مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أنور ابو الخير يكتب : في غمرة أعياد الميلاد غزة تباد

24

 

 

 

قد يهمك ايضاً:

أحمد سلام يكتب بين السطور

حازم مهني يكتب..3 مايو عيد الصحافة العالمي 

لقد صادف وجودي في احتفالات عيد الميلاد وقعت عيني على شجرة الميلاد المرصعة بالمصابيح و رأيت الناس مثل السكارى وفي عجلة من أمرهم وكأنهم إلى نصب يوفيضون
فقلت في نفسي أي احتفال بميلاد المسيح وجزء من الأرض التي ولد فيها ذات يوم تباد عن بكرة أبيها وتدمر فيها البيوت عن رؤوس ساكنيها لا فرق بين صبي لم يبلغ الحلم ولا طفلة بريئة مقبلة على الحياة تمني نفسها بحلم كحلم أقرانها هناك في الضفة الأخرى وأي احتفال بعيد الميلاد والتعاليم التي ناضل من أجلها المسيح عليه السلام تخرقها عصابات بني صهيون جهارا نهارا وأي احتفال بعيد الميلاد والحرب على الإنسان وعلى الحيوان متواصلة ومن دون هوادة في غزة والضفة الغربية وأي احتفال بعيد الميلاد ولعب الأطفال آخر ما تبقى على أطلال البيوت المهدمة شاهدا على الجريمة في حق الإنسانية وأي احتفال بعيد الميلاد والعالم يحبس أنفاسه أمام طول أمد العدوان على المدنيين الآمنين في غزة بحجة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها تلك الأنشودة النشاز التي يرددها الصهاينة ويصدقها بعض الرعاع ممن باعوا أنفسهم للشيطان وباعوا ضمائرهم في سوق النخاسة بأبخس الأثمان وأي احتفال بعيد الميلاد ونشوة الاحتفال قد غيبتها رائحة الموت التي تزكم الأنوف وأي احتفال بعيد الميلاد ولم يعد للحياة الإنسانية طعم ولا للروح الإنسانية قيمة في عالم تجرد من كل القيم وأي احتفال بعيد الميلاد والناس يمسون ويصبحون على قنابل هنا وهناك مما يتجاوز في فضاعته ما قرأنا عنه في أرشيف الحرب العالمية الأولى والثانية وأي احتفال بعيد الميلاد وشموع الميلاد هذه السنة تضيىء على استحياء حياء مما يفعله من يتباهون بأنهم ورثة تعاليم موسى وعدل داوود وحكمة سليمان وأي احتفال بعيد الميلاد وقد عدنا إلى الجاهلية الأولى التي بادت من زمان ثم عادت في هذا الزمان في صورة أكثر قبحا وأشد جرم وأي احتفال بعيد الميلاد الذي توزع فيه الهدايا المتنوعة على الأطفال وهدايا أطفال غزة قنبلة أو صاروخ يمزق أجسادهم ويغتال أحلامهم وأي احتفال بعيد الميلاد وقد تحولت غزة إلى أطلال يصفر فيها الريح وتسكنها الأشباح وأي احتفال بعيد الميلاد ورائحة الموت قد أصبحت بديلة عن رائحة الميرون وأي احتفال بعيد الميلاد وقد نسي العالم الحر كل الأساطير التي تحدثت عنها الكتب عن شيء اسمه كرامة الإنسان وأي احتفال بعيد الميلاد وشماريخ العيد قد استبدلت بالصورايخ التي تدك الأفنية والأضرحة لا تفرق بين الأحياء والأموات، فالكل عندها مستباح وأي احتفال بعيد الميلاد وقد داس الصهاينة المحتلون على مبادىء حقوق الإنسان وأي احتفال بعيد الميلاد والرجل السوي الذي كان يسعى إلى المسجد وإلى الكنيسة قد بترت رجلاه في عملية يسميها نتنياهو تطهير غزة من حماس وإعادة النظام إلى قطاع غاب فيه النظام وهيمنت عليه الفوضى وطوقته من أركانه الأربعة
شعب يباد وعالم في غمرة الأعياد يتفرج على مشاهد القتلى والجرحى والثكالى واليتامى وكأنه يتابع مسلسلا وثائقيا على الشاشات وهو في الحقيقة مشهد واقعي على الساحات يراه كل ذي عينين ويسمعه كل إنسان إلا من ضرب الله على آذانهم وطمس على أعينهم وختم على قلوبهم
شعب يباد وعالم في غمرة الأعياد ينتظر ساعة الصفر ليستقبل عاما جديدا في حين أهل غزة ينتظرون صفارات الإنذار التي تنذر باقتراب فصل جديد من مسلسل الإبادة الذي بدأ في غزة منذ شهرين أو يزيد ولم ينته بعد لأن نتنياهو ومعاونيه قرروا مواصلة الحرب إلى حين تحقيق النصر وأي نصر نصر على الأطفال والنساء والشيوخ واستكانه في الميدان
شعب يباد وعالم في غمرة الأعياد يحتفل بميلاد المسيح الذي حذر من أبناء الأفاعي كما يسجله الكتاب المقدس وكان يقول للجموع الذين خرجوا ليعتمدوا من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي؟ وكان يخاطب أسلافهم قائلا هذا الشعب الشرير الذي يأبى أن يسمع كلامي الذي يستمر في عناد قلبه ويسير وراء آلهة أخرى ليعبدها ويسجد لها يصير كهذه المنطقة التي لا تصلح لشيء
شعب يباد وعالم في غمرة الأعياد يتبادل تهاني السنة الجديدة في حين أهل غزة يتبادلون عبارات العزاء فبيوت العزاء في كل مكان في غزة والضفة حتى أصبحت ديكورا مألوفا في زمن أصبح فيه المألوف غير مألوف والعكس صحيح وانقلبت فيه الموازين وضاعت فيه القيم وبيعت فيه الذمم
شعب يباد وعالم في غمرة الأعياد ينفق فيه الأغنياء بسخاء على الليالي الماجنة والأغاني الهابطة ويده أمام شعب غزة مغلولة إلى عنقه لا تحرك عواطفه آهات المشردين وصرخات الجائعين عالم انحاز أغلبه إلى الجلاد وتركوا الضحية وانحازوا إلى قانون القوة ولم ينصاعوا لقوة القانون
شعب يباد وعالم في غمرة الأعياد يودع عاما قد ولى ويستقبل عاما جديدا في مشهد أشبه باحتفالات إيزيس وإوزوريس التي قرأنا عنها ولا يقيم وزنا لما يحدث هناك في البقعة المنسية التي احتفت بها شرائع السماء وتناستها قوانين الغاب لأن هذا العالم فضل خدمة الابن الضال الذي خان موسى عليه السلام وتآمر على المسيح وناصب الحق العداء كل هذا تحت ذريعة حق ابناء الله في البقاء لأنهم ملح الأرض هكذا يزعمون ويتوهمون ويوهمون من عطلوا عقولهم وعقروا فكرهم صم بكم عمي فهم لا يفقهون
شعب يباد وعالم في غمرة الأعياد يراجع حصاد العام ولا يأبه لحصاد الأرواح التي أزهقت في غزة ولا لأعداد الشهداء التي تجاوزت العشرين ألفا والجريمة متواصلة ولا مؤشر في الأفق على قرب انتهائها إلا إذا أرادت إسرائيل وأرادت أمريكا فهذه من تلك

التعليقات مغلقة.