مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

قيادات نسائية تفوقن فى مواجهة فيروس كورونا

6

بقلم – الدكتور  على عبد النبى:

عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى، لم يكن علم الفيروسات من ضمن العلوم الطبية، حيث تم التعرف على التركيب الكامل للفيروس عام 1955.  وأثناء الحرب العالمية الأولى، وفى عام 1918، انتشر بين الجنود الأمريكان مرض الإنفلونزا الإسبانية. لم يبدأ المرض من إسبانيا، ولكنه بدأ من أمريكا، وقد تخوف الأمريكان من إظهار خسائرهم من المرض، فرضوا تعتيماً إعلامياً، لكن الصحافة الإسبانية هى التى نشرت خبر المرض، فظن الجميع أنها بؤرة الوباء. انتشر المرض أثناء وقوع الحرب، وحصد أرواحاً أكثر من الذين قتلوا فى المعارك، فقد خلف عدد من القتلى تخطى الـ 50 مليون إنسان، فى حين أن خسائر الحرب البشرية كانت حوالى 16 مليون إنسان.

مع انتشار فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″، أزيح الستار، عن القدرات الشخصية لجميع زعماء الدول، فى فن التعامل مع عدو داهم بلادهم، ليحصد أرواح شعوبهم. بعض الزعماء أخفقوا فى إدارة الأزمة، والبعض منهم نجح فى إدارة الأزمة، وحافظ على شعبه، واستطاع الحد من عدد الوفيات.

وفى هذه المقال سوف نلقى الضوء على بعض القيادات النسائية فى بعض الدول، والتى أدارت الأزمة بمهارة عالية، وهو ما أدى إلى إنخفاض نسبة الإصابات بين المواطنين، ونسبة الوفايات، مع زيادة نسبة التعافى.

السيدة تساى إنج ون، رئيس تايوان، منذ عام 2016. وهى أول امرأة تنتخب لهذا المنصب فى تايوان. تايوان قريبة من الدولة المصدرة لفيروس كورونا “الصين”. وتعتبر تايوان جزء من الصين، ولهذا السبب فهناك دول لا تعترف بها كدولة، وأيضا منظمة الصحة العالمية لا تعترف بها، ولا تقدم لها مساعدات، وهو ما أدى إلى تجاهل منظمة الصحة العالمية لتحذيرات تايوان عن فيروس كورونا.

فى 31 ديسمبر 2019 أرسلت “تايوان” تحذيراً لمنظمة الصحة العالمية بشأن خطر انتقال الفيروس بين البشر، لكن هذا التحذير تجاهلته منظمة الصحة العالمية، وهو ما أدى إلى تأخر الاستجابة العالمية للوقاية من هذا الوباء.

منذ الوهلة الأولى، تايوان بدأت بفحص كل القادمين من مدينة “ووهان” الصينية، ثم فى 26 يناير منعت الرحلات القادمة من “ووهان”. وأسست على الفور مركزا للسيطرة على الوباء، واتخذت إجراءات لاحتواء وتعقب حالات الإصابة.

تعتبر تايوان من أول الدول التى قدمت منظومة قوية لفحص الناس، واتخذت إجراءات لتطبيق التباعد الاجتماعى، ولبس الكمامات، وتقبل شعب تايوان هذه الاجراءات، وأخذت الناس هذه الأمور بجدية من البداية، وكل شخص أدى واجبه نحو نفسه ونحو مجتمعه بإتقان شديد.

المدهش فى الأمر، أن تايوان لم تفرض الحظر على أنشطة الدولة، فبقيت المتاجر والمدارس مفتوحة، وانشطة الدولة الاقتصادية لم تتوقف، حتى الأنشطة الرياضية استمرت، لكن بدون جمهور بهدف تطبيق التباعد الاجتماعى.

نجحت تايوان فى مواجهة تفشى فيروس كورونا، بفضل القائد والرعية. بلغ عدد الإصابات 440 وعدد الوفيات 7.

السيدة جاسيندا أرديرن، رئيس وزراء نيوزيلندا، تولت منصبها فى 26 أكتوبر 2017. تعد نيوزيلندا من البلدان المتقدمة حيث تصنف عالمياً فى التصنيفات الدولية في العديد من المواضيع بما فى ذلك السياحة والتعليم والاقتصاد الحر وانعدام الفساد.

نتيجة روابط الحب والمودة التى تربط رئيس الوزراء بالشعب النيوزيلندى، فقد ساعد ذلك فى تقبل الشعب النيوزيلندى للاجراءات التى اتخذتها الحكومة لمنع تفشى فيروس كورونا فى البلاد. كانت رئيس الوزراء على اتصال دائم مع شعبها من خلال مواقع التواصل الاجتماعى لتقديم المساعدة للمواطنين، وكانت تحفزهم على التركيز على المسؤولية المشتركة بين الحكومة والشعب، من أجل مصلحة الجميع.

فى 14 مارس 2020، تم فرض الحجر الصحى على الأشخاص القادمين من خارج البلاد، فرضت الحكومة إجراءات الإغلاق عندما وصل عدد الوفيات إلى 6 حالات فقط، ففى 25 مارس تم فرض حظر التجوال الكامل فى البلاد. بلغ عدد الإصابات 1147 وعدد الوفيات 21.

