مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أنور ابو الخير يكتب : حياتتا بين الألم والأمل

9

 

 

قد يهمك ايضاً:

انور ابو الخير يكتب : التلذذ بظلم الناس

هاجر جمال تكتب “دور المشيخة العامة للطرق…

نحن نعيش في هذه الأيام ما بين ألم يعصر قلوبنا ومشاعرنا وأمل يملأ نفوسنا بالقادم بالفرحة والبهجة وهي بذلك من المعادلات الكونية العظيمة والتي أوجدها ربنا جل وعلا فينا حتى لانمل ولانكل وحتى تصبح الحياة في عيوننا حلوة جميلة فنجد أن الحزن يتبعه الأمل بالفرح والفرح يتبعه أمل بدوامه وبقائه والمرض يتبعه أمل بالشفاء والشفاء يتبعه أمل في طول العمر وهكذا وما الحياة إلا أمل يصاحبها ألم ويفاجئها أجل نعم أجل بالفرح والخير والشفاء والسلم والأمن والأمان ولكن المطلوب منا هو الصبر والتوكل على الله وعدم الاستسلام والخضوع لليأس والحزن كما قال ربنا في كتابه العزيز في معرض الحديث عن رسله وانتظارهم لفرجه بعد ما أصابهم وما واجههوه من أقوامهم “حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب”
وفي الآية الأخرى يقول الله تعالى عن مرحلة اليأس التي يمر بها العصاة والمكذبون “قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إنّ الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرّحيم” ففي سجل ذاكرتنا بصمات ولحظات عديدة مررنا بها وعشناها بألم وأمل منها ما يطوى ولا يروى بمثابة نجوم معدودة تضيء بجنباتها ونستأنس بذكراها وتشفي الغليل بنجواها ولاتنسى مهما طال الزمان واندثر العمر ولحظات مرت علينا شعرنا بها بحزن وألم كبير ولأنها سنة الحياة فلا بد أن نمر بكل منها فعلينا أن لا نحزن على الأمس فهو لن يعود ولا ناسف على اليوم فهو راحل
والحياة كثيرة التقلب لا تستقيم لأحد كسفينة لا تستقر على بر فيها الخير والشر والصلاح والفساد والسرور والحزن والأمل واليأس وفيها الحب والكره والجمال والقبح وفيها الحرب والسلم والأخوة والعداوة ولأن الفطرة التي فطرنا الله عليها كمسلمين هي فطرة طيبة تهفو للخير والتفاؤل وتسر بإدراكه وتأسى بالتشاؤم والشر وتحزن من ارتكابه
فلكل منا دوافعه لتحقيق آماله واحلامه فالذي يغري التاجر بالأسفار و المخاطرة أمله في الارباح والذي يبعث الطالب للجد والمثابرة أمله في النجاح والذي يحفز الجندي إلى الاستبسال في أرض المعركة أمله في النصر والذي يحبب إلى المريض الدواء المر أمله في الشفاء فعلينا أن لا نستسلم للمنغصات التي تواجهنا لأن اليأس والاستسلام ليس من شيمنا ولو تعثرت اقدامنا وسقطنا سنكافح ونجتهد وسنقف مجدداً ونحن أكثر تماسكا وقوة
ولنمد يد العون والمساعدة لكل من يشعر بالألم ونزرع فيه الأمل لتعود السعادة لحياته وقلبه ولنعيش الأمل بكل ما تحمله الكلمة من معنى كونه شعاع يضيء جوانب الظلام ويشق دروب الحياة للأنام وكزهرة تسكن القلوب وشمس تحيل الظلام نورا فكثيرا منا يحبون الأمل ويخافون الألم لأن الأمل من أهم القيم المعنوية في حياتنا فهو يبعث في النفس البشرية الطمأنينة والفرح ويحفزنا على الصمود والجد والمثابرة ففي بعض الأحيان يغلق الله سبحانه وتعالى أمامنا باباً لكي يفتح لنا أبواباً كثيرة أفضل منه فالبعض يضيع تركيزه ووقته وطاقته في النظر للباب الذي أغلق ونجد الكثير منهم يجلس في الظلام وينظر بمنظار التشاؤم والسلبية والكآبة والإحباط بدلا من النظر لباب الأمل الذي انفتح أمامه على مصراعيه هذا الشعور ما هو إلا سراب يلوح للناظرين من بعيد يتمناه الجميع يحسبونه ماء لكنه مجرد سراب كمن يسافر إلى الصحراء بحثا عن الأشجار ليتظلل بها فلن يجد فيها غير الوحشة وإذا واجهنا الألم فلنخفيه بالأمل والعمل للوصول لمستقبل جميل وواعد ونمضي لغد أفضل ونتطلع للأمام بدلاً من التشاؤم والنظر إلى الخلف
فالآمال العظيمة تصنع الاشخاص العظماء فهناك قيمة إيمانية عميقة هي التوكل على الله والاستعانة به فكلما اتسعت مساحة التفاؤل في أعيننا رأينا نعيما لا يبصره إلا من أحسن الظن بالله ويبقى الأمل في قلوبنا يوقظ فينا كل شيء جميل ويبعث فينا التفاؤل فنرى الوجود جميلا بكل ذراته
ولا ننسى الثقة التامة بأن الله يسمعنا ولن يخذلنا أبدا وإن تحققت أمانينا فالحمد لله وإن تأخرت فهو حتما خير لنا وأن أروع ما يمكن فعله أن يكون كل منا رسولُ يبعث كلمات من الأمل والتفاؤل في نفوس الآخرين لنعيش راضين بما قسمه الله لنا ولتكون الحياة كما ينبغي أن تكون ونرضى بالقضاء خيره وشره
فالشعور بالألم والمعاناة ماهي إلا هوات أخلاقية وإحساس خاطئ في حياتنا يدفعنا إلى عمل توازن أخلاقي رغبة في تشكيل إحساس بالاستحقاق بأننا لا نستحق هذا الألم الذي يولد مع حضوره نوبات حزن متفرقة وإشفاق على النفس والاضطراب فإذا ما حدث التوازن الأخلاقي فإننا نشعر بشيء بسيط مِنْ الأمل فنحن نعيش في عالم غارق في الهوات الأخلاقية من إحساس وانفعالات في الشعور المختبئ خلف كواليسِ صناعته فإذا ما درب الإنسان نفسه على عقد صفقات متتالية مع رأس مال الأمل ستزخر حياته بعوائد ضرورية مختومة بعلامة استحقاق كل ما هو أفضل فكف الأمل لا يصفق وحده دون وجود كف القوة وفي حال وجوده وحيداً ربما تستطيع أصابع هذا الكف صنع عملية تكاتف مستمرة لتوليد القوة المختبئة وراء الألم والتي ستظل تسير في اتجاهه إذا ما عرقلنا مسيرها بتحريك جنود التفاؤل

التعليقات مغلقة.