مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

قراءة في قصة قصيرة

0

بقلم – سليمان جمعه:

قد يهمك ايضاً:

عند وعدي

صالحة حمدين طفلة بدوية من فلسطين فازت بجائزة هانز كريستيان الدولية للقصة الخيالية من بين 1200 عمل من جميع أنحاء العالم عن قصتها “حنتوش”
اسمي “صالحة”، أنا من مدرسة (عرب الجهالين)، أعيش في خيمة صغيرة في (وادي أبو هندي)، عمري 14 سنة. في النهار أدرس في مدرسة القصب، وقد صنعوها من القصب لأن الجنود أعلنوا أن أرضنا منطقة عسكرية مغلقة, حيث يتدربون على إطلاق النار في منطقة الزراعة.
يعيش معن…ا في الخيمة سبعون نعجة، وأقوم أنا بحلبها بعد أن أعود من المدرسة، وأصنع الجبن ثم أبيعه لأهل المدينة.
الطريق هنا وعرة لأن الجنود يمنعونا من تعبيد الطريق، ويتدربون على إطلاق النار في الليل، وأنا أكره صوت الرصاص، أكاد أجن منه، فأهرب، نعم أهرب.
لا يوجد لدي دراجة هوائية، لأن الطريق وعرة، ولا سيارة عندي ولا طيارة، لكن عندي شيء أستخدمه للهروب. اقتربوا، اقتربوا، سأوشوشكم سراً، عندي خروف يطير اسمه “حنتوش”، لونه أسود وأذناه طويلتان، له جناحان سريّان يخبئهما داخل الصوف، ويخرجهما حين أهمس في أذنيه يا حنتوش يا خروف أطلع جناحيك من تحت الصوف أغني في أذنيه، فيما يبدأ الجنود بالتدرب على إطلاق الرصاص، وأركبه ويطير بي، والبارحة هربنا إلى برشلونة. سنقول لكم شيئاً، في (وادي أبو هندي) لا يوجد ملاعب أصلاً، لأن الأرض مزروعة بالألغام.
وفي (برشلونة) قابلنا “ميسي” صاحب الأهداف الكبيرة، لعبنا معه لساعات طويلة، خروفي “حنتوش” كان واقفا حارساً للمرمى، وأنا أهاجم “ميسي” وفريقه، أدخلنا في مرماهم خمسة أهداف.
أراد “ميسي” أن يضمني أنا و”حنتوش” إلى فريق (برشلونة) لكننا رفضنا، نريد أن نعود إلى (أبو هندي) لأن الأغنام هناك تنتظرني فلا يذهب أحد غيري ليحلبها، فأبي في السجن منذ ست سنوات وبقي له تسع عشرة سنة. سأقول لكم سراً: أخبرني “ميسي” انه سيزور (وادي أبو هندي) بعد سنتين.
سنقيم مونديال 2014 في (وادي أبو هندي)، سننظف معاً الأرض من الألغام، وسنتبني أكبر ملعب في العالم، وسنسميه “ملعب حنتوش”، وسيكون الخروف شعار المونديال.
وأهلاً وسهلاً بكم جميعاً في (وادي أبو هندي)، نحن جميعاً بانتظاركم.
قصة الطفلة الفلسطينية الفائزة بجائزة “هانز كريستيان: الدولية للقصة الخيالية
على بساطتها …….لكنها تحكي قصة شعب
اسمي / هويتي صالحة ..من الصلاح فهويتي عمل صالح احد اركان الايمان …
الهوية ايمانيةسماني اهلي بها كامتداد واعتراف بصلاح المناداة به …اي هويتنا كذات فردية وجمعية .
انا من مدرسة عرب “الجهالين” ..
اول اشارات الصلاح انتمائي الى مدرسة ..حيث التربية والتعلم …
ماذا نتعلم فيها وهي عرب … ان الانتماء للقبيلة اي الانتماء لعادات معينة هي الجماعة ولسنا افرادا مشردين .بل لنا عصب نعرف به .. هويتي بالانتماء لجماعة ولاسم ..والاسم يشكل رابط اعتقادي اجتماعي او سياسي او مذهبي او تاريخي ..اي هوية انتماء مستمر غير منقطع ونتعلم ذلك في مدرسة ..
اعيش في خيمة صغيرة في وادي ابوهندي ..
الخيمة ..رمز عربي
والعيش فيها على ارض معروفة باسمها وادي ابوهندي ..
