” فريد بك حمدان” الفصل الأول الميلاد

بقلم – فتحى بدر:

السيدة جلثوم في شهرها الأخير مثقلة بحمل لم تشهد تعبا مثله، ترجو أن يكون ذكرا بعد ثلاث من البنات وعدد من مرات الحمل التي تعرضت فيها للاجهاض ، هي تريد ذكرا تستند بظهرها عليه وتميت شماتة بادية في عيون نساء العزبة وتتخلص من الخناسين الذين يوسوسون في رأس حمدان زوجها الذي يطرد الوساوس باستماته، فليس في رقتها أحد جلثوم ذات العيون الزرقاء والجبهة المنيرة والصوت العذب الذكية الحنون، التي تحمل جينات تركية ورثتها من أمها عزة النفس والصلابة، تتمناه ذكرا يرث من ابيه مهارته وذكائه وشخصيته وطموحه، حمدان نجار السواقي الماهر و كبير اخوته وشيخ البلدة والمزارع النجيب الذي توسعت ملكيته من خمسة فدادين الي اربعين فدانا بجهده وعرقه.
ومع فجر اليوم الأول من العام الأول من القرن العشرين وضعت جلثوم مولودها كان ذكرا كما تمنت ، ولد فريد …… يا للصبر ويا لحلاوة النعمة بعد طول الانتظار، ذهب الحزن فلتمت الشماتة في عيون النساء الذين كان يعزون غيرتهم من جمالها بأنها لا تلد الذكور…. فلتخرس الشياطين لن يتزوج حمدان بأخري فلا امرأة غير جلثوم …… ولد فريد
فليرتفع أنفك دائما يا جلثوم… اسندي بظهرك …. جاء فريد
قبلت جلثوم وليدها الذي ولد داخل برنس “كيس شفاف يحيط بالجنين”ثم قبلت يده قائلة سيدي وتاج رأسي….. يااااااه. احمدك يا رب… جبرت كسر قلبي وأقمت ظهري… يا رب احفظه لي حتي اراه سيد العمد كلهم.

خرجت القابلة تزغرد مبروك يا حمدان جالك ولد ، لفع بندقيته من علي الحائط واخذ يطلق الأعيرة النارية تشق سماء العزبة لتستيقظ قبل شروق الشمس، سمعها اهالي القري والعزب المجاورة فهرعوا يستفسرون عن صوت الرصاص ، لقد رزق حمدان بذكر يحمل اسمه ويرث عزه، دخل حمدان الي الحظيرة اخرج خمسة عجول من أثمن ما لديه ، اذبح ايها الجزار ليأكل الناس لحما حتي يزهدوه.

احتفي اهل العزبة واجوارهم بالنبأ السعيد وبالاحتفال التاريخي الذي لم يشهدوا مثله من قبل، وهنأوا حمدان وجاء الأعيان بالهدايا للمولود.

وقفت ست الدار أم حمدان توزع اللحم رغم شيخوختها، يزغرد قلبها، لفرحة حمدان الذي اكتملت بولد يحمل اسمه، اقترب منها حمدان يقبل يدها وراسها، هل اخترت له اسم يا ست الدار؟ … اسمه البيه يا حمدان .. اجابت أم حمدان، البيه يا امي –مبتسما– إيوه يا ولد اسمه البيه.. يبقي فريد بيه علي اسم خاله الظابط في الجيش المصري في السودان.

كان هذا ميلاد فريد بك حمدان