قد يهمك ايضاً:

أنور ابو الخير يكتب: أحلام ضائعة

السيدة كاترين جاكوبسدوتير، رئيس وزراء آيسلندا، تولت منصبها فى 24 فبراير 2013. تعد آيسلندا من البلدان المتقدمة، وقد أدى النمو الاقتصادى الكبير إلى الصعود بآيسلندا لتنافس على المرتبة الأولى على مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية. يعتمد اقتصادها أيسلندا بشكل كبير على صيد الأسماك وتصديرها وتصدير المنتجات السمكية والألمنيوم والفيروسيليكون.

اتخذت الحكومة إجراءات احترازية، لقد منعوا التجمعات الكبيرة التى تزيد عن 20 شخصاً، وذلك منذ نهاية شهر يناير 2020، أى قبل تسجيل أول إصابة بالمرض، والغت صيد الحيتان، لكنها لم تغلق الشركات والمحلات التجارية. وقد احترم الناس إرشادات التباعد الاجتماعي بشكل جيد.

مع حدوث أول أربعة إصابات فى آيسلندا فى 1 مارس 2020، أطلقت الحكومة حملة واسعة النطاق لإجراء اختبارات الكشف، ولم تحدد الحكومة الحالات التى تستوجب إجراء الفحص، لكنها قدمته مجانياً لجميع المواطنين، فقد أجرت الحكومة اختبارات صارمة ومسح شامل، وقامت بإنشاء نظام متابعة شامل ومستمر.

بعد اكتشاف حالة إصابة بفيروس كورونا فى مدرسة نجلها الأصغر، أعلنت رئيس وزراء أيسلندا “كاترين جاكوبسدوتير”، أنها أخضعت نفسها للعزل المنزلى، لحين ظهور نتائج الفحص، وذلك تماشيا مع توصيات السلطات الصحية. بلغ عدد الإصابات 1802 وعدد الوفيات 10.

السيدة سانا مارين، رئيس وزراء فنلندا، تولت منصبها فى 10 ديسمبر 2019. اتجهت فنلندا إلى الصناعة بعد الحرب العالمية الثانية، بعد أن كانت فنلندا دولة زراعية. وسرعان ما قدمت البلاد اقتصاداً متقدماً، فضلا عن بناء دولة رفاهية واسعة،  مما أدى إلى ازدهار واسع النطاق ودخل مرتفع للفرد. تتمتع فنلندا بأفضل أداء فى العديد من المجالات، مثل التعليم حيث تقوم الدولة بتمويل تعليم عالى المستوى، وضمان اجتماعي وصحى.

فى 28 يناير 2020، أكدت فنلندا أول حالة إصابة بفيروس كورونا، كانت لامرأة صينية قادمة من “ووهان” للحصول على رعاية طبية.

فى 16 مارس 2020، أعلنت الحكومة الفنلندية، حالة الطوارئ بسبب فيروس كورونا، وقررت إلغاء جميع الأنشطة الرياضية والثقافية، وابقاء دور الحضانة مفتوحة، وأغلقت الجامعات والمدارس، وبدأ جميع الطلاب فى التعليم عن بعد.

فى 25 مارس 2020، أعلنت ” سانا مارين” عزل العاصمة هلسنكى ومنطقتها عن سائر أنحاء البلاد لمنع تفشّى فيروس كورونا، وبناء على ذلك فإن تحرّكات الخروج والدخول من وإلى العاصمة ستكون محظورة للأفراد حتى يوم 19 أبريل، لكن مع هذا فإنّ لكلّ شخص الحقّ فى العودة إلى دياره.

فى 17 أبريل 2020، أطلقت الحكومة الفنلندية والمنظمات المدنية الفنلندية، حملة “إلى الأمام يا فنلندا”، لتشجيع المواطنين على المثابرة والتغلب سويا على تفشى فيروس كورونا. وتهدف الحملة إلى تسليط الضوء على كيفية تواصل السكان مع بعضهم البعض، ومساعدة العائلات والأصدقاء والجيران وزملاء العمل.

23 أبريل 2020، قررت “سانا مارين” العمل من المنزل، كإجراء وقائى لحمايتها من احتمال الإصابة بفيروس كورونا المستجد.

استطاعت فنلندا السيطرة على فيروس كورونا، عندما استفادت من مخزون معدات الحماية الشخصية والمعدات الطبية، والتى ظلت محتفظة بها منذ الحرب العالمية الثانية. بلغ عدد الإصابات 6054 وعدد الوفيات 284.

الآن نأتى إلى السؤال، هل النساء أفضل من الرجال فى قيادة الدول ؟

لا يوجد أسلوب قيادة خاص بالنساء وأسلوب قيادة خاص بالرجال، لكننا بصفة عامة نجد أن صفة التعاطف والتعاون هى صفة غالبية القيادات النسائية، والدكتاتورية واستعراض العضلات والنرجسية هى صفة غالبية القيادات من الرجال. والذى أدى إلى ظهور هذه الفجوة فى إدارة الأزمة بين النساء والرجال، يرجع إلى الأسلوب الشاذ الذى اتبعه كل من “ترامب أمريكا” و”ترامب البرازيل”، فى إدارة أزمة تفشى فيروس كورونا.

أشكركم وإلى أن نلتقى فى مقال آخر لكم منى أجمل وأرق التحيات.

اترك رد