مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

نداء غابة المعمورة تتراجع بسبب البناء وزحف الحجر على الطبيعة: المحافظة على الإرث الغابوي بالقنيطرة

المغرب – بدر شاشا :

 

تُعد غابة المعمورة بالقنيطرة واحدة من أبرز الثروات الطبيعية في المغرب، فهي ليست مجرد مساحة خضراء فحسب، بل تمثل إرثًا بيئيًا وثقافيًا هامًا يعود تاريخه إلى قرون مضت. تشتهر الغابة بتنوعها البيولوجي الغني، حيث تضم أشجارًا معمرة من الصنوبر والسنديان والبلوط، إلى جانب مجموعة من النباتات الطبية والعطرية التي تشكل جزءًا من التراث الطبيعي للمنطقة. إضافة إلى ذلك، تعد الغابة موطنًا لمجموعة متنوعة من الطيور والحيوانات الصغيرة، مما يجعلها نظامًا بيئيًا متكاملًا يحتاج إلى حماية ورعاية مستمرة.

 

ومع ذلك، فإن هذا الإرث الغابوي يتعرض اليوم لضغوط كبيرة نتيجة تزايد البناء العشوائي وزحف المشاريع العمرانية على مساحات الغابة الطبيعية. فقد أصبح التطوير العمراني في القنيطرة يهدد مباشرة استدامة الغابة ويؤثر على توازن البيئة. الطرق الجديدة، والمجمعات السكنية، والمرافق التجارية التي تتوسع تدريجيًا على حساب الغابة، جميعها عوامل تسهم في تقليص المساحات الخضراء وتهدد التنوع البيولوجي. هذا الزحف العمراني لا يؤدي فقط إلى فقدان الأشجار والنباتات، بل يتسبب أيضًا في تآكل التربة وزيادة مخاطر الفيضانات، بالإضافة إلى فقدان المواطن الطبيعية للطيور والحيوانات الصغيرة التي تعتمد على الغابة كمأوى لها.

 

قد يهمك ايضاً:

تجدر الإشارة إلى أن غابة المعمورة ليست مجرد غابة عادية، بل تحمل رمزية ثقافية وسياحية كبيرة. فهي مقصد للزوار من مختلف مناطق المغرب الذين يقصدونها للتنزه، وللتمتع بالهواء النقي، وللاطلاع على جمال الطبيعة الخلابة. هذا الجانب السياحي يجعل الحفاظ عليها ضرورة ملحة، ليس فقط من منطلق البيئة، بل أيضًا من منظور التنمية المستدامة التي تربط بين الطبيعة والسياحة كوسيلة لدعم الاقتصاد المحلي دون الإضرار بالموارد الطبيعية.

 

لحماية هذا الإرث الغابوي، من الضروري اتخاذ خطوات فورية وممنهجة للحد من البناء العشوائي وضمان استدامة الغابة. يمكن أن تشمل هذه الإجراءات وضع خطط تنموية متوازنة تحمي المساحات الطبيعية، وفرض قوانين صارمة على التجاوزات العمرانية، وتشجيع المبادرات المجتمعية للتشجير والحفاظ على البيئة. كما يمكن تعزيز الوعي البيئي لدى السكان المحليين والزوار حول أهمية الغابة ودورها الحيوي في الحفاظ على المناخ المحلي والهواء النقي، بالإضافة إلى مساهمتها في التخفيف من آثار التغيرات المناخية.

 

إن غابة المعمورة تمثل رسالة واضحة حول ضرورة التوازن بين التطور العمراني والحفاظ على البيئة، فهي تذكرنا أن الإنسان ليس منفصلًا عن الطبيعة بل جزء منها. الحفاظ على الغابة لا يعني مجرد حماية الأشجار والحيوانات، بل يعني أيضًا حماية هوية القنيطرة الثقافية والطبيعية وضمان مستقبل صحي ومستدام للأجيال القادمة. لقد حان الوقت لتحويل هذا النداء إلى فعل حقيقي من خلال تشجيع السياسات البيئية المستدامة، ودعم الأبحاث البيئية، وتفعيل برامج التعليم البيئي التي تزرع في النفوس احترام الطبيعة وحمايتها.

 

 تظل غابة المعمورة رمزًا للجمال الطبيعي والاستقرار البيئي في القنيطرة. ومن خلال التعاون بين السلطات المحلية، والمجتمع المدني، والمواطنين، يمكن الحفاظ على هذا الإرث الغابوي من الانقراض، وضمان أن تبقى هذه المساحات الخضراء ملاذًا للطبيعة ومصدرًا للراحة النفسية والبيئية لجميع سكان المنطقة والزوار على حد سواء. إن حماية غابة المعمورة ليست خيارًا، بل واجب وطني وأخلاقي للحفاظ على البيئة وصون الإرث الطبيعي والثقا في للمغرب.