مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

حرب الفوارس…

50

بقلم – ياسمين سالم :

 

لا أخفي عليكم أمرا فما حدث معي أنا وعائلتي كان حقا كارثي،،  ففي الأسبوع الأول من شهر أبريل الماضي. عند رجوعي للمنزل بعد ساعات من العمل “الدؤوب” أخرجت من حقيبتي ظرفا من النقود أو ما يسمي “بالمهيه” هذا الحدث الذي يتكرر كل شهر ليفرغ ذاكراتنا من “دغششة” ما مررنا به طوال الشهر.

وبهجوم القطيع يتوجه الكل لإدارة المالية ليقف أمام المحاسب ولسان حاله “قبضني الله يباركلك” ينظر الموظف الملكوم للموظف الطالع “عين أبوه” ثم تتلاحق أصوات” التش تش تش تش” للأوراق التي أمامه ليقرأ الأسم أنت فلان ابن فلان فيلحقه الاخر أيوه وعلان يبقي “جدي”فيقبضه المحاسب بهدوء ويومئ له بالتوقيع أخر الورقة فيرد الآخر “ماشي ياسيدي عايز إمضتي اهه، عايز واحدة تانية اهه”.

ويخرج الجمع متنفسا نسائم الثراء الفاحش ويتسابق علي درجات السلم برقاب عالية تعانق أسقف المبني، وبموقف السيارات يتباهي الكادحون في هذا اليوم بحجز الكرسين الأمامين لهم فقط، وعلي أنغام أغنيه “فين الصحاب دي مبتقدرش وقت الشده بترجع مارش” ينطلق السائق الصغير ذو الخامسة عشر تقريبا من عمره وهو يشرب من كيس “السوبيا” في أمان الله..

ودعت طقوس هذا اليوم ودخلت غرفتي لأقوم “بتستيف” أموالي لأضع ع الوجه الأقدم ثم الأجدد يليه ال “نوفي البراق” وحينما كنت ادندن مع نفسي بحماس” طالعة في دماغي نروق شويه” شعرت بوخزة شديدة في يدي لم يستعنيني الأمر كثيرا.

وأستكملت “تعالي باحلفك قولي مين مقريفك” وإذا بقرصة ثانية أشد ممن سبقتها نظرت أعلي يدي حيث موضع الألم فوجدت الجاني بعد أن دققت جيدا فإذا بنملة في حجم متناهي الصغر لدرجة انني في بادئ الأمر تخيلت أنها شامة من شامات يدي “السخية”.. أخذت من الظرف ورقتان كل ورقة منهم فئة المتين”جندي” ثم اغلقته ثم وضعته بخزانتي وطبقت الورقتين بجيبي..

وعلي طاولة الغذاء تلك اللحظة التي أفعل من أجل مجيئها الأفاعيل. استدارنا جميعا أنا وعائلتي وحينما كنت أنصهر بأسناني مع” دقية البامية” بالفلفل الحار جدااااااا وعصرت عليها الليمون لتنزل قطراته كدموع تتلهف شوقا “وتبهرز صحني” رأيت فوجا من النمل يسباق يدي لينال من “الأقماع المستوية” صرخت أمي من أين أتى هذا النمل قمت سريعا لأغسل يدي وأري النمل يتساقط كسقوط القيم صوب الأهواء،

رجعت مره أخري لأستفرد بـ “رغيف بلدي” وأنغمس مع “تخديعة مبهرة” لأفاجئ بخلو المائدة تماما من الطعام، ولم أجد سوى ورقة جرجير فشلت أناملي في التقاطها لأن أصابع اختي كانت أسرع مني كثيرا،

قلت في نفسي لله الأمر من قبل ومن بعد سأنام الليلة “كفراشة رقيقة” ومادام المرتب معي فغدا ستكون الولائم علي مكاتبنا أنا و زملائي مرت الوصلة الأولي من نومي بسلام دون أن يعكر صفوي شيئا.

