مفوضية حقوق الإنسان: قضية محاكمة قتلة خاشقجي “تفتقر للشفافية” في إجراءات العدالة
تعقيبا على تراجع القضاء السعودي عن أحكام الإعدام التي صدرت بحق مدانين في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي وتخفيف الأحكام عن المدانين، أشار المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء إلى أنها قضية لم تتمتع بشفافية مناسبة في إجراءات العدالة.
وقد أعلن القضاء السعودي يوم أمس الاثنين تخفيف حكم الإعدام في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018 على خمسة متهمين وإدانتهم بالسجن 20 عاما، فيما تراوحت أحكام ثلاثة مدانين آخرين بين سبعة إلى 10 أعوام.
وقال المتحدث باسم مفوضية حقوق الإنسان، روبرت كولفيل، ردّا على سؤال أحد الصحفيين في مؤتمر صحفي من جنيف الثلاثاء: “إن الأمم المتحدة تعارض حكم الإعدام، وهذا الجانب من إعلان يوم أمس لا نعارضه. لكن هذه جريمة بشعة وشنيعة، إنها جريمة رهيبة”.
وقد قُتل خاشقجي، وهو كاتب في صحيفة واشنطن بوست، وتم تقطيع جسده على يد مجموعة من السعوديين بعد وقت قصير من دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2018.
وأضاف كولفيل يقول: “من الواضح أنه يجب محاكمة المسؤولين وإصدار أحكام تتناسب مع الجريمة. وفي هذه الحالة، فإن مثل تلك الجريمة الرهيبة تتطلب مدد حكم طويلة جدا جدا. ولكن هناك مشكلة الشفافية برمتها في مسألة تسيير القضية”.
وفي سلسلة من التغريدات على حسابها الخاص على توتير، وصفت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا، آغنيس كالامار، ما قام به المدعي العام السعودي “بمحاكاة هزلية للعدالة”، وأضافت أن هذه الأحكام لا تحمل أي مشروعية قانونية أو أخلاقية، وقد جاءت في نهاية عملية لم تكن عادلة أو منصفة أو شفافة على حدّ تعبيرها.
لقد حُكم على القتلة الخمسة بالسجن لمدة 20 عاما، لكن المسؤولين رفيعي المستوى الذين خططوا ونظموا إعدام خاشقجي أفلتوا منذ البداية.
وأضافت في التغريدة: “لقد حُكم على القتلة الخمسة بالسجن لمدة 20 عاما، لكن المسؤولين رفيعي المستوى الذين خططوا ونظموا إعدام خاشقجي أفلتوا منذ البداية – وبالكاد تأثروا بالتحقيق والمحاكمة”.
وأشارت إلى أن ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، ظل محميا جيّدا ضد أي نوع من التحقيقات الفعلية في بلاده. وقالت: “لا يمكن السماح لهذه الأحكام بتبييض ما حدث”.
ودعت المقررة الخاصة إلى ضرورة ألا تخفف هذه الأحكام أي ضغط على الحكومات، ولاسيّما الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، التي “راقبت في صمت” تلك المحاكمات لضمان التحقيق في تورط جميع المسؤولين.
وكانت آغنيس كالامار والخبير الحقوقي* ديفيد كاي، المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية التعبير، قد أشارا في كانون الثاني/يناير من هذا العام إلى معلومات عن احتمال ضلوع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في اختراق هاتف مالك صحيفة واشنطن بوست ومدير شركة أمازون، جيفري بيزوس، وذلك بغرض التأثير على، إن لم يكن لإسكات، التقارير التي تنشرها صحيفة واشنطن بوست حول السعودية.
وأشار الخبيران المستقلان إلى أن ظروف وتوقيت اختراق هاتف بيزوس يدعم إجراء تحقيق عن ادعاءات بأن ولي العهد السعودي أمر أو حرّض على قتل خاشقجي، أو على أقل تقدير كان على دراية بالتخطيط لقتله ولكنه “فشل في إيقاف مهمة القتل.”
وبحسب بيان الخبيرين الأمميين، فإن هذه المزاعم تعزز أيضا دلائل أخرى على استهداف السعودية للمعارضين. فعلى سبيل المثال، قدمت الولايات المتحدة دعاوى جنائية ضد اثنين من موظفي شركة تويتر بالإضافة إلى مواطن سعودي بسبب اتهامهم بالتجسس على حسابات مستخدمين للتطبيق وتقديمها إلى مسؤولين في السعودية.
*يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف وهو جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم.
ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم.