مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

الإغتصاب بين مرارة الصمت وهاجس الفضيحة

1
كتبت  – حياة الحفيان، تونس:
يبقى احتكامنا إلى العقل أمرا نسبيا في ظل ثقافة العيب والعار التي يحتكم إليها واقعنا حيث شاء هذا الأخير أن نشهد على جرائم مختلفة من العنف والاإنسانية التي يمارسها الإنسان ضد الإنسان ولعل من أبرز هذه الجرائم و أفظعها هي جريمة الاغتصاب والتي عبرها يحصل إنتهاك صارخ لجسد الضحية عبر استعمال القوة والترهيب
فمن هو هذا المغتصب؟
•المغتصب: هو شخص يعمد إلى إلحاق الضرر بجسد الضحية من خلال الإعتداء عليها جنسيا وكثيرا ما يتم هذا الإعتداء عبر استعمال التهديد والترهيب بأسلحة بيضاء وليس بالضرورة أن يكون المغتصب شخصا غريبا لا يمت بأي صلة
للضحية ذلك انه من الممكن أن يكون شخصا مقربا إليها من داخل العائلة،
وتقف وراء هذه الجريمة أسباب مختلفة لعل من أهمها
١/التفكك الأسري:
قد يعاني المغتصب من مشاكل عائلية تبعث على عدم الإستقرار الاجتماعي والتوازن النفسي فيجد داخل المنزل صراعات يومية من شأنها أن تسبب له الإحساس بالضيق والألم وخاصة الشعور بالإكتئاب والعجز عن مواجهة تلك المشاكل مما يولد له نظرة انتقامية تجاه نفسه وتجاه جميع من حوله
٢/الرغبة في الانتقام وفرض الذات:
قد يهمك ايضاً:

