القدس… مدينة السلام …حلقة (3)

بقلم دكتور -هشام فخر الدين:

لا شك أن التتبع التاريخى لمدينة القدس يؤكد ما حظيت به وما زالت، بمكانة عظيمة في التاريخ الإنساني، وما تميزت بخصوصية الزمان والمكان.
واستكمالاً لحلقاتها في التاريخ المعاصر نجد تعرض القدس للاحتلال البريطاني الصليبي في25صفر 1336 هـ / 9 ديسمبر1917م، فقد شكلت مدينة القدس محور اهتمام سياسات الدول العظمى وعلى رأسها بريطانيا حتى قبل قيام الدولة الصهيونية على أرض القدس عام 1948. فقد كان لبريطانيا دور محوري وقيادي في تحالفها مع المشروع الإستيطاني الصهيوني لأرض فلسطين ودرتها مدينتها المقدسة، انطلاقا من أفكار ومفاهيم ثقافية وروحية وسياسية. خلال القرن التاسع عشر، حيث ارتدت القوى الإستعمارية الأوربية أقنعة دينية وأخلاقية وثقافية لتحقيق مجمل توجهاتها السياسية للسيطرة على القدس، وقد اندفعت بريطانيا لتتحالف مع حركة الإستعمار الإستيطاني اليهودي، وذلك انطلاقاً من مبادئ وأفكار كانت راسخة في وجدانهم البروتستانتي. وقد تم تجسيد هذا التحالف على أرض الواقع قبيل نهاية الحرب العالمية الأولى بمنح بريطانيا وعد بلفور عام 1917، والقاضي بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
ومنذ ذلك الوقت كانت بداية المشروع الصهيوني لتهويد القدس برعاية بريطانيا، وصولاً إلى عام1367هـ/ 1948م عندما احتل الكيان الصهيوني غالبية فلسطين التاريخية (حوالي 78% من مساحة فلسطين)، واحتل أيضاً الشطر الغربي من القدس والتي تشكل 84% من مساحة القدس الإجمالية.
إلا أن أصبح شرق القدس تحت الحكم الأردني منذ1367هـ/ 1948م حتى تاريخ احتلالها في1387هـ/1967م حين تعرضت للاحتلال اليهودي بعد حرب حزيران1967م. ومنذ ذلك التاريخ بدأ التهويد في خطواته الإجرامية، حيث تم هدم حارة المغاربة المجاورة لحائط البراق والتي كانت تضم أكثر من مائة وثلاثين بيتاً ومسجدين، وبدأ مسلسل لا ينتهي من هدم البيوت والحفريات والمصادرة للبطاقات المقدسية وبناء جدار الفصل العنصري. .
ويعد ذلك انتهاكاً لحرمتها من جانب المحتل الصهيوني بهيكله المزعوم، فتعرض المسجد الأقصى للحرق والتدنيس أكثر من مرة، وتتعرض قبة الصخرة لأعمال الحفر والتخريب والهدم؛ وذلك من أجل العثور على شيءٍ يزعمون وجوده لإثبات ملكيتهم للقدس والأراضي الفلسطينية، ولمسح تاريخ القدس وفلسطين الثقافي، والحضاري، وقام المحتل بتقسيم القدس إلى شرقية وغربية، وأعلنوها عاصمةً لهم.