مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أنور ابو الخير يكتب: المتاجرون بالوطنية

32

 

قد يهمك ايضاً:

المرجفون الجدد

البصمة المائية

كلنا سماسرة نبحث عن مصالحنا وأخر ما نفكر به وأخر ما نتذكره هو أنت يا وطني المكسور مثل عشبة القمح أيام الخريفه كم من جراح أنت تحتمل وكم من آسى يبيت فيك ويعزف أنشودة الأمل الضائع ويصيح فيك دون انقطاع اختلطت كل الخيوط فلا أحد أصبح يعرف على وجه التحديد تعريفا لهذا المآزق أهو الكبت السياسي فقط أم الغضب المكتوم أم الفساد والبطالة أما صبر أيوب أم افتراء المفتري أم الفقر والعذاب والمرض أم هو الحرمان أم القسوة والظلم أم هو التبلد أم هو كل هذه المتناقضات في خليط مبتكر عجيب يجسد ما آلت إليه الشخصية المصرية من الكراهية المستترة اليأس والأقدام الرضوخ والتمرد الضعف والقوة حتى أصبح حالنا في كل المجالات ينبئ بكوارث حقيقية بدأ الخطر يداهمها فعلا وهذا الآمر يدركه الجاهل كما يدركه العاقل ومع ذلك من أوصلونا إلى هذه الحالة ونهبوا المال والثروة لا زالوا مصممين على المضي في غيهم والاستمرار في الانتقام من الأرض والإنسان ولم يكتفوا بما نهبوه وسرقوه من مليارات الدولارات من قوت الشعب وثروته بل ومن سفك دمه وزملاءهم متاجرى الاوطان بائعي الضمائر أيضاً سائرون على نهجهم في مشاريعهم الهدامة والناقمة من أبناء الوطن فبعضهم مرتهن لسفارة دولة معينة وآخر مرتهن لدولة طامحة وآخر لديه مشروعا مناطقيا وزميله الآخر مشروعه طائفيا ويأتي غيرهم ليتبنى مشروعا سلاليا وتنوعت المشاريع والعمالات ولكنها جميعا متفقة على تمزيق الوطن والانتقام من أبنائه ومن العجاب ان هذه الفئات الحاقدة رغم اختلافها من الجانب النظري إلا إنها على وفاق وتنسيق تام مع بعضها لان الحقد على الوطن ملة واحدة و هؤلاء جميعا ينخرون في جدار الوطن رغم ما يعانيه وما أوصلوه إليه من حال مزري دون أن يشعروا بمثقال ذرة من وخز الضمير فالمتتبع لحال المواطن في داخل الوطن أو خارجه يجد أن حاله لا يسر احد وإذا كنت ارى ان من حق اى إنسان ان يدافع عن قناعاته وفكره ومواقفه فلا ينبغى ان يكون ذلك بعيدا عن التحكم في سلوكه لا وصاية لأحد على قناعاته وافكاره ولا حقوق لصاحب مال يشترى به فكرا او موقفا ولا استجابة لدعوات تحرض على افتعال الأزمات والدمار ويجب ان تحكم من البداية سلوك من اختار وطنا غير وطنه لكى يعلن الرفض والعصيان فيه الا يكون بوقا لأحد خاصة امام صراعات المصالح والقوى التى تبحث عن دور وعن هيمنة واذناب يروجون لها والا يمد يده لأموال مشبوهة ملوثه والا يدفعه المال لسرقة الوطن من هذا المنطلق ينبغى ان يكون الحساب بيننا وبين من اختاروا النضال عن بعد انها الوصاية والمال والتحريض خاصة ان وصاية الفكر هى اسوأ انواع الاحتلال البشرى لقد تاجروا بالوطن وحصدوا خيراته لجيوبهم التي أصبحت مثقلة بالدولارات التي استباحوها عبر حملات النهش الوطني والنهب المنظم بقوة الدين والطائفة والحزب والمحور والمنصب والولاءات المزيفة والنجومية الاستلقائية ولكن الجديد في الأمر هو أن هناك آلاف الحالات من الفساد الخبيث المزمن تكتشف يوما بعد يوم ويبقى مرتكبوها طليقين أحرارا وكأنهم فعلوها غير آبهين سائلين مكترثين او نادمين