أنور ابو الخير يكتب : توحش المصلحجية

الصحة النفسية ….الرهاب الاجتماعى …حلقة 39

كثيرا ما يكون المغتصب شخصا ضعيف الشخصية ما انفك يعاني من إهانات عدة لاحقته من طرف أشخاص مقربين منه كالوالدين مثلا، فيشرع في محاولة إثبات نفسه أمام نفسه وأمام المجتمع عبر رد فعل انتقامي وكأنه يقول انا هنا قادر على فعل أشياء كثيرة دونما خوف ودونما ضعف فيحاول استغلال اي فرصة من شأنها أن تضعه في موضع قوة لينتزع عبرها الشعور بالضعف حتى وإن كان هذا عن طريق ممارسة جريمة الاغتصاب والتي عبرها يكون المغتصب مالكا لزمام الأمور و فارضا لسلطته وقوته الجسدية، فيكون الاغتصاب بالنسبة له فرصة لا بديل لها لفرض الذات ورد الاعتبار لها بعد أن أضحت ذاتا ضعيفة لا احد يعترف بها
٣/فقدان الثقة والشعور بالخذلان
وقد يكون المغتصب إبنا لإمرأة سارعت إلى البحث عن سعادتها عبر التخلي عنه داخل إحدى مراكز الرعاية بالطفل او عند احد الأقرباء كالجد والجدة مثلا، فيحصل في داخل الطفل ارتباك نفسي عميق يجعله يشعر بالنقص وربما بالخذلان من تلك المرأة التي من المفروض ان تكون له مصدر حب وأمان، غير انها خذلت أحلامه وخانت حاجته إليها فتصبح بالنسبة له جميع النساء متشابهات ومن هنا يحاول القيام بأي فعل من شأنه أن يشفي غليل طفولة تاهت آمالها بين أحضان الاغتراب وإن كان ذلك عن طريق الإعتداء الجنسي والذي قد يصل أحيانا كثيرة إلى الموت
٤/تعاطي المخدرات:
قد يلجأ البعض إلى تعاطي المخدرات لإحداث المتعة أو للهروب من الواقع غير أن تعاطي هذه العقاقير يسهم وبنسب كبيرة في ارتكاب جرائم عديدة من أهمها الاغتصاب وذلك للحظة مقيتة يغيب فيها العقل كليا فيتصرف حينها الإنسان حسب رغباته الحينية والتي سرعان ما يدفع ثمنها باهضا فيما بعد، فيجد نفسه قد تحول إلى مجرم يقف وحيدا بين القضبان بعد ان إجتث احلام إحداهن بسلبها عذريتها ودفن آمالها وإنهاء حياتها، فينتابه بعد ذلك الشعور بالندم وخاصة بالذنب الذي لا نفع منه،
٥/عدم تأهيل السجناء نفسيا قبل الخروج:
وقد يعد سوء تصرف الجهات الحكومية مع المجرمين سببا آخر من أسباب الاعتداءات الجنسية
ففي أغادير إحدى المدن المغربية اقدم شخص فور خروجه من السجن على اغتصاب أكثر من ٢٠ إمرأة وربما يعود هذا إلى السياسات المتبعة من قبل السلطات التي عند اقتراب الأعياد الوطنية تقوم بمنح العفو الرئاسي إلى بعض السجناء الخطيرين دونما إخضاعهم لأي جلسات نفسية من شأنها أن تساعدهم على التأقلم من جديد مع المجتمع أو حتى تقييم مدى قدرتهم على التعايش داخل المجتمع بعد سنين طويلة من العزلة،
هذا وقد شهد الواقع العربي والعالمي على حد السواء حالات اغتصاب عديدة إهتز لها الرأي العام ولعل من أهمها فتاة الثلاث سنوات والتي اغتصبت من قبل حارس الحضانة والتي عرضت على شاشات التلفزيون التونسي آن ذاك فخرجت على إثرها مظاهرات حاشدة مطالبة بتنفيذ حكم الإعدام في حق الحارس الذي عمد إلى الإعتداء على الفتاة دونما اي شفقة، وقد استفاقت مدينة نصر على فاجعة اغتصاب اردنية تداولا على اغتصابها رجلان تحت التهديد بالمنشار الحديدي بعد أن قام احدهما بإيهامها بأنه سمسار وبأنه سيساعدها على إيجاد منزل للإيجار ، كما افاقت محافظة كفر الشيخ على واقعة اغتصاب مريرة لفتاة تناوب ثلاثة ذئاب بشرية على الإعتداء عليها والتي سرعان ما اقدمت على الانتحار عبر شرب مادة سامة جعلت عبرها نهاية ليس لألم جسدي وإنما نهاية لوجع ذاتي نفسي سوف لن يفهم مدى قساوته لا المجتمع ولا القانون، وربما ايمانها بأن عدل قضيتها لن يكون بين يدي مجتمع تحكمه نواميس الفضيحة، مجتمع ينسى المجرم ولا ينسى الضحية ، مجتمع تعاقب فيه المراة ليس لأنها باعت نفسها ولكن لأنها دافعت عن نفسها حد الموت، هكذا يؤدي الاغتصاب الى رسم خط نهاية لحياة ضحايا أبين ان يعشن داخل دائرة العار والفضيحة، وما يؤسف اكثر هو النظرة الدونية وربما حتى المقيتة لضحايا الاعتداءات الجنسية بالرغم من انهن قد تعرضن لأبشع المظالم الجسدية والنفسية، فهن على يقين تام بأنه من المستحيل اندماجهن من جديد داخل المجتمع أو حتى داخل أسرهن بعد أن اصبحن مصدرا للعار وهذا ما تؤكده إحدى ضحايا الاعتداءات الجنسية أنها لم تنسى كلام والدها “وطيتي راسنا” وهذا دليل قاطع على صعوبة تقبل ضحية الاغتصاب خاصة داخل المجتمع الشرقي الذي تحكمه الأعراف الإجتماعية والتقاليد العشائرية،
وحسب دراسة إحصائية فان هناك ما يعادل حالة اغتصاب كل ٤٨ ساعة ولكن تبقى جميع الإحصائيات والأرقام التي ترصد عدد حالات الاغتصاب هي إحصائيات نسبية ذلك أن معظم النساء والفتيات اللواتي كن ضحايا للإعتداءات الجنسية رفضن تقديم شكايات ضد المغتصبين ويعود ذلك لأسباب عائلية وإجتماعية وهذا التخفي وراء الإستسلام للأعراف الإجتماعية وحتى العشائرية آثاره وخيمة ليس على الضحايا فحسب بل على المجتمع بأسره ذلك لانه يمنح المجرم فرصة الإفلات من العقاب ليجد نفسه حرا طليقا مصمما على إعادة ما إقترفه معب
اترك رد