مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

أطفال الأسير

0

بقلم – محمود عوده

قد يهمك ايضاً:

صاحب أغنية ” زيديني عشقاً ” يثير الجدل حول أسعار…

محمود عوده

وقف أبو فائز يستظل بشجرة الصفصاف الشامخة، فوق تل في طرف القرية
يرنو المستعمرة الملاصقة للقرية، كيف ابتلعت معظم أراضيها، ثم يحدق
في صخرة صغيرة تؤنس وحدة الصفصافة، صديقا ولده فائز وشاهدتا تفوقه
الدراسي، وطفولته الهادئة وتميزه على من حوله في كل ما يقوم به .
لم يشعر بكنته وهي تقف إلى جواره تحدق في الصفصافة وهي تشرئب
بأفنانها لتعانق أشعة الشمس وتداعب نسمات الصيف المنعشة .
بشكل جنوني صرخ أبو فائز بأعلى صوته مما افزع كنته خوفا عليه ، لماذا ؟
لماذا ؟ سلبوا فرحتنا وفرحة ولدي الوحيد ، كلهم يعلمون أنه لن يهرب
ولن يترك القرية فقلبه وفكره معلق بها ، لماذا حرموا أباً متعة مشاهدة حفيداً
من ولده الوحيد ..؟ هل هو الحقد أم حرصهم على عدم تناسل الشباب المميز ،
يا الله .. ! في اليوم الثاني لزفافه يتم جرجرته أمام جزع أهل القرية إلى المجهول .
تفاجأ ببسمة كنته وعروسة ولده وهي تحتضنه وتربت بكلتا يديها على ظهره
وهي تتمزق ألما ومسحت بيدها دموعا ترقرقت خجلة من مقلتيه وهمست في
أذنه هيا يا عمي نعود إلى البيت حتى لا نتأخر عن موعد محامي فائز أمام المحكمة
الصهيونية .
بعيون قلقة ومضطربة استمعا إلى المحامي وهو يتحدث قائلا : وضعي صعب جدا
في المحاكمة فلم يترك لي فائز ومضة أنفّّّّذ منها لتخفيف الحكم أو البراءة رغم
محاولاتي معه لتغيير أقواله ، فقد اعترف بكل ما نسب إليه من عمليات عسكرية
ضد جنود الاحتلال ، لم يستهجن أبو فائز حديث المحامي فهو يعرف لده جيدا لم
يكذب أبدا ويتباهى بحبه لبلده لكنه استهجن كيف ومتى أصبح مقاتلا وفدائيا وهو
المميز بهدوئه .
همست بسمه لحماتها بكلمات أدهشت الحماة بل جعلتها تصرخ ولكن كيف ..؟
فأجابت بسمة فقط أريد موافقة عمي أبو فائز .. علت الدهشة فاه المحامي لهذه
الفكرة الجديدة والجريئة ولكنه رأى فيها التحدي الأكبر للسجان وأبدى رغبة شديدة
لمساعدتهم قدر استطاعته .
في أول زيارة لفائز قبل بدء المحاكمة عرض عليه فكرة ذويه، تشجع لهالحماس وقال:
أرجو أن تخبرني قبل موعد الزيارة القادمة بوقت كافي لتحضير المطلوب .
بالتنسيق مع الطبيب والمحامي تم التجهيز لإجراء عملية التحدي والإصرار ،
تمكن المحامي بفطنته من إيصال العينة المنوية سليمة في موعدها وقام الطبيب
بالإجراءات اللازمة وحدثت المعجزة ونجحت العملية وانتهت بولادة طفلة
أسماها جدها إرادة ، وتكررت العملية مرة ثانية مع المحاكمة الثانية لفائز
بعد انتهاء الأولى بحكم المؤبد، استطاعت بسمة أن تنجب طفلا أسمته صامد
وانتشر الخبر في القرية وكل القرى والمدن المجاورة حتى وصل إلى السجان
الصهيوني الذي زج بفائز في سجن انفرادي ومنع عنه الزيارة حتى لا يرى
أطفاله .

اترك رد