مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

من المدينة المنورة إلى مصر المحروسة.. حوار الشيخ الدكتور مجدي عاشور

4

من المدينة المنورة إلى مصر المحروسة..

حوار الشيخ الدكتور/ مجدي عاشور

قالت مصر للمدينة : كلما ذهب إليك أحد من عندي .. رجع وقال : نسيم المدينةِ وترابها فوق كل العطور .. فقالت المدينة لمصر : هذا من جمال أبنائك .. الذين يحملون لي جميل الشُّعُور ..

قالت مصر للمدينة : كل شيء فيكِ جميل .. والسبب ليس منك .. ولكن من حبيبنا سيد الكونين .. فقالت المدينة لمصر : صدقتِ يا مصر .. كان كلي ظلامًا .. وهو الذي نَوَّرَنِي .. ولكن يا مصر .. فيكِ أيضا جزء من هذه الأنوار .. حسين .. وزينب .. وفاطمة .. وسُكينة .. ونفيسة .. وغيرهم كثير .. يا مصر .. عِنْدِي الأَصْلُ كُلُّهُ .. وعِنْدَكِ مِنْهُ الكَثير ..

قالت مصر للمدينة : كونك منوَّرة عرفنا أنه من نور حبيبنا صلى الله عليه وسلم !.. ولكن : ما معنى أنك (مدينة) ؟

فقالت المدينة لمصر : أنا (مدينة) لحبيبي الذي اختصني بأنواره .. ولكني (دائنة) لكل من كان في قلبه حب للحبيب المصطفى .. فعليه أن يزورني .. ليس لي .. ولكن لصاحبي وسبب نوري .. فهو دَيْنٌ في رقاب المحبين..

 قالت مصر للمدينة : بل كل المدن مَدِين لكِ .. لأنَّ ساكنك الحبيب .. جعل شيئا من نوره .. في قلوب أحبابه .. المنتشرين في كل مدينة ..

فقالت المدينة لمصر : ولكنك يا مصر لك خصوصية .. من لم يستطع من أهلكِ أن يأتي عندي .. فعندك أشعة كبرى من نور شمس حبيبك وحبيبي.

قالت مصر للمدينة : مَن تَقْصِدِينَ يا أُمَّ المُدُن ؟! فقالت المدينة لمصر : وهل تخفى الأنوار .. فنورهم كبير .. من نور حبيبي .. سيدنا الحسين .. وسيدتنا زينب .. وأبناؤهم عندك كثيرون .. يا مصرُ .. أصل النور عندي .. وكثير منه عندك ..

قالت مصر للمدينة : لديك مع الحبيب رَوْضَةٌ مِن الجنة .. وهي ما بين بيته ومنبره صلى الله عليه وسلم .. فقالت المدينة لمصر : وأنت يسكنكِ سيدنا الحسين .. وهو سيدُ شباب أهل الجنة ..

قالت مصر للمدينة : ولكن الأصل عندكِ .. وهو حبيبُ رَبِّ العالمين .. فقالت المدينة لمصر : ومَن عندكِ بَضْعَةٌ منه .. بل أشار حبيبي أن به عَلَامةً لِحُبِّ الله .. ألم تسمعي يا مصر ماذا قال ساكني عن ساكنكِ ؟! قال : ” أَحَبَّ اللهُ مَن أَحَبَّ حُسَيْنًا ” .. أرأيتِ يا مصرُ .. كيف امتدَّ الحُبُّ مني إليكِ !!..

قالت مصر للمدينة : نَسِيمُكِ طَيِّبٌ .. وتُرَابُكِ طَيِّبٌ .. وأهلكِ طيبون .. يعني كل ما فيكِ صار طيبًا .. وصرتِ (طيبة) و (طابة) بسبب ساكنكِ .. فهو أصل كل طيب.

فقالت المدينة لمصر : وأنتِ كذلك طيبة .. وأهلكِ طيبون .. ودليلي على ذلك .. أولًا : قد سكن فيكِ أحباب من نوَّرَنِي بنوره العظيم .. وثانيًا : لأن أهلكِ يحبون كُلَّ مَن يسكن عندي .. وهم أهلي .. أهل المدينة .. من أجل عيون صاحب المدينة .. يا مصرُ .. جَمَالُك أنَّ فيكِ مِن صِفَاتِي .. خاصةً طِيبَةَ قلبِ أهلكِ .. فَهُمْ مثلُ أهلي .. في الحُبِّ واليُسْرِ ..والرِّفْقِ وأَخْذِ الناسِ بالسَّهْلِ ..

