مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

فؤاد سَزكِين.. مِن تراث العلم إلى علم التراث

29

كتب: عبد الرحمن هاشم
نظَّم معهد المخطوطات العربية، منتداه التراثي الثاني لعام 2018م، بعنوان (فؤاد سزكين.. مِن علم التراث إلى تراث العلم)، وذلك في الساعة الخامسة عصرَ يوم الأربعاء، الموافق 8 مِن أغسطس 2018م، بمقر معهد البحوث والدراسات العربية (عمارة الأوقاف)، بميدان الدقي بالقاهرة.
وفؤاد سَزكِين هو العالم التركي الذي رحلَ عن دنيانا يوم السبت (30 يونيو / حزيران)، من سنة 2018م؛ والذي يُعَدُّ واحدًا مِن أهمِّ الذين خدموا تاريخ العلم العربي الإسلامي في القرن العشرين، وكان كتابُه الببليوغرافي (تاريخ التراث العربي) شاهدًا كبيرًا على التراث في القرن الماضي.

وقال الدكتور فيصل الحفيان (مدير المعهد) إن فؤاد سَزكِين ليس مؤرخًا للعلم فقط، وإنما هو محقق ودارس للحديث النبوي، ولد عام 1924م وهو أول من حصل على جائزة الملك فيصل للعلوم الإسلامية عام 1979م.

وهو أحد طلاب المستشرق الألماني هلموت ريتر، الذي أقنعه بدراسة التاريخ الإسلامي، حيث بدأ بتعلم اللغة العربية، وحصل على الدكتوراه في 1954 بأطروحة “مصادر البخاري“.

شغل منصب المدير الفخري لمعهد دراسات التاريخ والعلوم الإسلامية والعربية فى ألمانيا، والذي كان أحد مؤسسيه، ومن أهم مؤلفاته: تاريخ التراث العربي الإسلامي باللغة الألمانية، الذي بدأ بجمع مواده سنة 1947.

غادر سزكين تركيا إلى ألمانيا بعد أن منعته حكومة الانقلاب العسكري عام 1960، مع 146 أكاديمياً تركياً، من الاستمرار في جامعات البلاد، ليواصل دراساته في جامعة فرانكفورت، وتزوج بعد فترة وجيزة المستشرقة أورسولا سزكين التي كان لها دور كبير في إنجاز أعمال زوجها وبصفة خاصة موسوعة «تاريخ التراث العربي»، حيث كانت تراجع ما يكتبه وتقوم بتصحيحه وتعده للطباعة!

وفي 18 مايو/آيار سنة 1982، أسس فؤاد سزكين بأموال الجوائز التي حصل عليها (ومنها جائزة فيصل 1979)، وبمساعدات من دول عربية (أهمها المساعدة الكويتية)، «معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية» في إطار جامعة فرانكورت، ثم ألحق به متحفه الشهير لمخترعات الحضارة العربية – الإسلامية. وبعد سنتين بدأ سزكين، من خلال هذا المعهد، في إصدار دورية سنوية بعنوان «مجلة تاريخ العلوم العربية – الإسلامية» وذلك لنشر دراساته ودراسات علماء المعهد وعلماء المؤسسات الاستشراقية الأخرى.

نقول: رغم أهمية ما قام به سزكين وتميزه عن بروكلمان بذكر كل المخطوطات المتاحة عالميًا، وعدد أوراقها، وتاريخ نسخها، واسم محققها إن كانت قد حققت، ومكان وتاريخ نشرها، إلا أن مجلدات هذه المرحلة من كتابه لا تغنينا إلا عن نصف عمل بروكلمان تقريبًا؛ فعمل سزكين ككل ينتهي عند الثلث الأول من القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادى (430هـ/1039م) بينما يستمر تاريخ بروكلمان حتى نهاية النصف الأول من القرن العشرين. ومن هنا فإن كتاب بروكلمان، أو بعضه إن شئنا الدقة، ما زال يحتفظ بأهميته وفرادته.

وعن إسهاماته في خدمة التراث وتحديدًا كتابه الذائع، ومشروعه في النشر الذي أطلقه مِن معهد تاريخ العلوم بجامعة فرانكفورت الألمانية، تحدث الدكتور أيمن فؤاد سيد (أستاذ التاريخ الإسلامي، ومدير مركز تحقيق النصوص بجامعة الأزهر) قائلًا: كتب سزكين 18 مجلداً عن التراث العربي، كما أنشأ في 2010، وقف أبحاث تاريخ العلوم الإسلامية بهدف دعم أنشطة متحف العلوم والتكنولوجيا الإسلامية في إسطنبول.

وحقق مخطوطاتٍ تراثية غاية فى الأهمية والقيمة، منها، مثلا، تحقيقه الممتاز للكتاب التراثى المرجعى «مجاز القرآن» لأبى عبيدة بن معبر بن المثنى الذى يعرف جيدا دارسو الآداب والثقافة واللغة العربية قيمته الكبرى فى النحو والبلاغة والتفسير وما اشتمل عليه من نظرات جمالية بارعة فى تحليل النص القرآنى.

وكل من اتصل بدراسة الآداب العربية، والتراث العربى، وتاريخ العلوم الإسلامية، يعلم جيدا أهمية موسوعته الببليوجرافية الضخمة «تاريخ التراث العربى» التي تُرجِم المجلدان الأولان منها إلى العربية فى عشرة مجلدات ضخمة، تناولت جميع فروع العلم العربي ومجالاته وحقوله المعرفية؛ من علوم قرآن وحديث، إلى فقه وتفسير وتصوف، ويمتد الخط على استقامته ليشمل كل فنون وعلوم التراث العربى: أدب، لغة، تاريخ، جغرافيا، فلسفة، زراعة، طب، فلك، هندسة، بصريات.. إلخ.
ولقد وُلدت بذرة هذا العمل الموسوعى الضخم لتكون استكمالا واستدراكا لعمل المستشرق الألمانى القدير كارل بروكلمان «تاريخ الأدب العربى» الذى كان له فضل السبق فى القيام بهذا العبء الجبار لتأريخ وتوثيق التراث العربى بأكمله المخطوط منه والمطبوع.

وكان اتصال فؤاد سزكين بأستاذيه ريتر وريشر أمرًا قدريًا؛ ففؤاد سزكين الذي ولد في إحدى مدن الأناضول شرق تركيا، وذهب إلى المدارس الإعدادية والثانوية في محافظة «أرضروم»، كان يخطط للالتحاق بكلية الهندسة في جامعة إسطنبول. وهناك حضر قدرًا إحدى محاضرات هيلموت ريتر، أستاذ فقه اللغات الشرقية بالجامعة، فتغيرت خطط سزكين بالكامل، فترك حلم الهندسة وأصبح تلميذًا عند ريتر بداية من عام 1942.

وعندما تبين ريتر مواهب تلميذه الجديد، بدأ يوجهه إلى تعلم اللغات ودراسة تاريخ العلوم عند العرب والمسلمين. وكان من منهج ريتر التدريسي أن يقوم تلاميذه بتعلم لغة جديدة كل سنة، ولذا فقد تعلم سزكين عدة لغات مهمة لأبحاثه من بينها العربية والسريانية والعبرية واللاتينية والإنجليزية والألمانية بالطبع.

وعندما توثقت علاقة فؤاد سزكين بأستاذه هيلموت ريتر كان يصطحبه إلى مكتبات إسطنبول التي كان يعرفها جيدًا، ويطلعه على مخطوطاتها وينقل إليه خبراته ومعارفه.

ويذكر فؤاد سزكين أنه أرسل نسخة من «تاريخ التراث العربى» المجلد الأول، بعد صدوره إلى أستاذه هيلموت ريتر فتلقى منه بطاقة بريدية كتب عليها: «لم يستطع أحد تأليف كتابٍ كهذا من قبل، وأعتقد أنه لا أحد سواك يستطيع القيام بهذه المهمة، أهنئك على هذا النجاح».

وبعد صدور المجلد الأول حصل فؤاد سزكين على منحة من الجمعية الألمانية للبحوث لتمويل إصدار بقية المجلدات ودفع رواتب المساعدين.

