مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

الجولات السنوية ممارسة فريدة للشورى والديمقراطية المباشرة في عُمان

5

كتب – سمير عبد الشكور:

نهج فريد ومتميز من الديمقراطية المباشرة في سلطنة عُمان أرسى ركائزها السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ وهي الجولات السنوية التي كان يقوم بها كل عام ليجوب مختلف ولايات عُمان بحثاً عن بناء الوطن والمواطن، ويؤسس لعلاقة خاصة بين القيادة السياسية والمواطنين لصياغة سياسة يسهم المواطنون في وضعها وبشفافية وصراحة ووضوح وعلى مرأى من العالم أجمع.

وفور توليه مقاليد الحكم في عُمان عام 1970، وعد السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ رحمه الله ـ  شعبه في أول خطاب له :”أيها الشعب سنعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل أفضل وعلى كل واحد منكم المساعدة في هذا الواجب”.

كانت تلك الكلمات الانطلاقة الحقيقية لبناء عُمان الإنسان والدولة، ففي الوقت الذي لم يدخر فيه السلطان قابوس بن سعيد ـ رحمه الله ـ جهداً في سبيل راحة المواطنين وتوفير كل سبل العيش الكريم لأبناء شعبه في كل مكان لتحقيق التقدم والازدهار في مختلف المجالات التعليمية والصحية والاقتصادية والاجتماعية.

وأصبحت الجولات السنوية للسلطان قابوس بن سعيد ـ عليه رحمة الله ـ والتي يجوب خلالها مختلف محافظات وولايات السلطنة، والتي تستمر أياما وأسابيع، حيث يقام المخيم السلطاني في سيوح عدة في ولايات السلطنة بغض النظر عن المناخ وتقلبات الجو، أصبحت جزءاً مهماً من برامج العمل الوطني التي يصيغ فيها تقدم البلاد وازدهارها، وفي ممارسة فريدة تعبر عن الترابط الوثيق بين القيادة والمواطنين دون بروتوكولات أو حواجز رسمية، حيث تنتقل القيادة والحكومة الى حيث يعيش المواطنون ولتتم حوارات عميقة تتناول كل ما يهم الوطن والمواطنين.

قد يهمك ايضاً:

إن لقاءات الخير بين السلطان قابوس بن سعيد ـ رحمه الله ـ وأبناء شعبه والتي كانت تتم في جو مفتوح ومباشر، اتاحت الفرصة كاملة للمواطن ليتحدث مباشرة الى القائد، وليطرح ما يريده وفي ممارسة ديمقراطية رائعة وفريدة كذلك، ومن ثم التف الشعب حول قيادته لتنطلق نهضة عمان الحديثة التي يفخر بها كل عماني بين سائر الأمم.

ويرى خبراء وسياسيين أن الجولات السنوية تعتبر أهم صيغة من صيغ العمل السياسي وبمثابة صيغة للديمقراطية المباشرة يشارك فيها أبناء الشعب، وقال قابوس رحمه الله واصفاً مثل هذه اللقاءات (لقاءاتي هذه مع الشعب ذات أهمية بالغة بالنسبة لي ومن تقاليد بلادنا توفير الفرصة لكل عماني أن يلتقي سلطانه من دون وسطاء).

وقد شكّل قصر السيب العامر وبيت البركة العامر نقطتي انطلاق للجولات السنوية وكان يختار قابوس ـ رحمه الله ـ محافظتين أو عدة محافظات في كل جولة، حيث شملت الجولات السامية ولايات السلطنة انطلاقاً من مسقط والى مسندم والباطنة شمالاً وظفار جنوباً والبريمي والظاهرة غرباً والداخلية والوسطى وكذلك المحافظات الشرقية شرقاً.

ومن القلب إلى القلب ودون أي حواجز، تعطي الجولة الفرصة للمواطنين للتعبير عن حبهم وولائهم وتقديرهم البالغ لباني نهضة عمان الحديثة الذي استطاع خلال خمسة عقود تحقيق نهضة تنموية متميزة ينعم بها المواطن العماني في كل شبر من أرض الوطن ويتمكن من خلالها من مواكبة التطور العالمي من حوله.

ومن الأهمية بمكان التأكيد على أن الجولات السنوية تمثل صيغة متكاملة، حيث تتعدد جوانبها التنموية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فمن خلالها وعبر اللقاءات التي يعقدها السلطان مع الشيوخ والأعيان والوجهاء والمواطنين، يوجه ـ رحمه الله ـ الأنظار والجهود إلى حيث ينبغي أن تتركز مسيرة العمل الوطني وإلى الأمور موضع الأولوية وفق الظروف التي يمر بها الوطن في وقت أو آخر.

من جانب آخر فإنّه في حين تتيح مؤسسات الشورى العمانية المتمثلة في مجلسي الدولة والشورى اللذين يضمهما مجلس عمان في حالات انعقاده إمكانية التعبير والمشاركة أمام المواطنين وطرح كل ما يدور في أذهانهم حول قضايا التنمية، فإنّ الجولات السنوية تمثل كذلك ممارسة عمانية متميزة لتفعيل الشورى العمانية وفى إطار الخصوصية العمانية كذلك.

ومن ثم تظل هذه الجولات سمة مميزة وسنة حميدة أستنها الراحل السلطان قابوس بن سعيد ـ رحمة الله عليه ـ وتميز مسيرة النهضة العُمانية التي قادها على مدى العقود الخمسة الماضية.

اترك رد