قالت مصر للمدينة : يا سَعْدَكِ ..مع الحبيب المحبوب عندكِ .. سيدُنا حمزةُ سيدُ الشهداء .. فقالت المدينة لمصر : وأنتِ يا موصولة بنا .. عندكِ خير الشهداء (سيدنا الحسين) .. وهو ابن الحبيب المحبوب .. يا مصرُ .. لا تستقلي نفسَكِ .. فأنتِ لا أقول في العيون .. بل أنتِ بمَنْ فيكِ مُتَرَبِّعَةٌ في القلوب..

قد يهمك ايضاً:

قالت مصر للمدينة : يا أُمَّ المُدُن .. هنيئًا لكِ فما دام قد سكنكِ الحبيب المحبوب .. فأنتِ حبيبتُه .. فقالت المدينة لمصر : وأنتِ يا أم الدنيا .. لا تنسي أن أحبابه قد سَكَنُوكِ ( سيدنا الحسين وأبناؤه المباركون ، وسيدتنا زينب ، وسيدتنا نفيسة ) .. كما ذَكَرْتُ لكِ سابقًا .. وقبل ذلك يا مصر .. أنتِ وصِيَّتُه .. أَلَمْ تَسْمَعِي ما قال صلى الله عليه وسلم عنكِ : ” إنكم سَتَفْتَحُونَ مصرَ ، فاسْتَوْصُوا بأهلِهَا خيرًا ؛ فإنَّ لهم ذِمَّةً وَرَحِمًا”؟

يا مصرُ .. ما أَوْصَى حبيبي على بَلَدٍ سِوَاكِ .. حُبًّا فيكِ .. ولأن أحفادَهُ أحبابه سيسكنون جُوَّاكِ ..

قالت مصر للمدينة : عندكِ البقيع .. وهو مكان فيه مقامات الصحابة والتابعين والأولياء .. وهم أول من يشفع لهم سيد الشفعاء .. صلى الله عليه وسلم .. فقالت المدينة لمصر : وأنت بكِ مكان فيه مقامات أهل الله .. من العلماء والأولياء .. وهو سَفْح جبل المقطم .. الذي اشْتُهِرَ عنه أنه بقيع أهل مصر .. وفيه : مقامات السادة : ابن عطاء الله السكندري ، والكمال بن الهُمام .. والعز بن عبد السلام .. وابن دقيق العيد .. وابن أبي جمرة .. والسادة الوفائية .. وغيرهم كثير وعنده كذلك كان يختلي الكبراء من الأولياء .. كالسيدة نفيسة تاج العلوم .. وصاحبة العلم والسر المصون .. يا مصرِ .. بيني وبينك صِلات .. وكلها من نفحات سيد الكائنات .. صلى الله عليه وسلم.

قالت مصر للمدينة : يسكنكِ جبل تجَلَّىً عليه الحبيب صلى الله عليه وسلم بأنواره .. بل أخبر عنه في رِقة مشاعر فقال : ” أُحُدٌ جَبَلٌ يحبنا ونُحِبُّه “.. فقالت المدينة لمصر : وفي أرض الفيروز .. ومَجْمَعِ الأديان عندكِ .. جَبَلٌ مِن بينِ سائرِ الجبال تجلَّى عليه الله تعالى بنوره .. لِيَرَى كليمُهُ موسَى عليه السلامُ شيئًا مِن عَظَمَةِ رَبِّهِ .. ألم تسمعي يا مصرُ قول ربنا : (فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا) ؟! ..

يا مصرُ .. حتى الجبال تدل على ما بيننا مِن الوِصَال ..

قالت مصر للمدينة : أنجبتِ خيار الرجال .. أهل بدر .. الذين هم فرسان في الشجاعة والقتال .. وهم من قال فيهم حبيبنا صلى الله عليه وسلم : ” لعَلَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ اطَّلَعَ علَى أهْلِ بَدْرٍ فَقالَ : اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ فقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ ” .. فقالت المدينة لمصر : وأنتِ يا مصرُ أنجبتِ ولا تزالين تنجبين خير الرجال .. بل ستستمرين على ذلك إلى آخر الزمان .. فقد أخبر حبيبي بذلك فقال صلى الله عليه وسلم : «إذا فتح الله عليكم مصر بعدى فاتخذوا فيها جندًا كثيفًا؛ فذلك الجند خير أجناد الأرض» فقال له أبو بكر: ولم ذلك يا رسول الله ؟ قال : «لأنهم فى رباط إلى يوم القيامة».