وفي أول زيارة له لمصر ظهر يوم 23 يوليو 1952 توجه إلى دار الكتب المصرية، ونشأت بينه وبين والدي فؤاد سيد صلة مودة وكذلك الحاج مسعد المجلد وعبد الرحمن عبد التواب.

وتوالت بعد ذلك زياراته لمصر وكنت غالباً أكون في استقباله نظرًا لقرب مسكني من المطار.

وكانت آخر جائزة عالمية يتسلمها هي الجائزة العالمية الإيرانية عن مؤلفه «تاريخ العلم والتقنية عند المسلمين» صدر في 5 مجلدات.

وتحت عنوان: (مصادر البخاري.. عندما يُطلب الحقُّ لذاته)، تحدث الدكتور أحمد معبد عبد الكريم (أستاذ الحديث بكلية أصول الدين)، عارضًا الآراء التي خلصَ إليها سَزكين في دراسته عن البخاري، وما قال به أولاً إزاء أسانيد البخاري، ثم رجوعه عن ذلك.

وأوضح أن الدكتور أحمد الطيب عندما كان رئيسًا لجامعة الأزهر، استضاف فؤاد سزكين، وحشد له رؤساء أقسام الحديث بكليات الجامعة ليحاضرهم في قاعة مجلس الجامعة، لمدة ثلاث ساعات، متراجعا عن رأيه السابق في مصادر البخاري وأسانيده.

والحقيقة أن الرجل بعد أن استشكل عليه التسع مواضع التي نقلها البخاري من «مجاز القرآن» والبخاري لم يعاصر صاحب مجاز القرآن ولم يسمع منه، فظن باديء الأمر أن هناك أسانيد ناقصة أو من وضع المحدثين في صحيح البخاري، لكن زوجته أشارت عليه ـ كما قال في محاضرته بالأزهر ـ أن يعيد قراءة صحيح البخاري كاملا سندا ومتنا، وبالفعل تيقن أن البخاري لم يعتمد على روايات شفاهية وإنما اعتمد على كتابات ومدونات، وبدلا من أن يأخذها بالنقل أخذها بالرواية لأن عصره عصر قائم على التلقي بالحفظ والرواية.

وهنا نؤكد أن التدوين المبكر للسُنّة حقيقة لا تقبل الشك، وقد اعتمد البخاري على مصادر مكتوبة وليست مصادر شفوية.

وتحدث الدكتور أحمد فؤاد باشا (الأستاذ المتفرغ بعلوم القاهرة، وعضو مجمع اللغة العربية) في المحور الثالث، عن إسهام سَزكِين، في تغيير صورة العلم العربي وما قام به من نقلة نوعية في هذا الصدد، قائلًا: كانت الفكرة قد تطورت عند فؤاد سَزكِين من إتمام كتاب بروكلمان وتصحيحه إلى إصدار عمل جديد مستقل يضم المواد كلها في ترتيب وتنسيق جديدين.

ومن بين التغييرات الكثيرة التي أدخلها سزكين على عمل بروكلمان المتصل بتلك المرحلة، أنه أعاد ترتيب مادة الكتاب، فلم يبدأ بالشعر مثل بروكلمان، وإنما بدأ بعلوم القرآن، وأنه غير العنوان حيث استخدام مصطلح «التراث» بدلاً من مصطلح «الأدب» وبذا تخلص من أحد المآخذ الأساسية على بروكلمان؛ حيث أصبح العنوان «تاريخ التراث العربي» أكثر ملاءمة لمادته التي تشمل مجالات علمية وأدبية متنوعة.

واسمحوا لي أن أغيّر في منهج المحاضرة قليلًا، وأبدأ بتعليق قصير على الجزء الأول من موسوعة «تاريخ التراث العربي»، فبمجرد صدور الطبعة العربية للجزء الأول من هذا الكتاب، سارع المتخصصون بالتعليق عليها.

فها هو الدكتور أكرم العمري أستاذ التاريخ بجامعة بغداد، أول من علق على هذا العمل في دراسة منشورة في مجلة المورد العراقية فبراير 1973م، ذكر فيها 23 ملاحظة، وصحح 56 خطأ مطبعيًا وعلميًا بعد أن اعترف بالطبع بالقيمة العلمية للكتاب ونوه بجهود مؤلفه.

