بقلم – د. رجاء إبراهيم سليم:
في الجمعة الأولى من شهر أبريل كل عام تُقام احتفالات بيوم اليتيم في مختلف أنحاء مصر، حيث حرصت الحكومة المصرية منذ عام 2003 على تحديد هذا اليوم من كل عام لتكريم اليتيم، تعبيرا ودليلا على التكافل والتراحم معهم سواء من قبل الدولة أو من قبل المجتمع.
كلنا يعلم أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أوصى بكفالة اليتيم والاهتمام به، وكذلك أمرنا الله عز وجل في كتابه العزيز بالاهتمام باليتيم والحفاظ على حقوقه ورعايته، حيث ورد ذكر كلمة اليتيم في القرآن الكريم 23 مرة مفرد ومثنى وجمع. وبهذه المناسبة دعوني أطرح ثلاثة اقتراحات؛ ربما تكون صادمة للبعض، وربما تكون مُستهجنة من البعض، وربما تكون مُستحسنة من البعض الأخر.
الاقتراح الأول؛ تغيير مسمى الاحتفال. فعلى سبيل المثال، ظللنا لسنوات طويلة نستخدم مصطلح المعاقين، وكان هذا جارحا لأحاسيسهم ومشاعرهم، وتم استبداله مؤخرا بمصطلحات أفضل وأكثر إيجابية هي: ذوي الإعاقة، ومتحدي الإعاقة، وذوي القدرات الخاصة. فنحن الأن في عصر لا يجب أن نستخدم فيه المصطلحات التي تجرح أحاسيس أصحابها، فضلا عن أنها موحية بالضعف والسلبية، وإنما لابد من استبدالها بمصطلحات دالة على القوة والتفاؤل. فلماذا لا يتم تغيير مسمى “يوم اليتيم” الذي يزيد إحساسه باليتم إلى ” يوم التراحم”، أو “يوم التكريم”، أو “يوم التكافل” أو أي مسمى آخر. فهل اليتيم في حاجة للاهتمام به فقط في هذا اليوم؟ أم أنه لابد من رعايته والاهتمام به طوال الوقت، حتى يصبح يافعا وقادرا على استكمال طريقه.
الاقتراح الثاني؛ تغيير شكل الاحتفال. الحادث في مثل هذا اليوم أن كل جهة منفردة سواء كانت حكومية أم أهلية تنظم احتفالية، حتى أننا نجد أن أكثر من جهة في نفس القرية تنظم احتفالية محدودة خاصة بها ويتم فيها دعوة المسئولين، وقد يضطر نفس المسئول لحضور نفس الاحتفال في أكثر من جهة، وفي هذا تفتيتا واهدارا للوقت والجهد والمال. فلماذا لا يتم تنظيم احتفال واحد كبير ولائق على مستوى المحافظة، وليكن في الاستاد الرياضي وبحضور شخصيات متعددة التخصصات والمناصب. وألا تقتصر الكلمات التي تُلقى على الكلمات النمطية التي تعودنا على سماعها في هذه المناسبة، وإنما تكون كلمات تبعث على الأمل والتفاؤل في نفوس هؤلاء الأطفال، وتبث فيهم روح التحدي وقوة الإرادة والانتماء للوطن. وأن يتضمن الاحتفال فقرات فنية بدعوة أحد الفنانين المحبوبين لدى الأطفال(مُتبرعا)، بالإضافة لتقديم فقرات فنية من نفس الأطفال، مما يشجعهم على تنمية مواهبهم الفنية، ويتم تقديم المشروبات لهم، ويصاحب ذلك إقامة معرض لمنتجاتهم الفنية أيضا في نفس مكان الاحتفال.
الاقتراح الثالث؛ نوعية الجوائز والهدايا التي يتم منحها للأطفال؛ في الاحتفالات التي تُقام في هذا اليوم يتم تقديم هدايا نقدية أو عينية للأيتام على الملأ، وربما يكون في ذلك جرح لأحاسيس ولكرامة بعضهم. فلماذا لا يتم تجميع كل مبالغ التبرعات والمبالغ المخصصة لإقامة الاحتفالات الفرعية التي تقيمها بعض الجهات، ويتم فتح دفاتر توفير لهؤلاء الأطفال ووضع مبلغ لكل منهم في دفتره أياً كان مقداره، لغرس عادة الادخار لديهم وليتمكنوا في المستقبل من استخدام مدخراتهم (حتى لو كانت قليلة) كما يشاءون.
لذا أوجه اقتراحاتي هذه للدكتورة غاده والي وزيرة التضامن الاجتماعي، وللسيد وزير التنمية المحلية اللواء أبو بكر الجندي، ولكل السادة المحافظين، للتكرم بالنظر فيها.
حفظ الله أطفال مصر، فهم براعم جميلة ترعاها الدولة والمجتمع، لكي تنمو وتكبر وتُزهر وتملأ الدنيا بعبيق نجاحاتها وتفوقها علميا وانسانيا.