بقلم – د . محمد رمزي:
” أرملتى الحبيبة
أتدرين اليوم بعد رحيلكِ :
من منا ترمل ؟ ..
من منا سيصبح ليل الدنيا بعينيه :
أقسى إيلاماً
و أطول ! ..
أتدرين
أن الحمل الذي استخففناه علي عاتقينا ،
أصبح الأن : أثقل ! ..
أتدرين
أن الجمال غادر كل أركان غرفتنا
بعدما أصبح بإفتقادكِ
كهلاً مريضا :
ترهل ! ..
و السعادة التي طرزتي بها ثوبيَّ الأبيض
تفتقت خيوطها ، و أنبرت ،
بعدما الثوب تهلهل ..
أتدرين :
أن زاديَّ بعدكِ أصبح الملح !
و أني نسيت طعم فطائر التوت
و الكرز
و السفرجل ..
و أني قد فقدت النطق من بعد فصاحتي
فما تعلمت الفصاحة
إلا من حديثكِ المُرسل ..
أتدرين
أن دورة الأيام ما عادت تدور بحاضري !
و كأن كل ما فيها بصدأ أحزاني :
تأجل ! ..
إلا ما كان ذكراكِ فيها ،
كأن الأيام عينان
و رموشها تصنع من ذكراكِ مكحلة بها تتكحل ..
ما كنتُ حين ضممتك الضمة الأولى
فوق فراش عرسنا أتخيل :
بأنكِ قد ترحلين عنى بعيداً ،
أو أننى :
قد أرحل ..
هو الحب الذي تعلمته علي يديكِ
فأنتِ ، و بالتأكيد :
معلمتي الوحيدة ،
و حبيَّ الأول ..
هو الدفء الذي كان مناعتي ،
تغلغل في عظامي حتي النخاع
فآمنني
شرت الصقيع مهما تغلغل ! ..
أحببتكِ
و لم أزل لم أحب سواكِ ،
حتى و إن كنتِ طيفاً
يزورني بأحلامي في غلالته البيضاء : يسأل ..
أحببتكِ
حتى و إن شاءت الأقدار أن تخلعي عنكِ قميصيَّ
أو أن أخلع قميصك الذي به أتسربل ! ..
أتدرين أنكِ في الحقيقة : من ترملتي !
لأني ميت
من بعد ما رأيتكِ في ثياب الموت
أحلي و أجمل ! ” .