قد يهمك ايضاً:

“خليكم في الظل ” بيان عاجل من الأرصاد بشأن طقس…

ونشر الباحث حكمت بشير بحثًا في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بعنوان: “استدراكات على تاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين في كتب التفسير”.

وأصدر الباحث نجم عبد الرحمن خلف كتابًا بعنوان: “استدراكات على تاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين في علم الحديث” دار البشائر الإسلامية.

وتلى ذلك دراسات وكتب عربية تستدرك على عمل سزكين وتحاول تصويبه وتصحيحه وإكماله.

أقول هذا الكلام لأنه يُشكر لفؤاد سزكين أنه نشر مؤلفاته عمومًا باللغة الألمانية والتركية ليقتصر الطريق؛ طريق تعريف الآخر بتراثنا وبإنجازنا الحضاري، حتى يسمع الغرب صوت الحقيقة عن تراث العرب المسلمين الذي كثيرًا ما تعرّض للنقد اللاذع من المستشرقين.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يحزنني أن يكون العرب هم آخر من يطلع على موسوعة سزكين، فقد كان المأمول أن يطلع العلماء العرب المتخصصون على هذا الجزء قبل طبعه تفاديًا للملابسات التي وقع فيها سزكين، والتي تم تكريسها في الغرب بالطبعة الأجنبية!

أقول ولدي خبرة مع مستشرقين آخرين عندما كتبوا عن موضوعات وأقحموا فيها أمورا من صميم الدين تؤخذ عليهم ثم اضطروا إلى التراجع بل وسحب ما قالوه حتى لا ينشر بالعربية مرة أخرى!

السؤال: طالما اعترف فؤاد سزكين بما أخذه الناس عليه.. لماذا لم يرد هو نفسه بمؤلف حتى يُبريء نفسه ويكون وثيقة ترد على وثيقة، وتراجع يحسب له بدلا من أن يهرع إلى الأزهر ويقول خطابًا أمام العلماء المتخصصين وقد كان الأحرى به أن يخاطب الغرب بلغة الغرب!

والسؤال بمعنى آخر: ماذا عن المكتوب في الطبعة الغربية التي قرأها الغرب بجميع اللغات؟

إن ما يؤخذ على سزكين أنه لم يبريء نفسه من هذه الأشياء، مع ملاحظة أنه أخذ جائزة الملك فيصل العالمية سنة 1979م ولو كانت عليه شبهة تتعلق بالبخاري ما أعطوه الجائزة.

واسمحوا لي أن أنتقد عنوان المحور المفروض أنني أتحدث فيه وهو «صورة العلم العربي قبل سزكين وبعده»، فسزكين علمٌ من أعلام القرن العشرين في تاريخ العلوم، لكن التأريخ به أنا لا أميل إليه.

لا أميل إلى (ما قبل فؤاد سزكين) ولا إلى (ما بعد فؤاد سزكين)، إنما نقيم أعماله العظيمة، ونفرق فنقول: قبل القرن العشرين، وبعد القرن العشرين.

تناول فؤاد سزكين علم الحضارة العربية، وبنية العلم العربي والثقافة العربية تقوم على قوائم هي: الدين الإسلامي، واللسان العربي، والهدف الإنساني، والامتداد الحضاري.

فؤاد سزكين كان لا ينظر إلى التاريخ مجزءًا بل ينظر له ككل.. هناك حضارات قديمة، وحضارة في العصور الوسطى ـ كانت ظلامًا في الغرب لكنها كانت نورًا وإشعاعًا عند العرب المسلمين ـ وهناك النهضة الأوروبية والعصر الحديث.

فؤاد سزكين وضع هذه الأمور في نصابها، لكننا عندما تركنا غيرنا يستأثرون بكتابة التاريخ عمومًا وتاريخ العلوم خصوصًا، رفعوا من شأن بعض الحضارات مثل الحضارة الأوروبية، وحطوا من شأن الحضارات الأخرى، وبالذات الحضارة العربية الإسلامية.

