مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

وفاة مؤرخ الأزهر د. مجاهد توفيق الجندي

12

كتب: عبد الرحمن هاشم

فقدت الأمة العربية والإسلامية رجلا من أغلى الرجال، وعالمًا كبيرًا لا يُشق له غبار، فقدت فضيلة الأستاذ الدكتور/ مجاهد توفيق الجندي أستاذ التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية بكلية اللغة العربية – جامعة الأزهر، وعضو اتحاد المؤرخين العرب، وعضو اتحاد الآثاريين العرب، وعضو اتحاد كُتَّاب مصر، وعضو الجمعية المصرية للحفاظ على التراث المصري، والملقب بـ (مؤرخ الأزهر)، عصر يوم الأربعاء 17 ربيع الثاني 1440هـ/ 26 ديسمبر 2018م، بعد صراع مع المرض عن عمر ناهز 76 عامًا، قضاها في العلم والبحث والتدريس والتوثيق والتأليف. ولد الدكتور/ مجاهد توفيق علي الجندي في 9 يناير عام 1942م بقرية بِلُوس الهوى – مركز السنطة – محافظة الغربية، وتتلمذ على كبار علماء عصره أمثال الدكتور بدوي عبد اللطيف والدكتور محمد الطيب النجار والدكتور عبد العزيز غنيم، وكان شغوفًا بالتربية الإسلامية والتأريخ لها.

تميزت كتاباته بالموسوعية والتوثيق بالوثائق النادرة، حيث ألَّف عدة موسوعات من أبرزها:

دراسات وبحوث جديدة في تاريخ التربية الإسلامية، وموسوعة تاريخ الأزهر الشريف في الاحتفال بالعيد الألفي للأزهر، وموسوعة الجامع الأحمدي شقيق الجامع الأزهر، وموسوعات في الكتابة العربية والفنون الإسلامية، وكان رحمه الله شغوفا بالكتابة الموثقة بالوثائق النادرة عن العلماء والأدباء والمفكرين، وقضى عمره متجولا بين القرى والنجوع في شتى ربوع مصر لجمع معلومات عن العلماء والأدباء وتوثيق تراثهم..

واتسمت شخصيته بالبساطة والتواضع وحب الناس، وكان منفتحًا ومستنيرًا على شتى التيارات الفكرية والثقافية، وكان من الخطاطين المصريين المهرة، ويجيد العزف على آلة الناي، وكان من أرباب الصوت الجميل الخاشع بالقرآن الكريم.

قد يهمك ايضاً:

وكان رحمه الله رائدًا في تشجيع ورعاية طلاب العلم الوافدين من شتى البلاد للدراسة في الأزهر الشريف، يحنو عليهم ويحقق أمانيهم، ويدبر أمورهم حتى لا يشعرون بآلام الغربة، وكانت مكتبته وبيته مفتوحًا لهم ولطلاب العلم على الدوام، وكان دائمًا ما يبعث الأمل في النفوس بعباراته الشهيرة: (الخير قادم الخير قام.. المستقبل يحمل الخير)، وكان دائما يحب التميز والتفرد في كتاباته وأبحاثه ومؤلفاته، يغوص ويغوص ويغوص؛ ليأتي للعالم بالجديد، ويقول لطلابه: (لابد أن نترك المطروق، ونطرق المتروك) أي نبحث فيما تركه الناس ونبرع فيه.

وكانت له آراء سديدة في آليات تطوير الأزهر الشريف، وكان رحمه الله من المقربين جدا لفضيلة الإمام الأكبر الراحل الشيخ/ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر الشريف (رحمه الله)، وكان ممثلا لفضيلته في كثير من المحافل الدولية وممثلا له في جامعة الدول العربية، وكان من أشد المدافعين عن القدس الشريف، ومن كبار المتضامنين مع القضية الفلسطينية، وقد زامل فضيلة الشيخ/ محمد الغزالي (رحمه الله) في التدريس بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بمدينة قسنطينة بالجزائر فور افتتاح الجامعة في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، كما درَّس في الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد وقضي هناك عدة أعوام، كما درَّس في الجامعات اليمنية والليبية وغيرها، ونظرًا لدراساته وبحوثه المتميزة في وثائق الأزهر وغيرها، كرَّمه اتحاد المؤرخين العرب، وحصل على درع شوامخ المؤرخين العرب، وهذا الدرع لا يعطى لأي أحد، وإنما يعطى لأناس بذلوا مجهودات كبيرة وألفوا مؤلفات رصينة تنفع الأمة الإسلامية، وتفيد المكتبة العربية والإسلامية.

وكرَّمته الجزائر الشقيقة ممثلة في جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بمدينة قسنطينة، في احتفالية كبرى على هامش انعقاد الملتقى الدولي حول الفكر الإصلاحي عند الإمامين عبد الحميد بن باديس وبديع الزمان سعيد النورسي.

وقد ترك الراحل  عشرات المؤلفات العلمية ومئات الأبحاث المنشورة والتي ستظل منهلا لطلاب العلم والباحثين.

تشيع جنازته من الجامع الأزهر الشريف عقب صلاة الظهر مباشرة، ويدفن في مسقط رأسه بقرية بلوس الهوي مركز السنطة بمحافظة الغربية، رحمه الله رحمه واسعة وأسكنه فراديس الجنان.

اترك رد