كشف الباحثون عن مركب منجنيزي جديد قد يحدث ثورة في التفاعلات الكيميائية المعتمدة على الضوء، فهو يمتص الضوء بكفاءة عالية للغاية ويمتلك عمرا فريدا وطويلا للحالة المثارة، كما أنه أسهل بكثير في التخليق مقارنة بالأنظمة السابقة المعتمدة على المنجنيز.
أكد الفريق العلمي أنه قادر بالفعل على نقل الإلكترونات كما هو مقصود، هذا الإنجاز يمكن أن يمهد لتطبيقات فوتوكيميائية واسعة النطاق تعتمد على الضوء بطريقة أكثر استدامة وأقل تكلفة.
في معظم العمليات الكيميائية تستخدم الحرارة لدفع التفاعلات إلى الأمام، لكن الضوء أصبح في السنوات الأخيرة بديلا مهما إذ يتيح التحكم الدقيق جدا في التفاعلات فيما يعرف بالكيمياء الضوئية؛ وحتى اليوم تعتمد معظم هذه العمليات على معادن مثل الروثينيوم والأوزميوم والإيريديوم وهي عناصر نادرة ومكلفة، كما أن استخراجها يسبب أضرارا بيئية.
طور باحثون من جامعة يوهانس جوتنبرج في ماينز مركبا معدنيا جديدا يعتمد على المنجنيز، وهو عنصر وفير ورخيص؛ تقول البروفيسورة كاتيا هاينزه من قسم الكيمياء في الجامعة إن هذا المركب يضع معيارا جديدا في الكيمياء الضوئية، لأنه يجمع بين عمر قياسي للحالة المثارة وسهولة كبيرة في التحضير، مما يجعله بديلا قويا ومستداما للمعادن الثمينة التي سيطرت طويلا على التفاعلات المعتمدة على الضوء.
كان من الصعب استخدام المنجنيز في الأنظمة الفوتوكيميائية رغم أنه أكثر وفرة من الروثينيوم بأكثر من 100,000 مرة، إذ كانت معظم مركباته تحتاج إلى عمليات تركيب طويلة ومعقدة تمتد إلى تسع أو عشر خطوات، بالإضافة إلى أن عمرها في الحالة المثارة كان قصيرا جدا؛ إلا أن المركب الجديد تجاوز هاتين العقبتين، حيث تمكن الفريق من تحضيره بخطوة واحدة فقط باستخدام مواد متوفرة تجاريا.
ولضبط خصائص المركب جمع الباحثون المنجنيز مع ليجاند يتحكم في صفاته الإلكترونية. وتشير الباحثة ساندرا كروننبرجر إلى أن خلط ملح منجنيزي عديم اللون مع ليجاند عديم اللون أنتج محلولا بنفسجيا كثيفا يشبه الحبر، وهو مؤشر على تكوين مركب غير اعتيادي.
وأوضح الدكتور كريستوف فورستر أن هذا المركب لا يملك لونا مميزا فحسب بل لديه قدرة قوية جدا على امتصاص الضوء مما يمنحه كفاءة عالية في استغلال طاقة الضوء.
يعد عمر الحالة المثارة للمركب وهو 190 نانوثانية إنجازا لافتا، فهو أطول بـ 100 مرة تقريبا من أي مركبات أخرى تحتوي على معادن شائعة مثل الحديد أو المنجنيز؛ وفي الكيمياء الضوئية يحتاج العامل المحفز بعد إثارة الضوء إلى وقت كاف للالتقاء بجزيء آخر ونقل الإلكترون إليه، ولذلك فإن العمر الطويل للحالة المثارة يشكل ميزة أساسية.
كما أكد الباحثون نجاح المركب في تنفيذ خطوة نقل الإلكترون، حيث تمكنوا من رصد المنتج الأولي الناتج عن التفاعل الفوتوكيميائي، مما أثبت أن المركب يعمل كما هو متوقع.
وتقول البروفيسورة هاينزه إن هذا التطور يفتح آفاقا جديدة للأنظمة الفوتوكيميائية المستدامة، خصوصا أن المركب الجديد يتميز بسهولة تصنيعه على نطاق واسع وبثباته وبخصائصه الضوئية القوية، مما يجعله مرشحا مهما لتطبيقات مستقبلية كبيرة بما في ذلك التقنيات المرتبطة بإنتاج الهيدروجين المستدام.
