مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

المؤتمر العربي التاسع للقصة الشاعرة.. رؤية نقدية

كتب: عبد الرحمن هاشم

مع ختام فعاليات المؤتمر العربي التاسع للقصة الشاعرة الثلاثاء 16 أكتوبر 2018م، بدا بوضوح مدى الزخم الثقافي والنقدي الذي نتج عن المؤتمر، فقد استطاع أن يستقطب العديد من الأدباء والمثقفين والنقاد المصريين والعرب، وكانت جلساته عامرة بالجمهور الذي ناقش وحلل الدراسات النقدية المقدمة فيه بموضوعية وحياد وتجرد، كما حضره رموز الإعلام المصري فقدم للمؤتمر الشاعر الكبير والإذاعي القدير السيد حسن. 
وكان لإقامة المؤتمر تحت رعاية وزيرة الثقافة د. إيناس عبد الدايم وبمشاركة هيئة قصور الثقافة برئاسة د. أحمد عواض، وباستضافة المجلس الأعلى للثقافة برئاسة د. سعيد المصري، وعُقد تحت رئاسة وزير ثقافة أسبق هو الدكتور شاكر عبد الحميد الدلالة الكبيرة على قناعة كبار رموز الحركة الثقافية على أهمية رعاية التجديد في مجال الثقافة والإبداع.

قال الناقد الأدبي الكبير الدكتور أحمد صلاح كامل: المؤتمر نجح بكل المقاييس وأحدث حراكا ثقافيا وألقى حجرًا في الماء الراكد، وأعلم أن هناك كثير من الأخوة النقاد والمثقفين والمبدعين قد راشوا السهام ووجهوها نحو المؤتمر في استخفاف بهذا الجنس الأدبي الجديد وفي استهانة بكتابه ورائده وربما تجاوزا ذلك إلى اتهام الباحثين والنقاد المشاركين في فعالياته، أقول لكل هؤلاء الأخوة بكل تجرد ووضوح وشفافية: لماذا تتقبلون الاحتفاء بقصيدة النثر وهي موضع اعتراض من الكثيرين بينما تقفون هذا الموقف من القصة الشاعرة ؟
لماذا تنتقدون القصة الشاعرة ولا تحاولون دراستها وتأملها، وتصوبون سهام تهمكم عليها وعلى مبدعيها وعلى المؤتمرين لدراستها بينما لا تنطقون بكلمة واحدة تجاه من يرعون المؤتمر؟ هل يجرؤ واحد منكم على انتقاد وزيرة الثقافة أو الهيئة العامة لقصور الثقافة او المجلس الأعلى للثقافة لرعايتهم للمؤتمر؟ 
ثم ما الذي يقنعني بأن وجهة نظركم صواب وهي تقوم على الهمز والغمز ولا تعتمد منهجا نقديا؟ بل هي تقوم على تصفية خلافات وحسابات لا أعلمها يقينا لكنها تفوح بذلك.

لقد نجح المؤتمر الذي لم يكلف الدولة سوى بضعة جنيهات ضئيلة.. نجح بصبغته المصرية العربية.. والفضل في ذلك لكل من ساهم بإخلاص وشفافية. 
كما لابد أن أهنئ رائد هذا الفن المبدع محمد الشحات محمد وجمعية دار النسر الأدبية لأنها استطاعت بجهدها الدؤوب أن تفعل ما تعجز عنه كثير من المؤسسات صاحبة الميزانيات الضخمة .

وقالت إيمان الزيات: إن ما رأيته من تعانق وتسابق للأفكار اتفاقا واختلافا حول فن “القصة الشاعرة” في مؤتمرها التاسع، فضلا عن مجموعة الأوراق البحثية التي طرحت في جلسات المؤتمر والتي تكمل مع بعضها البعض الصورة البنائية، والشكلية، والتقنية، والجمالية للقصة الشاعرة، ليعتبر نجاحا لافتا لفن أدبي شارف على إتمام عقده الأول بمثابرة وحماسة كتابه ورعاته، وبمساندة مؤسسات الدولة الثقافية.

ثم إن ما أحدثته الدراسات النقدية الجادة في المؤتمر من عصف ذهني قد أسفر عن مجموعة من المداخلات الموضوعية، والتساؤلات الحيوية من السادة الحضور، لعل من أهمها كان تساؤل طالبة قالت فيه:
متى تدرس القصة الشاعرة في المدارس؟!”
وكأنها بذلك السؤال العفوي قد نكأت جرحا لم نزل نضمده، وهو اتساع الهوة بين الأدب الذي يدرس في المناهج الدراسية وبين الأدب الذي يسعى الشباب إلى قراءته ويتحمسون لشرائه، من أجناس أدبية حداثية تحمل موضوعات وأزمات واقعية وتعبر عن أحلام ورغبات هذا الجيل.

وأعتقد أن وعيا عاما بتلك الأزمة بدأ ينمو يعكسه الاهتمام بجعل هذا التساؤل أحد محاور البحث في مؤتمر أدباء مصر.

ولنكن آملين أن تصبح تلك المؤتمرات والمهرجانات الجادة بالإضافة لغيرها من مؤتمرات الدولة حجر أساس في بناء صرح لأدب المستقبل الواعي والممتع في آن.. الأدب المتماهي مع رغبات واحتياجات القارئ، والمشبع لطموحات المبدع المصري العربي في القريب العاجل إن شاء الله.

