مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

حالة تلبس.. !

2

بقلم – أحمد عثمان:
أحتمِي بمظلةِ الشاطئِ من سهامِ الشمسِ الحارقةِ، نسماتُ البحرِ تُداعبُني؛ فتمنحُني غفوةً لذيدةً … تبًا لهؤلاء” العفاريت” الملاعين، يتقافزون من حولي وهم يتشاكسونَ بفقاعاتِ الصابون التي يُطْلِقونها، يلامس بعضها وجهي فأفزعُ من غفوتي، ثم أُعاود ..
على حين غفوةٍ منِّي تلبَّستْني فقاعةٌ ضخمةُ كأنها بللورة كبيرة.. تتصاعدُ بى نحو السماء رويدًا رويدا، تلهو على سطحها ألوان الطيف .. في كبد السماء تراءت ليَ الأرض بكامل استدارتها، تتباعدُ شيئًا فشيئا، وجيوشُ الظُلْمةِ تتقاطرُ حولي تملأ الفراغ، تتملكُني رعدةُ خوفٍ عاتيةٍ من المجهول، زادها سعي جُدُرُ الفقاعة نحوي ـ مع ارتفاعنا ـ حتى كادت تُطْبقُ عليَّ وتخنق أنفاسي .. جبال ٌمن أوراقٍ صفراءٍ تَفِرُّ من خِزانتي كلما ارتقينا، قليلة هي البقايا الغضة التي استطعت أن أقبضها بيميني فأضمها إلى صدري ..
انفجارٌ رهيبٌ مفزعٌ ذاك الذي دوَّى حين احتكَّت الفُقَّاعةُ بنهاية الغلافِ فقذفني إلى فراغٍ سحيق .. متزامنًا ـ وفي الاتجاه المضاد ـ يهوِي جسمٌ ضخمٌ كأنه جمرة عظيمة مُخترِقًا نحو الأرض، يختطفُ بصري؛ فأتتبعه .. اصطدامٌ هائلٌ أراهُ ولاأسمع له صوتًا .. بدا لي عمودا عملاقًا من أحجارٍ ورُكامٍ يتصاعد مُخلِّفًا فجوة عميقة مستعرة باللهب؛ ربما باتساع قارة كبيرة، فلما اقترب أسفل منِّي شاهدت أقوامًا ـ لاحصر لها ـ مجللة بالسواد تتطاير ثم تهوي، ومسوخًا مخيفة تلحق بهم ..
انْسَلِخُ من ذاتي خَلقًا جديدًا .. يتوارى انسلاخي مبتعدًا بسرعة هائلة إلى عمقٍ بهيم .. أهيمُ خفيفًا بلا وزن على غير هدى، أتفقد ماحولي من أجرام بكافة الأشكال والألوان والأحجام .. النور والظلام صنوان لايفترفان هنا .. الكلُّ يسْبحُ في سلام؛ إلَّا هذه المصنوعات ..!!، كلما أدرت وحهيَ أرى عجبًا .. أقمارٌ ومركباتٌ وأجسام أجهلها تنفر ـ فجأةً ـ من مداراتها وتختفي في غمضة عين .. أُخريات ـ وبلامقدمات ـ يفتك بعضها ببعض فتتناثر حُطاما .. مركباتٌ عملاقة ـ وكأنها ثعبان موسى ـ تمتد أذرعٌ من بعضها؛ فتستلب ما يعِنُّ لها، وتسحبه ـ في جوفها ـ غنيمة .. يصيبني الغم والغثيان، أدير وجهي شاخصًا نحو تلك المجرَّة البعيدة ..
.. ارتطامٌ شديدٌ وضوءٌ باهرٌ إثر قذفةٍ قويةٍ أطاحت بمظلَّتي، أفزع من غفوتي .. أصبُّ جامَّ غضبي ولعناتي على هؤلاء ” العفاريت” الصغار .. يتسمَّرون وكأن على رءوسهم الطير .. أنظر حولي، يتغشَّاني هدوءٌ حانٍ وعينيَّ تراوح بين البحر والسماء، لاتكف عن التجوال فيماحولي، ويداي تتحسسني .. تغزوني ابتسامةُ، تتسع .. تنقلب قهقهاتٍ رائقةً تُذْهب حُنقي؛ فأرد لهم الكرة .. أنظر ليُمْنايَ؛ لاشئ تقبضه ..تلح على مخيلتي رؤىَ غفوتي؛ بينما أصداءٌ يتردد رنينها في رأسي : ماذا لو دام هذا الهواء نسيمًا عليلًا يغفو في أحضانه الموج ..؟!

اترك رد