صالون الزمبيلي الثقافي يؤكد فائدة المصالح المرسلة في جلب كل منفعة للناس والتكيف مع مستجدات الحياة البشرية
كتب – المنشاوي الورداني :
عقد صالون عبد الحميد إبراهيم الزمبيلي بالقاهرة فعاليته الخامسة عشرة، بمحاضرة عن قضية “المصالح المرسلة وعلاقتها بالسياسة الشرعية”، بحضور نخبة من المفكرين والأدباء والباحثين.
وقالت الدكتورة سامية سلام، أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية الآداب جامعة بني سويف، إن تطبيق “المصالح المرسَلة” يتم في المجال السياسي بصفة خاصة؛ لأنه ليس من دليل يُلزم بشكل معين من أشكال الحكم في الإسلام من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس، وليس من دليل يمنع شكلا من أشكال الحكم في الإسلام.
وأشارت إلى أنه هكذا يتصل التغيير في أحكام السياسة الشرعية بشكل وثيق بـ”فقه الواقع”؛ الذي من أهم أسسه المصلحة وأثرها في الأحكام الشرعية.
وأوضحت أستاذ الفلسفة الإسلامية أن “المصالح المرسلة” هي المصالح التي لم يشهد لها الشارع بالبطلان ولا بالاعتبار، أو هي كل منفعة داخلة في مقاصد الشارع، فإذا حدثت واقعة ليس للشرع فيها حكم، ولا فيها علة معتبرة، ولكن يوجد فـي تـشريع الحكم فيها ما يحقق نفعًا أو يدفع ضررًا، فهذا ما نطلق عليه “المصلحة المرسلة”.
وأضافت: يعبـّر الـبعض عن المصلحة المرسلة بالمناسـب المرسـل أو بالاستصلاح، أو بالاستدلال المرسل، أو بالقياس المرسل. وهي أن يرى المجتهد أن هذا الفعل يجلب منفعة راجحة، وليس في الشرع ما ينفيه. ويمكن تطبيقها علي كل واقعة لم يرد عن الشارع نص خاص يدل على اعتبارها ولا على إلغائها، وليس لها نظير تقاس عليه، وتكون في الوقائع المسكوت عنها، ويحصل من بناء الحكم عليها جلب منفعة للخلق أو دفع مفسدة عنهم.
كما أوضحت أستاذ الفلسفة الإسلامية أن “السياسة الشرعية” هي المجال الذي يضفي الطابع العملي أو التطبيقي على المفهوم الأصولي للمصلحة، إضافة إلى كون المصلحة أداة استدلالية في بناء الحكم الفقهي. وهي مكون رئيس من مكونات السياسة الشرعية.
وذكرت أن “السياسة الشرعية” بالمعنى العام: تشمل الأحكام والتصرفات التي تدبر شؤون الأمة في حكومتها، وتنظيماتها، وقضائها، وسلطتها التنفيذية والإدارية، وعلاقتها بغيرها من الأمم.. وبالمعنى الخاص هي: كل ما صدر عن أولي الأمر، من أحكام وإجراءات، منوطة بالمصلحة، فيما لم يرد بشأنه دليل خاص متعين، دون مخالفة للشريعة.
ثم قامت د. سامية سلام بتطبيق موضوع “المصالح المرسلة” علي فكر ابن رشد، فقد اهتم بفكرة القياس المرسل، لا سيما فيما يخص قضايا المرأة وقضية وحدانية السلطة.. موضحةً أن هذا يتوافق مع فكر ابن رشد الرامي الي التوافق بين العقل والنص، وتقديم البرهان على القياس الأصولي.
وفي تعقيبه، أوضح د. محمد صالحين، أمين عام الصالون- أستاذ الفكر الإسلامي بكلية دار العلوم؛ أن المصالح المرسلة من ناحيةٍ هي من أقوى البراهين على احترام الشريعة لعقلية العلماء، والحكماء، والخبراء؛ كل في مجال اختصاصه، ومن ناحيةٍ أخرى: تتيح حجية المصالح المرسلة مواكبة الشريعة الإسلامية لكافة مستجدات الحياة البشرية؛ حُكمًا وتكييفًا، وإفادة.. ومن ناحيةٍ ثالثة فإن الاحتجاج الشرعي بالمصالح المرسلة يستهدف الحضور الحضاري الفاعل للإسلام، والشهود الحضاري المؤثر للمسلمين.
وبيَّن أستاذ الفكر الإسلامي أن المصالح في الإسلام خاصة المصالح المعتبرة؛ من شأنها الحفاظ على الكليات الخمس: حرية الاعتقاد والفكر، الحفاظ على العقل وهو مناط التكليف، الحفاظ على النفس والعرض أو النسل، وكذلك الحفاظ على الملكية العامة والخاصة.
ثم ذكر د. محمد صالحين عشرات الأمثلة على المصالح المرسلة؛ بدءًا من عصرة النبوة، في وقائع؛ مثل: تأبير التخيل، وحفر الخندق، وإجازة بيع السلم.. ثم في عصور الراشدين؛ في قضايا: كيفية تولية الخليفة، وجمع المصحف، ونسخ المصاحف، وتدوين الدواوين، وصلاة التراويح.. ثم في مصالح مثل: درجات التقاضي، وقوانين المرور، وإقرار وثائق حقوق الإنسان، والمرأة والطفل، وتراتب مراحل التعليم ونوعيته، ومأسسة أجهزة الدولة، واستبدال الأوراق النقدية بالذهب والفضة في المعاملات المالية، وتوثيق عقود الزواج والبيع والشراء.
التعليقات مغلقة.