مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

بثٌ مباشر

بقلم – أحمد عثمان:
.. كلاهما لايطيق أن يُذْكرغريمه بحضرته .. ينتميان إلى قناعاتٍ فكريةٍ متباينة .. اشتدت بينهما اللَّجاجةُ .. تلاسنا كثيراً .. نفثا كيدهما لبعضهما عند متابعيهم .. ماتركا وسيلةَ إعلامٍ إلاوتبادلا فيها قذف الأحجار، ونقض كل منهما غزل صاحبه، وعرَّى سوءته.. أصبحا حديث الناس على طول البلاد وعرضها، وذاع صيتهما في أرجاءِ المعمورة
جرَى لُعابُ مُعِدِّ البرنامجِ ومُذيعِهِ؛ بعدما لعبت الأماني برأسيهما .. نظر كل منهما لرفيقه، وكأن كليهما كان يقرأ مايدور بخلد الآخر .. أرادا أن يصنعا حلقةً صاخبةً ـ من برنامجهما الذائع الصيت بتلك الفضائية الشهيرة ـ يظلُّ ذكرُهاعالقًا بأذهان المشاهدين لايفتر..
ِاتفقا معهما .. كلٌ بمعْزِلٍ عن الآخر
في الميعاد حطَّت طائرتاهما؛ اتجها من فورِهما من المطار إلى الاستوديو .. تَفاجأ كل منهما بالآخر .. عبسا, وقطَّبا .. على طرفي المنضدة خلا كلٌ بنفسه؛ يتحسسُ أسلحتَه ويهيئُها لوقتها ..
دار اللقاءُ متحفظاً فى بدايته، ثم تسارعتِ الوتيرةُ شيئًا فشيئًا .. تعالت الأصوات، واكفهرَّت الوجوه، وتشنَّجتِ الأيدي .. تحولَ الحوارُ إلى صُراخٍ، تبادلا الاتهاماتِ بالخيانة والعمالة.. علتْ وتيرةُ تراشُقِهما، ومحاورُهُما يتصيَّدُ سقطاتِهما؛ فيسكبُ مزيداً من البنزين على النار .. التهبتِ الأجواءُ ، وحمِيَ الوطيس .. هبَّا واقفين، تواجها كديكة النِزال وقد علا الزَّبدُ شِفاهَهما التي تتطاير منها قذائفُ السِبابِ الجارحةِ في الاتجاهين تطاولت الأيدي مابين دفْعٍ وجذبٍ حتى تمزقت ملابسُهُما وسقطا أرضًا.. مع صوت ارتطامِهما يأتي صوتُهُ من غرفة التحكم:
ــ رائع .. هذا يكفي ..انتهت الحلقة
.. تلاقت عيونهما في انبطاحهما وهما يتواريان بعيدًا عن أعينِ الكاميرات .. مُجهَدَين نهضا يتساندان حتى عبرا أبوابَ المحطةِ إلى الفضاءِ الرحيب .. توقفا هُنيهةً، تبادلا نظراتٍ ذات مغزىً، وهما يتحسسان جيبيهما، ثم انفجرا ضاحكين بعدما نزعا عنهما قناعيهما؛ وطيَّراهما خلفهما في طريقهما إلى المطار