فقد بلغ مجموع القدرات الكهربائية المولدة من أنظمة الطاقة الشمسية المركزة على مستوى العالم فى نهاية عام 2017 ما مقداره 5133 ميجاوات.

الطاقة المتجددة أصبحت الآن هى الحل للدول التى تسعى إلى دعم نموها الاقتصادى وخلق فرص عمل جديدة، كما تعتبر الحل للدول المتقدمة التى تسعى إلى التوسع فى مجال الطاقة مع الحد من انبعاثات الكربون وتلوث الهواء وتحسين أمن الطاقة.

والمؤشرات الإحصائية تؤكد أن التحول العالمى الى الطاقة المتجددة مستمر فى النمو بوتيرة سريعة، وهو راجع الى التحسينات التكنولوجية وهبوط الأسعار السريع.

اترك رد