 

قد يهمك ايضاً:

عبدالناصر محمد يكتب في” برازيلين” بين الترويج…

محمية سانت كاترين بين التنوع البيولوجي والمجتمع المحلي

وبعد مرور ساعتان تقريبا بدأت الأصوات تتداخل مع حلمي صوت أبي يقول “رشي بودرة عليها” وأمي تقول له لأ “البت تفطس” وأنا بالفعل كنت أفطس من ضحكي علي مشهد الحرامي الذى سرق مني “مهيتي” بالحلم ولحسن الحظ “أولاد الحلال” أمسكو به وأذ هم يصوبون له لكمات حمقاء قلت لهم بهدوء “يا جدعان سيبوه ده لابس قميص بأوبلتات”.

وكل همي “حرفيا” أن أدرك ما الذي أشاهده “رجلا بأوبلتتات” فضحكت بصوتا أفزع أمي وأبي وأوقف الجدل بينهم لأستند علي ظهر سريري وعيناي تتسع من هول ما شاهدت أبي يمسك بيد ” مضرب الذباب” واليد الاخري “بودرة قتل الحشرات الزاحفة” وأمي تمسك”بشبشب أبن أختي” نظرت لهما بتوسل.

“سيبوني أعيش وخدوا المرتب أهو كله” وأدخلت يدي بجيبي لاخرج الربعمائة جنيها لتخرج يدي سوداء مليئة بجيشا من النمل “الفارسي”

تدحرجت من ع سريري “كغطاء قارورة” وأنا أصرخ، وأمي تصرخ وأبي يضربني بمضرب الذباب محاولة منه لتخليصي من “الفوارس”
مر الليل ونحن جالسون فقالت أختي فجأة!! سمعت أن كثرة النمل بالبيوت “حسد لأهله” فترد عليها أمي “علي أيه يا بنتي” فيرد أبي “ممكن والله” فأقول أنا بصوت يشبه صوت الأستاذ المحامي فريد الديب “أوومااال” أستمرت تلك الثلاثية للصباح وأنا لم انطق سوي بكلمتين “طبعا، أومال” .

ذهبت لعملي و لم أعرف حتى الآن كيف وصلت، في الاغلب كان هذا بقوة الدفع الثلاثي ودعاء الوالدين معا سألني الزملاء “أياسو النهاردة أول يوم بعد القبض فهاااا” برزت الهالة بعيني وأنا اقول “طبعا، اومال” وغفلت عيني لمدة ثلاث دقائق ليدخل المدير بهيبته قائلا “ها يا أولاد أيه الاخبار” فسبقته وأشارت بابهامي “100/ 100” وفي قبضة يدي نملتان من الحجم “الجامبو” الغريب أنني لم أقرص ثانية من أي واحدة منهم بعد القرصتين الأولتين أدركت وقتها!! فلربما كانت “قرصات تنبيهية” فقط!!

وحينما كنت أحاول ان أحلل الرسالة استقطعني مشهدا من نافذه مكتبي أذا بسيدة عجوز تتكأ علي عصا خشبيه معوجة بأتجاه منحني ظهرها تبيع المناديل بابتسامه راضية وعلي الجانب الاخر شابا ثلاثيني يزيل الاوراق المتناثرة في صمت ويطبطب علي جبهته ليزيل عرقه ليستكمل ، فصدمت وأرتجف قلبي. كيف لي أن أنساكم وانتم الأغنياء من التعفف.

وهنا أدركت أننى لأول مره قد غفلت عن قيامي بواجبي الشهري الذي يسخرني الله لفعله ويجعلني سببا لأدخال بسماتا وفرح علي وجوه اخوتي الغير قادرون وأكون لهم يدا للعون ، كيف لي أن أخرج أول مبلغ من مرتبي لغير الخير،،

حزنت كثيرا و بنفس اللحظة رأيت النملتان يتجهان لزميلتي في هدوء تام في مشهد وداع لن أنساه،

وبعد إتمام مهماتي بفضل الله رجعت بيتي ومعي كيسان من السكر “السنترافيش” فسألني الجميع ماذا بيدك فقلت لهم مبتسمه سأحارب الفوارس بطريقتي،،،

التعليقات مغلقة.