مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

لن تتعلم حتى تتألم

47

بقلم  – محمد صقر:

أحبائي دائما سلام الله عليكم و رحمته و بركاته أستعرض هذه المرة كتابا من نوع خاص و من طراز فريد يكسو غلافه مزيد من الألم و من المرارة تأثرا مني بما مررت به على مدار الأيام الخوالي و تعبيرا مني أيضا عما أحويه بين أضلعي من أنين يمزق إياها و يجرحها و يقوى عليها مرارا و تكرارا بغير رحمة و لا شفقة و عما أشعر به من ألم و من توجع و من أسى فلقد انتابني مؤخرا ما لم يكن في الحسبان أبدا و الذي وقع على قرارة نفسي وقع الصاعقة إذ لاقيت ممن أحببتها ما فاق توقعاتي كلها فلاقيت منها غدرا و خيانة لا أستحقهما بالمرة حسبانا و إنسانية و هونا لا تزكية .


‏ حيث قد كنت أمينا عليها و صادقا في وعدي معها و مخلصا لمشاعري تجاهها ما مرت بالوعد الأيام ناهيكم عن أنه كم كنت أتقي الله – عز و جل – فيها كأخت قبل أن تكون معشوقة و كم كنت أعاملها معاملة حسنة خالية تماما من الجفاء أو الخيانة و بما يقتضي مني الحفاظ على الحب طاهرا شريفا عفيفا و سامحوني في ذلك فهي لم تعد تستحق مما سبق أي شيء و ذلك لأنني بعدما فعلت هذا كله قد نسيت هي ما عاهدت الله عليه من أجلها و ليتها نسيت فقط و إنما لم يبرح قلبي رصاص سلاح فتاك سلاح الانتقام و لكن أعود و أقول أنه ليس لي من الأمر شيء فإن الأمر كله بيد الله و ليس هذا أيضا هو المثير للجدل و لا أعني بالمرة مجرد الاعتراض أو التضجر و إنما لماذا فعلت بي كذلك معتبرا أنه لسنا بحكر أو بفرض عين على بعضنا البعض و لذا فسيظل بالي حائرا حتى أستدل على الجواب .

 

و سنتبادل سويا في فقرتنا هذه أسبابا أعدها و أحسبها شيئا من راحة البال و لو بشكل مؤقت و هي من استنباط تحليلي المتواضع للموقف ذاته و أول سبب أراه أنه قدر ما كان المرء صادقا فيما يقول و فيما يفعل قدر ما تألم قلبه و اعتصر حزنا و لعل ثاني الأسباب أنه ربما قد حل مكان صاحبنا المسكين بديل آخر فاستعاضت به و قررت التضحية بأول صادق و حسبما يتوارد في ذهني بشأن السبب الثالث فمن الممكن أن تكون هذه المحبوبة الخادعة خائنة بطبعها و بكل تأكيد فستكون معتادة على ذلك الأمر تطبعا منها فالمؤكد لدينا أن الطبع يغلب التطبع دائما و تلك هي الحكمة الراسخة التي وثقها الكثير و الكثير من الأحداث السالفة على مر العهود و أثبتتها التجارب المريرة و تناقلتها الأجيال مهما و إن حاول ذوو الطباع الخبيثة ابتداع المبررات الكاذبة هادفين إلى إقناع وهمي أو قد يكون إثبات غير ذلك أو حتى إثبات العكس .

قد يهمك ايضاً:

و أقول بكل صدق أنني لم أكن يوما ما بائعا للعشرة أو خائنا للأمانة فهذا ليس من طبعي على الإطلاق و لكني كنت – بعد مشيئة الرحمن – أنتوي و بشكل أكيد و جدي أن أنهي هذا الحب النهاية الصادقة التي ترضي ربنا الملك الديان و التي لا سواها يصلح كنهاية لحب صادق بين أي طرفين على الاختلاف و إنني لأعلم علم اليقين أن المشاعر أمانة غالية تتوجب علي صيانتها على الوجه الأمثل و كذلك الأمر فأنا أعلم جيدا أن الحب كلمة لا بد و أن تقال حينما يأتينا إحساس داخلي صادق و بوعي كامل من كل حبيب بمسئولية كمسئولية حب الشاب للفتاة و العكس صحيح كذلك الأمر فالكلمة عهد يرعاه و يشهد عليه رب العالمين .


‏ و أضيف – بعد ذلك – قائلا و ما أبريء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء فأنا الآخر – مستعيذا بربي من لفظة أنا و من كل شيطان رجيم – قد أخطأت الاختيار بعد و قد ضللت طريق المحبة الصحيحة و الصحية أي الصادقة التي تظل جوهرة أو لؤلؤة ثمينة في القلب و تظل أمانة في الأعناق و في رواية أخرى هي لم تكن تحبني البتة كما نتصور جميعا من خلال السياق بل هي فقط قد كانت بارعة في التمثيل و أدت دور الخداع بكفاءة و اقتدار و بذا أضحيت الشاغل لها في أوقات الفراغ و الأداة التي تعول عليها في أن تلهو أو تمرح إذا أرادت و الوسيلة التي ترضي بها غرورها ربما أمام نظيرة أخرى من الفتيات و ربما أمام حبيب آخر سلا عنها و تركها و عاقبة أمرها فأخذتني سلاحا تثأر به منه انتقاما و هذا جائز و لا أخجل و لا أستح أبدا أن أقول ذلك على الملأ و أمام الجميع فلا حياء من الحقيقة .