ان تتالي التسميات من جسدها كمكان لسكنى الروح والخيمة لسكنى الجسد والوادي لسكنى الخيمة .. هذا التدرج له ايضا تدرج زمني هي الطفلة الصالحة في قبيلة حمدين من عرب الجهالين .. سلسلة نسب زمنية ..ومكانية ومعرفية .. .هذه الهوية العيش ..تكاد تكون واقعية …تمثل حالا…
…………………كيف تتحر ك هذه الهوية ؟
في النهار ..وجعلنا النهار معاشا فيه نسعى بالخير .. لاني عمل صالح باسمي واسم عشيرتي حمدين من الحمد لله ..
الخيمة صغيرة وهي صغيرة … تناسب !!!
تتحرك الى المدرسة تتلقى العلم في مدرسة القصب .. وهنا معادل آخر للخيمة … خيمة من شعر الشاة والمدرسة من غلة الارض ..اي الطبيعية ..وبجهد يدوي ..لماذا هذا ؟ لان الجنود اعلنوا المنطقة عسكرية مغلقة ..
يطلقون الرصاص في الزراعة …ونحن نبني مدرسة ونتعلم وهم يزرعون الرصاص .. نحن نصنع من خيرات الارض مأوى لنا امنا روحيا بالعلم .ومن الخطر .وهم يطلقون النار التي تقتل وتحرق .. نحن السلام وهم الحرب ..نحن الارض .خيراتها وهم الخراب والاغلاق..
هنا الهوية تثبت ذاتها .. صلاحا وانتماء بعين السلام والله. والفضاء الرحب. يقابله شر وفضاء خوف وارهاب ….
هنا كلمة “الجنود”…تعريف تلمودي تذكر برب الجنود الذي يقود للحرب .. ضد من وانا صالحة حمدين وهذه هويتي السلام.. مما يحيل على انتمائهم التاريخي المجرم القاتل المغتصب للارض والبشر ..
.”.يعيش معن.ا.سبعون نعجة.. ….”
ندخل في مناخ آخر .. العيش مستمر ..في الخيمة ..بدل ان يكون لنا مسكن حديث ..هل تتسع الخيمة لذلك ؟ .نعم تتسع لذاكرة سبعين سنة من اغتصاب الارض ..كل نعجة سنة والخيمة انتماؤها كمثلنا ….نحلبها ونشرب لبنها لنتذكر ونصنعها جبنا ونبيعها في المدينة ..نعرف العالم اليها ….ومذاقها هي من نعاجنا من قضيتنا .. ..هذا التشبيه يبلغ ذروته ..الاستعارية .. ليكون قصدية الخييال والذهن والعاطفة .. ..ثبات في الارض ..نكنى به بخيمة ونعاج ..وطفلة تتعلم وتعمل ..والفتاة رمز للاستمرار لانها ام لاطفال .الغد وهي حاملة العادات ..بالتربية والارضاع… والمناخ كلها مؤنث ..من الشخصية والخيمة والمدرسة والنعجات … والارض… المدينة …مما يحيل للطافة والرقة …ولكن كذلك الرحم الولود للاستمرار .. في قبيلة عرب الجهالين بوادي ابوهندي…اي اطار جغرافي وعصبي…..
……..الحركة في المكان صعبة لا طريق لها ..معبد يمنعنا الجنود . لا وسايل نقل لنا حديثة ..ننتقل على اقدامنا .. في النهار كانوا يتدربون باطلاق الرصاص وفي الليل ايضا يطلقون الرصاص .. وهي تكره صوت الرصاص .. علامة تحيل نفسيا الى السلام …جعلنا الليل امنا وسكنا ..فهم يمنعون ذلك علينا ..اي يملؤن الوقت كله ارهابا …ليل نهار.. اي ضد طبيعة الخلق..
………….ما العمل؟
يحضر للذهن فكر طفولي واعتقادي واسطوري لينقذ الموقف ويتخطى الحواجز ويفتح افقا لا يستطيع الجنود منعه او التغلب عليه ..يتفوق عليهم ..ويتحدى الخوف..
اللجوء الى ابتداع وسيلة ..هي “حنتوش” ..
براقها الذي يطير بها الى العالم …
كيف تكون حنتوش ؟
اولا يعرف لغتها يفهم اغنيتها يطيع اوامرها .. له اجنحة سرية وهو سري . اذن .مخلوق اسطوري …يخترق كل القو.انين…بادوات صحيحة اجنحة وقصدية ..
