مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

الثقافة والصحة النفسية … (2)

8

بقلم دكتور -هشام فخر الدين:

قد يهمك ايضاً:

لا شك أنه مازالت فكرة الذهاب الى الطبيب النفسى مرفوضة في الكثير من المجتمعات، بل ويعد خرقاً للعادات والتقاليد وضرباً من الجنون، على الرغم من أننا في عالم الغالبية العظمى من سكانه مرضى نفسيين. ويصل الأمر إلى وصم صاحبه بالجنون والرفض المجتمعى له. الأمر الذى يصل بالبعض إلى أن مجرد الإعتراف بأن لديه قلق أو اضطراب يعد سبة ووصمة عار على الرغم من التغييرات الحادثة في العالم والتطور التكنولوجى والمعلوماتى إلا أن تمسكنا ببعض العادات القاتلة مازال مستمراً.
حيث تلعب المعايير الثقافية والتوقعات الاجتماعية، دوراً في تحديد اضطرابات الصحة النفسية والعقلية. ولا يوجد مقياس عبر الثقافات لتحديد ما إذا كان السلوك طبيعياً أو متى يصبح مدمراً، معطلاً، تخريبياً، مضطرباً. فما قد يكون طبيعياً في مجتمع ما قد يكون سبباً للقلق في مجتمع آخر.
فالثقافة هي كل مركب من المعارف البشرية، بما في ذلك العادات والتقاليد والأعراف، والعقائد، والأخلاق، والقوانين، وكل ما يكتسبه الإنسان من المجتمع الذي يعيش فيه، وبذلك يمكن أن تكون الثقافة لدى شعب معين هي كل ما يرتبط بأسلوب معيشته الاجتماعي، والفكري، والمادي أيضاً، وليس فقط الإنتاج الفنيّ والأدبي المرتبطين بفئة محدودة للغاية من فئات المجتمع.
وتشير الصحة النفسية العقلية إلى سلامة الأفكار، والسلوك، وكذلك صحة الحالة النفسية، وعادة ما يستخدم هذا المصطلح للإشارة إلى غياب أي اضطراب أو مرض عقلي.
وقد تؤثر الصحة العقلية في الحياة اليومية، والعلاقات، والصحة الجسدية. وبالعكس قد تؤثر الظروف الخارجية كالعلاقات الشخصية، والحياة اليومية، والصحة الجسدية في صحة العقل.
وقد يؤثر التوتر والقلق والإكتئاب في الصحة العقلية بشكل كبير. كما أن الوصول إلى التوازن النفسي، والجسدي مع مؤثرات الحياة له دور كبير في الحفاظ على الصحة العقلية، ومن ثم الاستمتاع في الحياة.
فعلى الرغم من التطور الثقافى حول الصحة النفسية وأهمية الحفاظ عليها، إلا أن الغالبية العظمى لا يطلبون أو يسعون للحصول على علاج نفسى. مما ينجم عنه نتائج غالباً ما تكون مدمرة، إذ أن ذلك يفضي إلى معاناة المصاب نفسياً وإصابته بالأمراض العضوية، والفشل في شتى جوانب الحياة.
والأسوأ من ذلك فإن عدم علاج الإضطرابات النفسية قد يؤدي إلى وفاة المصاب، سواء انتحاراً أو من شدة الأعراض العضوية والسلوكيات النفسية الخطرة الناجمة عنه، والتي تتضمن الإمتناع عن تناول الطعام وإيذاء النفس المتعمد.
فعلى سبيل المثال، قامت منظمة الصحة العالمية بتصنف الإكتئاب بأنه واحد من أكثر الأمراض تعطيلاً للفرد عن ممارسة حياته وواجباته وأنشطته اليومية.مقارنة بمن يخضع للعلاج النفسى فإن نحو 70% ممن يحصلون عليه يتحسنون خلال أسابيع قليلة على الأغلب.
فالصحة النفسية والعقلية هي الصحة العامة لكيفية تفكيرك وتنظيم مشاعرك وتصرفاتك. وقد يتعرض الأشخاص في بعض الأحيان لإضطرابات كبيرة في الوظائف العقلية. فقد يكون هناك اضطراب عقلي عندما تتسبب الأنماط أو التغييرات في التفكير أو الشعور أو التصرف في اضطراب أو تعطيل قدرة الشخص على العمل. قد يؤثر اضطراب الصحة العقلية على مدى الحفاظ على العلاقات الشخصية أو العائلية. وعلى ردود الأفعال في المواقف الاجتماعية، وكذلك على الأداء في العمل أو المدرسة، وعلى التعلم بالمستوى المتوقع لعمرك وذكائك، فضلاً على المشاركة في الأنشطة المهمة الأخرى.
ويعتبر كثير من الأشخاص الذين لديهم اضطرابات صحية عقلية علاماتهم وأعراضهم جزءًا طبيعيًّا من الحياة أو يتجنبون العلاج بسبب الشعور بالخجل أو الخوف. إذا كنت قلِقاً بشأن صحتكَ النفسية والعقلية، فلا تتردد في طلب النصيحة. وذلك بالذهاب إلى الطبيب النفسى دون تراجع لعزيمة وإصرار لتلقى العلاج والاستشارة اللازمة.

 

 

التعليقات مغلقة.