‏و أؤكد لكم من جديد تأكيدا أجد به و تجدون معي برهانا دامغا على سلامة ما أقول فهذا – للأسف الشديد – هو حب الامتلاك و هو أيضا ما قد وصفته حروفي أعلاه أعاذني الله – تبارك و تعالى – و إياكم منه دائما و أبدا ما أحيانا و لا أخجل إطلاقا أن أذكر أنه كم هو مرير أن يقع القلب في هوى من لا يوصف إلا بالأنانية القاتلة و حب الذات بطغيان ! فلا يعير اهتماما بمشاعر غيره و لا يعبأ بأنات صدره و لا بأنه من الواجب عليه أن يحسن سكن قلب الطرف الآخر .


‏و نتاجا لذلك فكان لزاما علي أن أنصحكم و أوصيكم و إياي من قبلكم أنه إذا شاءت الأقدار و واتت الظروف و سكن أحدنا قلب أحد فعليه و أن يحسن سكنه فإن خراب القلوب ليس بأمر هين قط و إنما هو جرم كبير بدليل إدانة و بسند قانوني و بحجة شرعية و عليه فلا استهانة به أرضا أو سماء فكفى أنه يبقى لحن أنين و يظل ساكنا بقلب صاحبه أمدا بعيدا و أقول العمر حتى منتهاه و لا شفاء منه فهو يؤدي بالمرء منا – لا قدر الله – إلى الولوج في حالة نفسية سيئة تتطور لتنقلب عزلة ينعزل بها الإنسان عن العالم حتى يأتيه الأجل و هنا فسأذكر أنني رغم كل ما لاقيته من عناء مخلف من وراء هذه العلاقة إلا أنني غير نادم على الإطلاق على كوني صادقا فيما شعرت به و فيما قلته و فيما أكننته من حسن النية تجاه تلك الفتاة .



و بعد فتحضرني سيرة الصحابي الجليل – أبي ضمضم – الذي قيل عنه أنه قد تصدق بعرضه على المسلمين و يكأنه ترك الملائكة لترد عنه و ها أنا ذا أسير على هذا الدرب واثق الخطى ثابت العزم و الرشد و لا أنتوي العودة مجددا إلى من آلامت فؤادي ألما جعلني أصرخ و أنتفض مرة أخرى و هو الألم الذي لازمني حتى ساءت حالتي الصحية و المحزن – السيدات الفاضلات و السادة الأفاضل – أن ذلك قد حدث دون قدر بسيط من الرأفة أو من الآدمية و على كل فإنني أحتسب من كل ألم تعثرت حالتي النفسية على أثره عند الله – عز و جل – مؤمنا بأن زكاة القلب هي الألم و واثقا بعدالة الله – الحكم العدل – فإنني ما رأيت عدلا كعدل الزمان إذا دار مستعينا بقوله الكريم : – بسم الله الرحمن الرحيم – ” و تلك الأيام نداولها بين الناس … ” – صدق الله العظيم – و آملا بالله كل الأمل أن يجعل من ذلك مغفرة لذنوبي و عفوا عني .

و أخيرا و ليس آخرا و رأفة بي و بكم فما كتبته و قرأتموه أدرك أنه أشد صلابة من الحجارة و أشد بأسا من الحديد حتى ليرق له أقسى قلب فينا و ليخور أمامه – دونما مراء – أشدنا جأشا و قوة و لا يسعني سوى أن أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرد لكل مظلوم منا في الهوى مظلمته فكثيرون من هم مثلي و كم من إنسان وقع في الهوى فهوى و لكن لنربط على قلوبنا التي كثيرا ما آلامتنا بالصبر الجميل و بقول الله تعالى – بسم الله الرحمن الرحيم – ” و لا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون و إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار … ” – صدق الله العظيم – و ليطمئن وجدانك أيها المظلوم قهرا أنه و إن ظننت أن حقك مهدور في الدنيا فإنه مصون في الآخرة كما أن حقوق الخلق ودائع عند الله و الله لا تضيع ودائعه .

و ختاما فعن نفسي – كمحمد صقر – كاتب هذه المقالة و كمار بهذه التجربة القاسية و المجحفة و بالأصالة عن كل من ظلم في حبه لفتاة و لو بسوء ظن أو تفاهم أو تقدير و خلافه فأيا يكن لتكن مواساتنا لأنفسنا أن الله هو من قدر هذا و هو كفيل به و أقول لكل فتاة جارحة مخادعة خائنة في هذه الحياة لتتعظين أختاه من قول المولى – عز و جل – الذي ذكرناه سابقا و أقول مرة أخرى أنني و من هم على شاكلتي نستعين عدلا إنصافا بالله العلي القدير على شكوانا الآلام و دائما ما نسأل الودود ما نود موقنين بأنه و اتقوا دعوة المظلوم فإنه ليس بينها و بين الله حجاب أدام الله علينا و على جميع خلقه سلام النفس و سكينة الروح و اطمئنان الفؤاد ما غرد طير في الفضاء و ما نزل الغيث من السماء و ما كبرنا بكلمة الله و ما دمنا أحياء – نرزق من فضله – حتى نلقاه .

التعليقات مغلقة.