خروف يطير يحمل صالحة / الهوية/ الشعب التاريخ/ ..السلام / يهرب بذلك الى الحياة هربا من هذا الارهاب ..
اي نحو نحتاج لقوة نبنيها من ذاتنا الاسطورية من عمق ايماننا …
ان.كان حنتوش براقا فهي
محمد الذي رأى الجنة والجحيم ..برحلة الاسراء والمعراج .. ..خيمة عربية / عرب يمتطون براقهم الى ارض يحاصرها الارهاب …ويكون خلاصا .. ذلك هو الايحاء البعيد .. اي ان نعيد روح محمد ببراقها ..فهل من منقذ يا الله؟..
حنتوش ..الاسود كالليل لا يراه الجنود ..يفلت منهم بلونه وسريته ..
الىاين هربت الى” برشلونة ” ..
مكان تاريخي ..يذكر بمجد آفل .وحركة حرة ايضا وعيش حديث ..يراه كل العالم …
في وادي ابو هندي لا ملاعب ..
الجنود يمنعون العيش بسلام كالعالم ..فهي مزروعة بالالغام اي كرة / لغم ..
ما دور ميسي اللاعب المشهور ..
هنا تتجلى اللعبة تحديا للعالم .. حنتوش حارس مرمى وانا صالحة لعبنا على ملعب برشلونة وضد ميسي فحققنا في شباكه خمسة اهداف ..اي نحن نتغلب اذا اتيحت لنا الفرصة المعجزة ان نعبش كهذا العا لم…ان نكون الاوائل …. رفضنا ان يضمنا ميسي الى فريقه..
تلك معلومة سياسية ..اذ ان العالم يسرق عقولنا وطاقاتنا ويضمها اليه .. لان لا ملاعب عندنا فارضنا محاصرة بالارهاب …ويطلقون النار في حقولنا ليل نهار ….وقدراتنا مسجونة .. تلك التي ستعتني بقضيتنا / النعاج…. اذن كل ما لدينا ..اذا صدق العالم معنا /ميسي …سنقذم المونديال على ارضنا ..وننظفها من الالغام … وتكون ارضنا واحة سلام ..
…..
ما الذي جعل الفكرة ممكنة .. .؟
مثلت بوادي ابوهندي فلسطين ..وبالخمية واسمها ..هويتها العربية والايمانية والسلام الذي تعيشه ..ومثلت بالجنود ارث تلمودي قاتل .. وبحنتوش الحاجة لقوة خارقة اسطورية تطلقهم للعالم ليعرف قضيتهم على حقيقتها وانهم.متل بقية الناس بل يتفوقون عليهم ..ومثلت بميسي المشهور العالم اللاعب في قذف كرة القضية .. وانا هم من يحقق الاهداف لانهم.اصحاب القضية …
اذن الفكرة ممكنة لانها تؤكد هوية شعب له حضارة وتاريخ ومعتقد ..
ما الذي سمح بانشاء شخصية حنتوش؟
اظن انه من عدة مصادر
اولا الاعتقاد بالجن وان يتجسد جسده باستعارات من اجساد اخرى فاجنحته مكونة بهذا الاعتقاد .
ومن قوة ان نفهم لغة الحيو.ان من قصة سليمان والهدهد والنمل والريح والجن .
ومن مصدر البراق وقصة المعراج..ووصفه وكم جناح له وفي الليل ايضا ..والانتقال في المكان والطيران ..
ومن قصة السندباد والرخ الكبير الذي كان يركبونه ويخلصهم عند السقوط في الوديان العميقة ” الف ليلة وليلة “.
ورحلات رسالة الغفران .. والزوابع والتوابع ..لابن شهيد ..ومنهما استقى دانتي كوميداه الالهية .. وحديثا ..الصور المتحركة . وفي قصص الخيال العلمي الكثيرة .. وخاصة الساحرة الطائرة ..
تلك التصورات لها مدلول واحد هو اختراق صعوبة كبيرة فوق طاقة البشر .. وهي لامعقولة لا تخضع للمنطق والعقل ولكنها قابلة لتسكن الخيال .. وتؤكد محدودية الانسان العقلية ومحدودية قوته فهناك قوة التخييل التي تبتدع وسائل خلاقة تتجاوز بها الحواجز ..وتلك.وظيفة الفن في الشعر وفي القصة ..وغيرهما ..
السؤال ..
لماذا يلجأ الانسان المبدع للاسطورة متجاوزا الله… .عدله ووعده بالانتصار للمظلوم ؟

 

 

اترك رد