وقال خيري كامل: اتسم المؤتمر بالتنظيم الرائع وايضا كم الأبحاث ونوعيتها ومقدميها والمشاركات الواسعة والحضور الإعلامي والتنسيق اللافت للنظر كما لو ان وراء هذا العمل مؤسسة متخصصة فى إقامة المؤتمرات. 
ويحسب لمؤسسة النسر الأدبية والتى يديرها بروح الابداع صديقى محمد الشحات محمد بالتنسيق مع الهيئة العامة لقصور الثقافة اختيار القامات المتميزة لادارة المؤتمر.. الدكتور شاكر عبد الحميد رئيسا للمؤتمر.. الدكتورة هدى عطية أمين عام المؤتمر.. والدكتور أحمد صلاح وإيمان الزيات مقررا المؤتمر.
حقا حالة من الارتقاء والعطاء والحب وكذلك حضور متميز ومشاركة فعالة من ممدوح أبو يوسف رئيس الادارة المركزية للشئون الثقافية نيابة عن رئيس هيئة قصور الثقافة.

قد يهمك ايضاً:

هل ينوى رمضان التخلص من بيرسى تاو ؟ محمد شبانة يجيب

ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 44،211 شهيدا والإصابات إلى…

وقال السيد خلف أبو ديوان: القصة الشاعرة تجربة أدبية جريئة فريدة، تعيش التمرد في أبهى صوره، في كنف المحافظة الفنية، تطوف بين عتبات النص العمودي حينا، وتنفك عنه أحيانا هاربة إلى التفعيلة والسطر الشعري بعيدا عن عمود الشعر وشطريه، متشبثة بحقها في الوجود السحري المحض جنبا إلى جنب مع الشعر أو مع النثر أو معهما.

ورغم قصرها الذي يناسبه التكثيف والتركيز، فإنه يصعب أن تقتبس منها شاهدا للتدليل على ظاهرة فنية ما، بمعزل عن سائر النص الذي يعد لحمة واحدة في نسيج عبقري، صنع على عين فنان ماهر يعرف للجمال قدره، وللحقيقة ثمنها.

ونرى تأثيرا واضحا بظاهرة (الكرونوتوب) أو (الزمكانية) وفي غيرها، حتى أن بعض مبدعيها الأوائل وبخاصة مبتكرها (محمد الشحات محمد) يتناولون الزمان والمكان أبطالا في الدراما والفن سلبا وإيجابا في طرح فني وإبداع أدبي، من خلال علاقات تبادلية بينهما من جانب، وبين الأجناس الأدبية الأخرى من جانب آخر.

والحق أن جل القصص الشاعرة تعيش في صومعة الأوزان الشعرية المفردة العذبة السلسة، رغم نزوعها إلى التجديد والتمرد والتفرد، ويا حبذا لو استطاع أحد من المغامرين المقدرين أهمية الفن وخطورته وضرورة تحقيق المعجزات أن يسبح ضد التيار ويهب الفن الوليد صك خلوده ورشده بمصاحبة البحور المهجورة أو غير المألوفة.

مهما يكن من أمر فسيملأ (محمد الشحات محمد) الدنيا وسيشغل الناس، وسيصل رفاقه من الرعيل الأول إلى شاطئ المجد والتفرد رغم الطريق الوعرة وسيشير الباحثون والعارفون إلى (ربيحة الرفاعي– سليمة مسعودي – محمد طكو– مصطفى عمار- ليانا الرفاعي – أحمد السرساوي – عاطف الجندي – صلاح العزب – محمد إبراهيم الحريري – خالد صبر سالم – معتز الراوي – محمود موسى – وآخرين)، متى انفتحوا على الأجناس الأدبية الأخرى، وطوروا من مستواهم اللغوي واستعدادهم الموسيقي، وتقبلوا فكرة التمرد داخل القالب والتجديد فيه، لا الخروج عنه والانسلاخ العقيم، مؤمنين بضرورة التواصل فيما بينهم؛ لاستكمال النقص وفتح آفاق جديدة من أجل الاستفادة من نضج القصة الشاعرة على نار الزمن، فكل ميراث أدبي يخضع للتعديل، من حيث الشكل والتكوين والموضوع والرؤية، بما يخدم الشعر والقصة الشاعرة وهما فنَّا العربية الأصيلان، والله من وراء القصد.

وتختتم الباحثة د وفاء محمد بقولها :

لقد تميز المؤتمر العربي التاسع للقصة الشاعرة بالتنظيم الممتاز والحضور الرائع من أساتذة وأدباء وموهوبين، ولقد حفل كتاب المؤتمر بأبحاث متنوعة لمتخصصين في النقد الأدبي والتحليل النفسي.

يذكر أن المؤتمر نظمته دار النسر الأدبية بالتنسيق مع الهيئة العامة لقصور الثقافة، وبمقر المجلس الأعلى للثقافة، وقد شارك فيه الشاعر القاص العراقي خالد صبر سالم، ومن الأردن شارك الناقد الأدبي د. حسين مناور والأديبة بيان الحجاوي، ومن السعودية الأديب ظافر بن مبارك الدوسري، والإعلامية هياء مشعي، كما شاركت عبر الشبكة العنكبوتية الشاعرة والأديبة المغربية صباح تفالي، وأعلنت أنها تدعم المؤتمر محبة في الأدب والإبداع العربي المتجدد، وتستعد لإصدار مجموعة أدبية جديدة لها من مصر.

اترك رد