الصوم لله وحده وهو يجزي عليه فقط لمجرد الامتناع عن الأكل والشرب كي نشعر بجوع الفقراء وبؤس المساكين ومحور الفريضة في غايتها وأسمى معانيها هو قضية الفقر والفقراء فقط أن تشعر بهم وتتألم مثلهم فما بالك بمن يسرقهم ويستنزفهم ويستغلهم ويستولي على قوتهم وقوت أولادهم ونحن قادمون على شهر رمضان والمعنى في تلك الفريضة العظيمة الممتدة في السمو والضاربة في أعماق الإنسانية هو محاربة الفساد بكل صوره وأشكاله فعندما ينتشر الفساد تتفاقم المشاكل ويتبعها الفقر وعندما تغيب الشفافية ويكثر المفسدون تزداد مديونيات الدول وتتوقف خطط التنمية وينهار الاقتصاد
أعتقد أن الفساد لا يمكن أن يجتث ويزول بمجرد الإعلان عن اكتشاف حالة أو حالتين وتطوي الصفحات بعدها ولا يمكن القضاء عليه عبر خطط وبرامج سيدر التي لا تقدم ولا تؤخر شيئا إنما يتم القضاء على الفساد من خلال شن حملة شرسة ضد الفساد والمفسدين ومعاقبة اللصوص أيا من كانوا كباراً وصغاراً سياسيين نافذين أو متعهدين محترفين أو مبتدئين نجوماً أو مغمورين والإعلان عن أسماء المفسدين وفضحهم أمام الشعب حتى لا يتمكن مثل هؤلاء من اقتراف النصب والاحتيال من خلال شعاراتهم الزائفة ووطنيتهم التجارية وأسمائهم اللامعة التي تحتل الشاشات اليومية وحتى تصبح مصر نظيفة خالية نقية من جراذين المال العام وآكلي لحوم الفقراء و الأيتام والثكالى حينها سيحسب كل من تسول له نفسه بتشبيح المال العام ألف حساب قبل أن يقدم على فعلته كم
هو ظلم أن يحاول مسؤول رفيع المستوى يدعي الطهارة والعفة يتسلح بالمقاومة ومحورها سرقة ملايين الجنيهات و الدولارات في الوقت الذي يصطف فيه عشرات الآف العاطلين عن العمل في طوابير طويلة بانتظار لقمة العيش
فهل وجد مصر ليعيش البيه والمعالي في جنات النعيم ويموت الآخرون من الجوع إن الوضع الاقتصادي الصعب والمديونية الكبيرة التي تعاني منها مصر لم تنتج بفعل حرب روسيا ولا فلسطين ولكن نتجت فعليا عن السرقات المنظمة التي كان يرتكبها كبار المسؤولين والمؤتمنون علي قوات الشعب من هنا إنني أدعو كل المخلصين وهم قلائل وخصوصاً ونحن مقبولين على الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك أدعوهم للوقوف معاً وللتكتل من أجل رفعة مصر وإخراجه من المآزق الاقتصادية والتصدي لكل الخبثاء والمفسدين وعندما نعلم أن فاتورة الفساد تكلف مصر كذا مليار دولار سنويا وعندما نعلم أن حجم الأموال المهربة للخارج خلال العشر سنوات الماضية عشرات المليارات وعندما نعلم أن الفساد يستنزف كذا مليار دولار سنويا من اقتصاد مصر وذلك ونرى بعد ذلك بعض المواطنين يبحثون عن الطعام في القمامة فعن أي رمضان يتحدث هؤلاء ؟
ومن الموظف الصائم المرتشي إلى صفقات الرشى الكبرى في تخليص المعاملات الدولية وصفقات التراضي وتوريد السلع ومستلزمات المصانع وإرساء العطاءات على الشركات الكبرى مقابل رشى كبار المسؤولين والذي شكل ضغطا كبيرا على حركة التجارة وتقييد تداولها وارتفاع تكلفة الفساد الاقتصادية والاجتماعية على الاقتصاد ويعلم الجميع أن كلفة محاربة الفساد أعلى بكثير من حجم الفساد نفسه فلم ننس بعد كبار رجال وزارة التموين التي كانت الفساد بعينه من هدر المال العام وحاشيته مقابل مردود صفر وللأسف تتخذ معظم الدول السبل للجم الفساد وتقييد انتشاره بكل الوسائل بالشفافية بالمساءلة بالعقوبة الزاجرة وبتغيير البيئة التي انتجته ورغم ذلك لا قتل الفساد ولا انقضى الفقر ولا انتهت الرشوة والأمل أن نخرج من شهر رمضان المبارك ونحن ندرك كيف نصوم من أجل الفقير وكيف نصوم لنكافح فقره وكيف نصوم لنمنع الفساد ونشل أذرعه
فالوطن لا ينتظر منا أن نحميه لكنه يتوقع أن نكون على الأقل على قدر من المسؤولية التي من خلالها لا نتجرأ على خرابه

التعليقات مغلقة.