تركت قمة المناخ، مؤتمر الأطراف السابع والعشرين المنعقد بمدينة شرم الشيخ نوفمبر الماضي، زخمًا كبيرًا في مجالات الطاقة المتجددة تنوع بين الإمداد بالطاقة الكهربائية النظيفة أو دخولها كحافز لتحسين الواجهة الاستثمارية لبعض المشروعات؛ كالهيدروجين الأخضر والأمونيا.
فبرغم تباطؤ الاقتصاد العالمي، حافظت أسواق الطاقة المتجددة على ديناميكيتها وحيويتها ساعدها في ذلك توافر أُطر تشريعية مرنة وآليات تمويل تسهم في المحافظة على تنافسية تلك المشروعات وقد مكنها من ذلك ارتفاع متوسط قدرة المشروع الواحد من عشرات الميجا وات إلى عدة مئات، في إشارة إيجابية لدور الاقتصاد الكلي، Economy of Scale، في نمو هذه المشروعات، مما يتيح الفرصة لتوطين صناعة بعض المكونات ذات الصلة ويسهم في نقل المعرفة، وزيادة فرص العمل.
في هذا الصدد، أصدرت هيئة الطاقة المتجددة تقريرها السنوي لعام 2022 متضمنًا رصدًا لأنشطة الطاقة المتجددة على المستوى الحكومي والخاص خلال عام 2022، ويوضح تقدم الأعمال في مجالات الطاقة المائية، الشمسية، الرياح والكتلة الإحيائية.
ففي ضوء توقيع مصر أكثر من 23 مذكرة تفاهم لمشروعات الهيدروجين الأخضر ومشتقاته منها 9 اتفاقيات اطارية تم توقيعها مع كبري الشركات في هذا المجال خلال مؤتمر المناخ COP27 تجاوز إجمالي استثماراتها 80 مليار دولار، اتخذت الطاقة المتجددة بعدًا جديدًا جعل منها وسيلة لتحسين اقتصاديات تلك المشروعات والاستفادة من المواقع ذات الموارد الطبيعية المتميزة من سرعات الرياح والإشعاع الشمسي، مما فتح الباب أمام تعزيز دورها التنموي من حصرها كمصدر للكهرباء النظيفة إلى تحسين اقتصاديات مشروعات أخرى مثل تحلية المياه، والسيارات الكهربائية، وغيرها.
على التوازي تطور الأسواق من أنماط شراكتها مع القطاع الخاص، وتزويد مناخ الاستثمار دائمًا بأدوات جاذبة، مع تشجيع وحث المستثمرين الرياديين القادرين على تقديم نماذج عمل مبتكرة تتسم بانخفاض مستوي مخاطرها ومنطقية مكاسبها، الأمر الذي يؤكد على أهمية استمرار التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص يدًا بيد، ليتحول المستثمرين من المنافسة المطلقة إلى الشراكة، في سبيل الوصول بنسبة الطاقات المتجددة في مزيج الطاقة الكهربائية إلى 42% بحلول عام 2035، حيث يعمل عليها القطاع الخاص على تطوير مشروعات بإجمالي قدرات 2800 م. و. من طاقة الرياح وحوالي 700 م. و. من الطاقة الشمسية، مما يعزز من سعي مصر لتصبح أحد محاور الطاقة الإقليمية.
في ذات السياق، أظهر حصاد العام الماضي ارتفاع ربحية هيئة الطاقة المتجددة لأكثر من ثلاثمائة مليون جنيه، وهو ما يتسق مع تسجيل إنتاجية الطاقة الكهرومائية حوالي 15000 جيجاوات ساعة، وطاقة الرياح أكثر من 6100 جيجاوات ساعة، والخلايا الشمسية قرابة 4400 جيجاوات ساعة، هذا فضلاً عن حوالي 90 جيجاوات ساعة مولدة من مشروعات الوقود الحيوي.
أيضًا تم تدشين محطة خلايا شمسية بقدرة 50 م. و. بمنطقة الزعفرانة، إلى جانب دخول مشروع 250 م.و. رياح بخليج السويس في مراحل متقدمة للتركيبات، وأيضا تم الإعلان عن تنفيذ مشروع خلايا فوتوفلطية بقدرة 20 م. و. بالإضافة إلى منظومة تخزين بالبطاريات وذلك بمنطقة الغردقة.
الأمر الذي يؤكد أننا أمام مرحلة انتقالية فاصلة في مسار الطاقة المتجددة ليس على المستوى المحلى فقط، بل والعالمي أيضًا، ليتأكد مع كل هبة ريح وكل شعاع شمس أن المستقبل أخضر في مصر.
التعليقات مغلقة.