أرأيتِ يا مصرُ .. فجنودك موصولون بجنودي .. فلهم من الله الحفظ والعناية .. وبهم إلى آخر الزمان الأمن والحماية..

قالت مصر للمدينة : فيكِ مسجد قباء .. ومَن قصده وصلَّى فِيهِ له أجر عُمْرَة .. فقالت المدينة لمصر : وأنتِ عندَك مقاماتُ أهلِ البيت .. مَن زَارَهُم كان له ثوابٌ كبيرٌ وقُرْبَة .. لأنهم بالنسبةِ لحبيبي صَلَّى الله عَليهِ وسلَّمَ هُمْ أهل القُرْبَى .. اقْرَئِي يا مصرُ قولَ الله تعالى : (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ) .. يا مصرُ .. عندِي أجْرُ عُمْرَة .. وعِندَكِ وَصْلٌ ومَحَبَّة ..

قالت مصر للمدينة : أنتِ مهبط الوحي .. ومنبع العلم .. فما كان أكثر الصحابة فيكِ والتابعين .. وتابعيهم من العلماء وفقهاء الدين .. فقالت المدينة لمصر : إن كان نزل فيَّ الوحي الأنور .. فقد خُدِمَ فيكِ هذا العلمُ .. قرآنًا وسُنَّةً ولغةً وفِقْهًا .. من خلالِ كعبة العِلْمِ عندكِ .. وهو الجامعُ الأزهر ..فما من أحَدٍ على وجْهِ الأرضِ إلا وعندَه به خبر .. يا مصرُ .. مِنِّي صَدَرَتْ العلوم .. ومِنْكِ انتشرت مشروحة إلى كل الكون ..

قالت مصر للمدينة : مَدَاخِلُكِ مَلِيئةٌ بالصحابةِ الكِبَار .. أهلُ بدرٍ المباركون مِن ناحية .. ومِن ناحيةٍ أخرى شهداءُ أحُدٍ ومَعَهم سَيِّدُهُم حَمْزَة .. رِضوانُ اللهِ عَن الجميع ..
فقالت المدينة لمصر : وأنتِ كَمْ في مَداخلِكِ مِن الصحابةِ في قرية البَهْنسَا بِالمنيا .. وسيدُنا عُقْبَةُ بنُ عامرٍ رضي اللهُ عنهم مِن ناحية ..
يا مصرُ .. أنتِ مُحَاطَةٌ بالأكَابِرِ مِن كُلِّ اتِّجَاه .. وهذا عُنوانُ حمايتِكِ فضلًا ونِعْمَةً مِن الله ..

قالت مصر للمدينة : كُلُّ مكانٍ فيكِ وَطِئَتْهُ أقدامُ المصطفى .. وتكحل بنظرةٍ من طلعته البهية ..
فقالت المدينة لمصر : وعينه عليك يا مصر .. لأنكِ مكان قد فضله الله .. وفيكِ مقامات حبيب الله .. صلى الله عليه وسلم ..
يا مصرُ .. أنتِ حبيبة .. وفيكِ الأَحِبَّة .. وهم سادات أهل الجنة .. ” الحسن والحسين سيِّدَا شباب أهل الجنة ” ..

قالت مصر للمدينة : كَمْ نَزَلَ القرآنُ الكريمُ على أرضكِ .. وتَلَاهُ في كل مكان منكِ حبيبُكِ !!

فقالت المدينة لمصر : لا تنظري فقط أين نزل القرآن .. ولكنْ لاحِظِي فيما نَزلَ كلامُ الرحمن ..

يا مصرُُ .. إن كان القرآنُ قد نزل عندي على حبيبي .. فانظري كم ذُكِرَ اسمُكِ في كتاب ربكِ ..

يا مصرُ .. لم تُذْكَرْ بَلَدٌ في القرآن مثل ما ذُكِرْتِ .. والقرآن يُتْلَى الآن عندي وفي كل مكان وفيه اسمك مذكور .. وهذا فخرٌ لكِ ولساكنيكِ .. ففيه البهجة والسرور .. ولا يغيبُ عن أحَدٍ مَدْحُ الله تعالى لكِ على مَرِّ العصور .. حتى ما بعد الموت والبعث والنشور .. إلى أبد الآباد والخلود : (وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) ..

اترك رد