مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

ثلاثة عيون

2

بقلم – وليد العايش

قد يهمك ايضاً:

“لا” في ختام الموسم المسرحي لقصور الثقافة…

غدا السبت.. “المركز القومي” يعرض 3 أفلام بنادي…

امتشقت عبير ثوبها الزهري المطرز ، شال أسود يداعب خصلات شعرها المديد ، الذي ربما جاوز المدى ، التقفت وردتها الحمراء الباكية ، أشاحت بظهرها وغادرت منسلة بين عيدان القصب ، متوارية عما حولها في تلك الظهيرة ، كانت الشمس تدق أسافين حرارتها بلا رأفة ، تحاور رؤوس القصب التي تحاول الإختباء خلف أصابعها ، بينما خرير مياه الساقية تكسر وهج حرارة إلهية ، السكون يبدو كلحن أغنية صامتة مهجورة ، الأم التي اخترقت جدار الأربعين تأوي تحت ظل شجرة الزيزفون ، عيناها تكافح التعب للحظات ثم تعلن استسلامها ، بينما كان الأب على سرير تحطمت حوافه ، يغط في سباته اليومي المعتاد ، الكلب يحاول المراقبة عن كثب ، كان يتابع خطوات الصبية من بعيد ، دون أن يبدي اعتراضه ، تشابكت الأيدي بحرارة ، الهمسات تخترق السكون المهاجر ، ثغور ملتهبة تدنو أكثر من صراخ الصمت ، تمتم خالد بكلمات لم تسمعها إلا عبيره ، الكلب يشيح بنظراته خجلاً ، الشمس تبدأ رحلة الانعطاف الأخير ، استيقظ الأب من قيلولته ، الزوجة ماتزال تستمتع بظل الزيزفون ( أين عبير ) سألها أبو خالد ، لم تجد جواباً يكفي لحروفه القليلة ، تجهمت الوجوه كسنابل قمح جافاها المطر زمنا ً، تناول عصا مدببة الرأس ، تربص على رأس الساقية التي كادت تبوح بالسر الدفين ، دقائق عصيبة مرت من بين أصابعه المرتعشة ، ابتسامة ماكرة ارتسمت على شفتيه ، عندما شاهد الكلب يطل برأسه المطأطأ ، كانت عبير تحتفي بلحظاتها الخارجة من رحم ولادة قيصرية ، كان القدر يومها على ثغر الشمس ، لم يسأل أين كانت ، سبقته العصا المدببة لرأس الصبية ، ذرفت الأم دموعها بصمت ( العين اليمنى في ذمة الله ) قال الطبيب ، تقهقر أبو خالد في جلسته ، على طرف الساقية كان الكلب يبكي عينه اليسرى …

اترك رد