يُحسب له أنه أنصف هذا الجزء من التاريخ الإنساني ككل، وهو يُقسّم المستشرقين إلى قسمين، قسم ينتهج الموقف العدائي من حضارتنا العربية الإسلامية، وقسم منصف إلى حد كبير، ومنهم أساتذته.

وفؤاد سزكين كان يُميز عصر الحضارة الإسلامية بأنه عندما نقل من الحضارات القديمة فإنه كان ينقل بأمانة.

ثم يقول: وعندما بدأ الغرب ينقل عن الحضارة الإسلامية فإنه كان ينقل عن أعدائه.

إذن، بيّن سزكين الفارق بين حركة النقل عند العرب المسلمين، وحركة النقل عند الغربيين.

يقول سزكين: “إن عملية الأخذ والتمثيل قد تمت لدى اللاتين على غير الصورة التي تمت لدى العرب.. لقد كان اللاتين أهل لا دين، مضطرين إلى أخذ المعارف من الأعداء السياسيين والدينيين، يشعرون بشعور العداء ممن يأخذون عنهم، ففقدوا الوضوح والصراحة وهما العنصران المتمثلين في المسلمين”.

الطريف أنني قرأت اليوم فقط في مجلة الأزهر عدد ذي القعدة مقال للدكتور محمد عمارة تحت عنوان: “أضواء على حقائق الإسلام”، قال فيه: “نعم، لقد كان اللاتين يأخذون عمن يعتبرونهم أعداء، وعمن يعتبرونهم دونهم في سُلّم الإنسانية، إذ افتقد نقلهم ـ كما يقول الدكتور سزكين ـ إلى الوضوح والصراحة، فلم يذكروا المصادر ولا الأسماء التي نقلوا عنها في الأغلب الأعم، فكان نقلًا أقرب ما يكون إلى السرقة. بينما كان النقل الإسلامي واضحًا صريحًا موثقًا”.

ومع ذلك، فيمكنني القول إن شغل فؤاد سزكين يغلب عليه الطابع الكمي، وأحيانًا أتساءل: أين الفكر في منهج فؤاد سزكين؟ وأين الصدق في هذا المنهج أيضًا؟

يقول لك مثلًا: “إنني أول من كتب عن تاريخ الكيمياء في الإسلام”.. بينما عندي ألف دليل على أنه ليس الأول.

ويقول: “..وكتبت عن تاريخ علم النبات ولم يكتب عنه فيما مضى أيضًا”.. فماذا نقول عن الشفاء لابن سينا، والنبات لعبد الحليم منتصر، وغير ذلك.

ويقول: “.. وقد كتب عن تاريخ الطب، لكنني أول من كتب عن تاريخ علم الحيوان في المجلد الرابع، وفي المجلد الخامس تناولت تاريخ الرياضيات، وكان هناك آخرون يكتبون عن تاريخ الرياضيات، أما أنا فقد تناولت هذا الموضوع بطريقة أخرى”. كلمة مبهمة، لكن عندنا عالم عربي معروف وأنشأ مدرسة تراثية مشهود لها في الرياضيات وألف بالفرنسية وغير الفرنسية والعربية موسوعة وصلت لأكثر من 15 مجلدًا في الرياضيات هو الدكتور رشدي راشد الذي بنى مشروعه الحضاري على الرياضيات وضمت مدرسته علماء كثيرين، وهي موسوعة مهمة جدًا في تاريخ الرياضيات ومع ذلك لم يشر إليها فؤاد سزكين بالاسم!

وعلى كل حال، فنحن نقول ما قاله سزكين: إذا أراد المسلمون أن يكون لهم مكانة بين الأمم فلابد أن يؤمنوا يقينًا أن لهم مكانة قيمة في تاريخ العلوم الإنسانية المشتركة وليثقوا في قدراتهم.. هذا هو أحد مقومات النهضة العربية المنشودة”.

ونحن نؤيد ما قاله سزكين ونردده: “أن نجعل المسلمين يدركون عظمة الحضارة الإسلامية أصعب من أن نجعل الغرب يدركون عظمة هذه الحضارة”.

اترك رد