رسالة مصرية شديدة اللهجة
بقلم : محمد الفرماوى
كاتب سياسي مصري
الوضع في غزة عاصفة لا هوادة فيها، قصة مأساوية من المعاناة واليأس. لقد أصبح هذا الشريط الصغير من الأرض، الذي يختنق بسبب الصراع الدائم ويختنق تحت وطأة المأزق السياسي، أرضًا خصبة للعذاب. هدير التفجيرات الذي يصم الآذان يخترق سماء الليل، ويحطم المنازل والأحلام على حد سواء. ترتعد العائلات خوفًا، وتدمر الخسارة قلوبهم بينما يتحول كل يوم إلى معركة من أجل البقاء. الأطفال الذين ينبغي أن يلعبوا بلا مبالاة في الشوارع يتم دفعهم إلى هاوية الحرب المظلمة، وتسلب منهم براءتهم في وقت مبكر جدًا. تتلألأ عيونهم المليئة بالدموع مع نداء حزين للخلاص من هذا الرجس. ومع ذلك، وسط الركام تكمن صمود يرفض أن ينطفئ، وهو أمل هش يصلي من أجل وضع حد لهذا الواقع الكابوسي. ولكن إلى أن يسود السلام هذه الشوارع البالية ويتراجع الحزن إلى ظلال الذاكرة، ستظل غزة سجينة داخل مأساتها الخاصة.
ولا تزال صفقة القرن التي لطالما راودت أحلام إسرائيل تلوح في الأفق وتسعى لجعلها واقع حقيقي على الأراضي الفلسطينية بكافة الوسائل الغير مشروعة، ومن خلال الدفع بأصحاب الأرض إلى الهاوية وارغامهم قسرا على ترك أراضيهم والنزوح للأراضي المصرية. أثارت الدعوات المقابلة لهذه المحاولات لإنشاء ممر إنساني من غزة إلى مصر بعد تصاعد الصراع بين إسرائيل وحركة حماس رد فعل حاد من جانب القيادة المصرية.
إلا أن الرئيس السيسي وبلهجة حازمة لا تقبل معها مجالا للمفاوضة أحبط هذه المحاولات، وحذر من إجبار الفلسطينيين على ترك أراضيهم. ومن جانبه أكد على أن القضية الفلسطينية مثلها كسائر كل القضايا، قضية العرب جميعا، وطالب الشعب الفلسطيني أن يبقى كما عهده الجميع صامدا وحاضرا على أرضه. وأن مصر لطالما كانت وستظل النصير الأول لهذه القضية إلا أنه لا تهاون ولا تنازل في حقوق الأمن القومي المصري وأنه لن يُقبل أي تعديات من شأنها المساس به. وأضاف السيسي أنه يرفض بشكل قاطع أية محاولات لتسوية القضية الفلسطينية على حساب الآخرين.
وفي حفل تخرج طلاب الكلية العسكرية في 12 أكتوبر، حث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أطراف النزاع على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وإخراج المدنيين -النساء والأطفال -من دائرة الانتقام الوحشي. وأضاف أنه من الأهمية بمكان تجنيب الأبرياء وطأة الصراع العسكري من خلال السماح بالتسليم السريع والفوري للمساعدات الإنسانية للفلسطينيين.
وكان الرئيس السيسي صريحًا جدًا بشأن دعم مصر لفلسطين وأدان علنًا تصرفات إسرائيل في المنطقة بلا خوف أو هوادة. وأكد على أن القضية الفلسطينية هي أولوية قصوى لإدارته وأعرب عن التزامه بتحقيق السلام بين إسرائيل وفلسطين. ومع ذلك، اتخذ السيسي نهجا أكثر واقعية في التعامل مع الصراع. وهو يدرك أن إيجاد حل دائم يتطلب الحوار والمفاوضات بدلا من اللجوء إلى العنف أو الخطابات الفارغة. لذا، فرغم أنه قد لا يتفق دائمًا مع بعض الفصائل داخل فلسطين أو إسرائيل، إلا أن موقفه يظل ثابتًا في دعم حقوق الفلسطينيين والدعوة إلى التوصل إلى حل عادل لمظاليمهم طويلة الأمد. فقد انخرط دبلوماسيا مع مختلف الأطراف، بما في ذلك القادة الإسرائيليون والفلسطينيون، لتعزيز الحوار وتهدئة التوترات من أجل التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة. ويرى الرئيس أنه من الضروري معالجة التنمية الاقتصادية والأوضاع الإنسانية في غزة إلى جانب المفاوضات السياسية، مسلطًا الضوء على جهود مصر لتحقيق هذه الغاية من خلال تسهيل محادثات المصالحة بين الفصائل الفلسطينية.
ويتمتع الرئيس عبد الفتاح السيسي برأي جريء وثابت بشأن القضية الفلسطينية. وهو يؤمن إيمانا راسخا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة، وعاصمتها القدس الشرقية، باعتبارها السبيل الوحيد نحو السلام الدائم في المنطقة. وبفضل قيادته الجريئة وسعيه الدؤوب لتحقيق السلام، يقدم الرئيس السيسي الأمل بمستقبل أكثر إشراقًا لفلسطين. وقد أظهر التزامه بهذه القضية من خلال جهوده ومبادراته الدبلوماسية، بما في ذلك استضافة المحادثات بين الفصائل الفلسطينية ودعم جهود المصالحة فيما بينها. علاوة على ذلك، فقد لعب دوراً فعالاً في التوسط في اتفاقيات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس خلال أوقات التوترات المتصاعدة. ويدرك الرئيس السيسي أن الاستقرار في الشرق الأوسط يتوقف على حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وهو ملتزم بالسعي إلى التوصل إلى حل عادل يدعم حقوق وتطلعات الشعب الفلسطيني.
التعليقات مغلقة.