مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أنور ابو الخير يكتب: الوقاحة عنوان للسقوط

43

 

قد يهمك ايضاً:

في هذا الزمن الرديء تراجعت قيم كثيرة وغابت الكثير من المشاعر الانسانية في عصر العلم والتكنولوجيا والفضاء غدا الناس مفرغين من المضمون والجوهر الانساني وكأن الناس اصبحوا جزءا من المادة والجماد عصر مادي حتى النخاع وعبر ذلك الزمن الماضي او الزمان القديم زمن الاباء والاجداد وحتى زمننا كانت الفضيلة والقيم الاخلاقية هي التي تربط الناس بالعلاقات فيما بينهم فالصدق في التعامل هو العملة الرائجة في ذلك الزمان الامانة كذلك والنخوة والرجولة والشجاعة والشرف والحياء كان الناس يشعرون بالخجل والحياء ليست هناك وقاحة كما اليوم فالوقاحةاليوم بلغت درجة من الكفر نعم الوقاحة هذه الايام تجدها في الشارع وفي الاسواق وفي العمل وفي الفضائيات ووسائل الاعلام وقاحة بشعة من بعض الناس في جميع التعاملات وفي الحديث بالخلويات حدث ولا حرج نعم هذا الزمن لا يصلح لذوي الاخلاق المحترمين ولذوي الصدق والامانةوالخجل اذ ينعت الخجول بانه اهبل وما علموا ان الخليفة عثمان ابن عفان رضي الله عنه كان خجولا حتى ان الملائكة كانت تخجل منه لخجله فالخجل شعبة من شعب الايمان حديث نبوي
وقاحة في بعض القنوات ووقاحة في الحوارات والمناقشات وقاحة في الردود وقاحة في المجموعات الهاتفية وقاحة على الألسن في أي زمن نعيش وعلى أي مائدة نأكل وفي أي طريق نسيرقذف واستهزاء وتطاول وسب وشتم ومهاترات وقبائح الصور ما تجد كاتباً أو مغرداً مستخدماً منصات التواصل الاجتماعي لتوصيل فكرة أو نقل حدث ما أو نقد إيجابي أو معارضة حدث ما بأدب وحسن كتابة إلا وجاءت عليه من الردود بكلمات نابية ووقاحة لا مثيل لها وقذف واستهزاء وصور فيها من الفحش وسوء أدب وتبجح
لقد أصبحنا لانعمم نتفنن في هذه الوقاحة ضاربين عرض الحائط بالأخلاق والقيم والأعراف المجتمعية والإنسانية والجيرة وقبل هذا كله ما جاء به شرع الله تعالى وما علمنا به وهدانا وأرشدنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من معان رائعة راقية وحسن أدب
فالوقاحة تصريح صريح عابر للقارات يعبر عن حقد واضح وجرأة بلا حدود وقيود على كل ما هو سوي ويتماشى مع ما تعارفت عليه الطباع السليمة والذوق العام
فهي ليست مهارة أو فن أوشطارة وإنما هي قلة أدب وانحطاط أخلاقي قيمي وانتكاسة يعيشها كل من يمارسها في أخس وأحط وأنجس وأقذر المستنقعات حتى الحيوانات لا تقبلها
فقد جاء عن الخليفة الراشد أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قوله «ما أَضمر أَحد شيئاً إِلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهِه» فكل من يحمل هذه الوقاحة بأي صورة من صورها وعلى أي شكل من أشكالها القبيحة مريض بمرض نفسي فاسد المزاج به اعوجاج يحتاج إلى علاج في مصحات نفسيةوليس بعيب أن يذهب إليها بدلاً من يستغرق في هذه الوقاحة مهما كانت منزلته ومكانته ودرجته الاجتماعية أو الاستشارية أو من بطانة السوء ومن مرتزقة أو من مستشاري الوقاحة فكل هؤلاء وغيرهم يلبسون ثياب الوقاحة ويشربون من مستنقعها القذر ويتلفظون ويرمون الناس من أقذارها ذات الرائحة النتنة
فهل هؤلاء منتهون
لا أتوقع وجاء الحصار الغادر والتطاول على أسيادهم من المجتمع وأظهر لنا تجار الوقاحة سواء من تعرفهم أو من لا تعرفهم ومن غيرهم الذين سقطوا وما زالوا يسقطون في مستنقعاتها النتنة فالحرية المطلقة ليست في أن أرمي الناس بقبائح الألفاظ والجرأة عليهم بالوقاحة من غير حسيب ولا رقيب فهذه ليست حرية وإنما الدمار والخراب والغدر والتطاول والمراوغة والخيانة لقيمة الحرية التي وهبنا الله تعالى إياها« أفلا تعقلون»
وفي الختام هذا الزمان زمن العجائب والغرائب زمن الجنون واللامعقول انه
زمن الذين لا يخافون الله زمن المتسلقين والمنافقين والنصابين والحرامية زمن اولئك الذين يرفعون شعار الغاية تبرر الوسيلة فحافظ علي نقائك في زمن التلوث ووفائك في زمن الغدر وصمتك في زمن الثرثرة وادبك في زمن الوقاحة
وطيبتك في زمن الخباثة ونظافتك في زمن القذارة وصدقك في زمن الكذب
وشجاعتك في زمن الجبن

التعليقات مغلقة.