مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

سلسبيل

بقلم – محمد الشطوي
قد يهمك ايضاً:

على سفح الأهرامات .. ثقافة الجيزة تحتفي باليوم العالمي…

تفاصيل البحث عن علا 2 قبل عرضه غدًا

ضمختْ شفتيها الجافتين بهذيانه وقد مُحنتْ بظلمات التيه من حوله.
اقترحوا عليها:أن تسرح شعرها وتضمخه بالزعفران ،ويكتب بمائه على يديها وخديها ،وتحرص ألا ينخفض الزيت في القنديل.
بدا لها قفطانه الحريري معلقا في خطاف مدلى من سقف الحجرة الخشبي،لم تكد تلمسه لتتأكد من وجوده حتى انتشرت خيوطه ليمتلئ المكان بتراب أحمر يجعلها تعطس وتدمع.
أنصتت لزفيره يتدافع ساخنا كالموج من مكان ما..كان ذاخرا بالبخار والأشواك.
أدركت أنه يهذى مما يصيبه من دماء القتلى ،وأنه يحاول النهوض ويتجنب عثرات طريق ينحدر ضيقا على غرب الدار..كان ينتخب لنفسه برزخا بين العرس والدفن.
نادوه : يا سلسبيل .. لا يمكن لمثلك أن يموت عطشانا وأنت راو الظمأى !
ألم تقرأ ماكان في شال عمامة أبيك؟ لقد فسر لك كيف ستنهل وحدك من فرات الأحلام.
هزت قبضتيها في الفراغ وهي تقول:
لن يستمر هذا الهذيان..سيأخذ بيد الفتى ملك كريم ،وستغفو أمه في كمه.. سينتشي وملء يديه التبر والنبيذ.
ها هو.. الماء يسري مجددا في شرايين الحديقة، والموعود يزهو في ثوب سندسي فضفاض ،يحنو على أمه ،ويمج قهوته المرة.
نهضت تقرأ له من كفه ،وتمسده بترياق من ماء القرنفل ،وقد أخذته حمى الهذيان من أطرافه فراح ينز الضوء والماء.
رويدا رويدا انتبه..مضى يهلل في سره يهتز لزمهرير الروح، وبهجة الأسماء.
فرحت إذ رأت لفحة الحمأ،ولعنة الغيوم تنصب كالحليب في وعاء السلسبيل.

اترك رد