مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أنور ابو الخير يكتب: الأصدقاء يتسربون

2

 

 

لانعترض على قضاء الله وقدره في الموت لكن تتجيش المشاعر التي تحدوها مرارة الفراق وتبدأ بتحريك القلم لتكتب رثاء في صديق بحبر من الوفاء والإخلاص على جدار الذكريات الخالدة
رحمك الله يا صديقي وأسأل الله أن يغفر لك ويسكنك فسيح جناته

قد يهمك ايضاً:

حازم مهني يكتب..3 مايو عيد الصحافة العالمي 

انور ابو الخير يكتب : التلذذ بظلم الناس

فعندما يتقدم الإنسان في العمر يصبح أكثر حاحة للمؤانسة ووجود الآخرين حوله الأمر غير ماهو عليه الحال عندما يكون شاباً أو في سن الكهولة ويكون باستطاعته أن يذهب و يقابل الناس ويسافر وحيداً
وقدراته الجسدية والعقلية تساعده على التنقل والاعتماد على نفسه دون الحاجة إلى أن يكون هناك بالضرورة من يرعى شؤونه أو يؤنس وحدته وعندما يبلغ من العمر أرذله وأصبح وحيد ليس حوله أحد من أهله أو أصدقائه و كان ملء السمع والبصر عندما كان في أوج شهرته ومجده ولكن هذا الأمر لا يدوم وكان الجميع يدور في فلكه وليس هناك من وحدة يحس بها عندما تدهورت صحته و كبر سنه و أصبح وحيدا هذا يحدث للكثير من الأشخاص أثناءحياتهم وهم في سن الشباب والكهولة عندما يصبح المرء في سن متقدم وتتكاثر عليه الأمراض ويصبح بحاجة لمن يرعاه يجد أن الأقارب و الأصدقاء يتسربون من حوله كما تسرب الشباب والصحة
أشخاص شاهدتهم وهم يمرون بمرحلة الوحدة والكآبة بعد أن تقدموا في العمر وأصبحوا وحيدين بعد أن فقدوا مناصبهم و لم يعد أحد يهتم بهم و يصاب المرء بالصدمة عندما يقع ما لم يتوقعه من ينصرف عنه الناس خاصة الأقارب والأصدقاء الذين لم يكن يتوقع أن ينسحبوا من حياته وبعض المسنين يشتكون من جفاء ابنائهم وبناتهم فقد انشغل الابناء والبنات بعائلاتهم الصغيرة ونسوا الوالد أو الوالدة ولا يتذكرونهم إلا في المناسبات ويتعذرون بمشاغل الحياة

شخص كنت أعرفه معرفة جيدة برغم أني تعرفت عليه بصفتي جاره منذ الطفولة ولكن لأنه رجل وحيد بمعنى هذه الكلمة كان يتصل بي أحياناً يطلب مني أن نذهب معاً الى النادى لنشرب القهوة برغم أن عنده أخوات وأولاد أعمام إلا أنه لا أحد يسأل عنه وانشغلوا بحياتهم وكنت أذهب معه لأنه رجل لطيف لكن ظروف حياته جعلته يعيش هذه الوحدة المؤلمة و التي قادته إلى أن يدخل في دوامة المرض والتي بدروه جعل حياته تتدهور وعندما توفي هذا الشخص الوحيد
و ذهبت للصلاة عليه
لم يظهر من الاقارب والاصدقاء الا القليل وفي واقع الأمر أنهم لا يهتمون لأمر هذا الشخص وإلا كانوا سألوا عنه عندما كان على ظهر الأرض يشكو الوحدة و الكآبة و نكران الناس له أمثلة كثيرة لابتعاد الناس عن الشخص ولكن عندما يكبر و يصبح الإنسان مريضاً فإن أكثر الناس يتخلون عنه
لا أتوقع من الناس أن يكونوا مثاليين لكن يجب أن تكون هناك حدود لا يتجاوزها المرء عندما يتعلق الأمر بوفاة صديق او احد من الأقارب و يجد الأعذار بأن مشاغل الحياة لا تعطيه الوقت الكافي ليرعى أحداً بعد أن كبر و أصبح مريضاً
والتنكر من قبل عامة الناس لاصدقائهم و أقاربهم بعدأن يتركوا الحياة الدنيا ولكنهم يتحججون بأعذار واهية تشغلهم عن تقديم الواجب
ولكن للأسف نحن كل ما نفعله هو أننا نضع المسن في مكان معزول ونضع معه شخصاً أجنبياً لا يعرف لغة المسن ولا عاداته و لا تقاليده ولا يتعاطف مع هذا المسن وكل ما يربطه به هو المعاش الذي يصرفه الأبناء من مدخرات أبيهم أو راتبه
مسلسل يتكرر كثيراً في حياة كل منا مع قريب أو صديق يجد نفسه وحيداً بعد أن كان ملء السمع والبصر ويتفرق الناس
من حوله بعد أن كانوا يتسابقون لحظوة الجلوس بقربه والاستمتاع باحاديثه و الإشادة به بأي نوع كان بعد أن يترك المنصب و يتقدم في العمر يصبح ليس له داع و البعد عنه هو المطلب بسبب انشغالات الحياة و ليس هناك من منفعة ترجى وراء من هم مثله بعد أن تقاعدوا عن العمل و أصبحوا كباراً في السن هدتهم الأمراض وهم بحاجة لمن يخدمهم ويؤنسهم وهؤلاء الإخلاء القدامي ليسوا بقادرين على فعل مايتطلبه الظرف الحالي فأفضل طريقة هي الإبتعاد عن مثل هؤلاء الأشخاص الذين عفى عليهم الزمن حسب تعبير بعض أصحاب المنافع
ويبقى الامل في ان تعود الصداقة الى ما كانت عليه ونقف على ماثر الاخلاص والوفاء فيها والتي نراها في اجمل معانيها متمثلة بالصديق الوفي
فأحذر أن تفقد بصيرتك فتعطى لضميرك أجازة ولعقلك راحة فتصاب بالحقد والحسد والكراهية والآفات النفسية وتغرب شمس حياتك بعد اشراقها وتظلم غرفة قلبك بعد اضاءتها فتضل الطريق بعد أن اهتديت إليها
لازالت الدنيا بخير ومازالت شمس الرحمة مشرقة ونور الحياة مضيئا ويد العطاء ممدودة وباب الأمل مفتوحا مادام الايمان بالله يملؤك ونور الله يسكنك وحب الله ورضاه يحتويك ورعاية الله وعنايته

التعليقات مغلقة.