بقلم: أ.د محمد الجندى
وكيل كلية الدعوة الاسلامية للدراسات العليا بالقاهرة
إن مداهمة الخطاب الإنكاري التصاعدي على العرفان الذوقي الوجداني؛ يعد من جملة المعوقات التي أدت إلى تفتيت المعرفة من هذا الباب والإحالة بينها وبين الوحدة، نظراً لانتهاك خصوصيات الرؤى المعرفية وعدم تناولها بموضوعية، وهذا الانتهاك يعد من الفوضى التناولية التي لا يقبلها العقل الموضوعي، يعد مزايدة على قدرته الاستيعابية التنظيمية غير عشوائية، لذلك فهو في قناعاته المعرفية يسلم للبراهين والاستدلالت المنطقية لانسجامها مع قوانين الفطرة الإنسانية، والمعاجلة أو اختبار الطاقات الروحية الذوقية في نتائجها وحصادها أو المصادرة عليها برفض أحكامها وقوانينها الرياضية الجهادية لمعطلات حصولها دون تجربة عرفانية؛ من أعتى معوقات التقريب المعرفي ووحدة المعرفة، والعقل العاطفي الذوقي يجسد عند تصوره واستدلاله المعنويات الذوقية تجسيداً نورانيا بصيرياً، وإن غياب البرهان المعرفي الذوقي عن المكونات الوجدية ضلل المشاعر والعواطف عن رسومات الحقائق العرفانية الإلهامية وعطل التفكير، وكان من نتائجه أن انشقت عصا المعرفة بسقوط ركن عرفاني يجسد أعظم المعاني القلبية والروحية الصافية عن كدورات الشوائب الجسدية الترابية، والتشكيك في المعرفة الذوقية المحصولة عن مجاهدات وإكراهات للنفس لتعرج خفيفة لطيفة علوية أدى إلى المصادرة على المطلوبات المؤدية إلى حصول العرفان والحكم بعدمه رغم وجوده، كمن حكم على بانعدام الهواء لعدم حركته وسكونه، إما نتيجة عناد حاد وتشنجات نفسية نتيجة أحقاد متراكمة، وإما نتيجة قلة الحقائق وكثرة التدفقات المعرفية المضطربة، قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)
والمعرفة الذوقية بمثابة جانب من جوهرة مضيئة تتشكل بالذوق والكشف والمشاهدة والتجلي والفيض والفراسة، وقد كثر ذلك النوع من المعرفة في أروقة الصوفية، وتولدت مفارقات كبيرة بين المعرفة الذوقية عن الصوفية، والمعرفة الإشراقية عند الفلاسفة، بل وجد فريق ينكر المعرفة الذوقية أصلاً ويجافيها، وكان هذا التنوع في الرؤى تجاه المعرفة سبباً في تفتيتها، وفقدانها صفة الجامعية
التعليقات مغلقة.