محمد حسن حمادة يكتب:من المخجل أن تظل مصر كل هذه المدة بدون مجالس محلية؟!.
خلاصة القول "إصلاح المحليات هو البداية الحقيقية للتنمية".
يقترن مصطلح المحليات بميراث ضخم ثقيل لتراث الدولة المركزية الذي ورثته مصر منذ العصر الفرعوني حتى الآن فمنذ عام 2008 لم تشهد مصر انتخابات محلية وعقب ثورة 25 يناير 2011 قضت محكمة القضاء الإداري بحلها، ومنذ هذه الفترة مازال قانون الإدارة المحلية يعاني ولادة متعثرة فمازال هذا القانون حائرا بين أروقة المجالس النيابية ودهاليز الحكومة، إدراج قانون المجالس الشعبية المحلية على أجندة جلسات الحوار الوطني أعطى قبلة الحياة لهذا القانون، فعلى الرغم من نص الدستور المصري الذي تم إقراره عام 2014 في مواده الانتقالية على بدء تطبيق نظام جديد للإدارة المحلية بشكل تدريجي خلال خمس سنوات من تاريخ نفاذه، فإن قانون المحليات المنظم للعملية الانتخابية لم يصدر من الأساس حتى الآن، وعلى الرغم من انفراد مشروع دستور 2014 بتناول الإدارة المحلية في فصل مستقل إلا أن ذلك لم يمنع من وجود بعض الإشكاليات منها: تأكيد مشروع الدستور الجديد على استمرارية استخدام مصطلح الإدارة المحلية، بدلا من مصطلح الحكم المحلي، يترتب على ذلك عدة عقبات أولها تدخل الحكومة المركزية في سلطة واختصاصات المجالس المحلية الشعبية والمحافظين.
ثانيا: أنه لا يجوز للمجلس المحلي في ظل الإدارة المحلية مُساءلة القيادات التنفيذية بالاستجواب أوسحب الثقة منها.
الأهم أن الدستور لم يفصل بين السلطة التشريعية وبين المجالس الشعبية المحلية، النقطة المثيرة للانتباه أن الوحدات المحلية تعاني من ترهل وتضخم أعداد العاملين بها، كما تعاني من تدني مستوى أداء وكفاءة معظم الموظفين المحليين في بعض الإدارات المحلية، إلا من رحم ربي، أضف إلى ذلك غياب معايير اختيار القيادات المحلية على أسس موضوعية بل تعتبر المحليات في بعض الأحيان أماكن منفى لتأديب بعض الموظفين، هذا إلى جانب غياب قواعد العدالة الاجتماعية في توزيع الأجور والرواتب وفرص الترقي وقلة البرامج التدريبية، أيضا الاستقلالية المالية للوحدات المحلية والتمويل بموارد محلية من خلال البحث عن مصادر جديدة للإيرادات بعيدا عن الموازنة من أهم العقبات التي تواجه المشرع لذلك لابد من إضافة نصوص صريحة وآليات تهدف لتطبيق اللامركزية.
مازال يحدونا الأمل في أن يسرع مجلس النواب القادم الخطى للانتهاء من قانون الإدارة المحلية لتُجرى انتخابات المجالس الشعبية لتثبيت دعائم اللامركزية في الجمهورية الجديدة وذلك لن يتأتى إلا بتعديل التشريعات واللوائح التي تحكم عمل المحليات، فيجب أولا تفعيل الدور الرقابي للمجالس الشعبية المحلية وتوسيع الصلاحيات وتعديل شروط عضوية المجالس الشعبية المحلية والعمل على تحقيق التوازن في السلطات بين المجالس المنتخبة والمجالس التنفيذية المعينة مع إعطاء المجلس الشعبي المحلي حق استجواب المجلس التنفيذي لنقضي على أوكار الفساد والبيروقراطية ولنضع حدا للمخالفات والتجاوزات الصارخة المستشرية بالوحدات المحلية.
مصر تحتاج وبشكل ملح مجالس محلية منتخبة، بمزيد من الصلاحيات ليكون لهذه المجالس المحلية الحق في وضع الخطط التنموية وإعادة هيكلة البنية التحتية في شوارع مصر، وإدارة الموازنات الخاصة بها، والرقابة الفاعلة على أداء جميع المسئولين بداية من رئيس القرية حتى المحافظ، نريد مجالس محلية منتخبة لمراقبة الأسواق والمخابز والمستودعات، نريد إطلاق أيادي المجالس المحلية في كل قرى مصر وممارسة دورها الرقابي ينعكس بصورة كبيرة على الخدمات المقدمة للجمهور، نريد مجالس محلية منتخبة للقضاء على الذمم الخربة والتجار الجشعين، نريد مجالس محلية منتخبة تناقش ميزانيات الوحدات المحلية وتضع الأولويات للمشروعات المختلفة التي تنفذها، ومراقبة التعدي على الأراضي الزراعية والعقارات المخالفة والأهم لتخفيف الضغط على أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، حتى يتفرغوا للتشريع والرقابة على الحكومة ومناقشة الموازنة، تأجيل هذا الملف لأكثر من ذلك ليس في صالح مصر نهائيا، من
المخجل أن تظل مصر كل هذه المدة بدون مجالس محلية خلاصة القول “إصلاح المحليات هو البداية الحقيقية للتنمية”.

