مصر البلد الاخبارية
جريدة - راديو - تليفزيون

سلسلة بيوت على نور( 12):

دوائر المعروف

 

بقلم د إبتسام عمر عبد الرازق

في صخب الحياة اليومية، قد نغفل أن أعظم الأعمال تبدأ من البيت. فالأسرة ليست مجرد مأوى، بل هي المدرسة الأولى لبناء الإنسان وصقل أخلاقه، والنقطة التي تبدأ منها دوائر الخير والبر, قال الله تعالى: «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”(النساء: 36) فالإحسان داخل الأسرة هو أساس كل معروف يخرج منها إلى المجتمع.

البيت.. النواة الأولى للمعروف في كل كلمة طيبة، ابتسامة، لحظة اهتمام متبادلة، تبدأ دوائر المعروف. عندما يرى الأبناء والآباء الأمثلة العملية للرحمة والتعاون، تتحول القيم من شعارات نظرية إلى سلوك متأصل في النفس,عن النبي ﷺ: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس(رواه الطبران) فابدأ نفعك وأثر معروفك داخل البيت أولًا، ليكبر أثره لاحقًا, الأسرة التي تُعلِّم الاحترام المتبادل، الصبر، ومساعدة بعضهم البعض، لا تُنشئ فقط أفرادًا مهذبين، بل أفرادًا قادرين على مواجهة التحديات الاجتماعية والروحية بثقة وإيمان.

دوائر المعروف لا تتوقف عند حدود الأسرة، بل تمتد إلى الأقارب والجيران:

• زيارة مسن أو أرملة،

• الاطمئنان على قريب بعيد،

• تقديم الدعم المادي والمعنوي لمن يحتاج.

قال الله تعالى: «فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ» (الأنفال: 28) فالبر بالآخرين ونشر المعروف هو استثمار حقيقي للأجر العظيم.

«من لا يعرف معروفًا صغيرًا، لا يعرف معروفًا كبيرًا.»

فالاهتمام بالتفاصيل الصغيرة يزرع دوائر الخير الكبيرة.

دوائر المعروف ليست مجرد أعمال خارجية، بل أداة تربوية تحمي الإنسان من الفكر السلبي أو التطرّف اللاديني:

• الفرد الذي يعتاد على فعل الخير منذ الصغر، يصبح أكثر قدرة على مواجهة الفكر السلبي بالوعي واليقين.

قد يهمك ايضاً:

“عضو البرلمان بين الوعي القانوني والمسؤولية…

أحمد سلام يكتب”دولة التلاوة” روعة الأثر 

• الأسرة التي تنمي الانتماء لله، وتغرس الفضائل الإيمانية، تبني جيلًا متوازنًا نفسيًا وفكريًا، قادرًا على اتخاذ قرارات صحيحة في الحياة.

عن النبي ﷺ: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» (البخاري ومسلم)

هذه قاعدة لتربية الإنسان على الرحمة والمودة، وتحويل القيم إلى ممارسة يومية.

• كلمة طيبة صباحًا ومساءً،

• خدمة صغيرة داخل البيت،

• مبادرة دعم للجيران والمجتمع،

• تربية الأبناء على العطاء والمبادرة.

قال الإمام الشافعي: «ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس.”

فدوائر المعروف تصنع غنى الروح قبل أي شيء آخر.

كل هذه الأعمال تضيف حلقة جديدة في دوائر المعروف، وتخلق مجتمعًا ينمو فيه الخير مثل شجرة متينة الجذور، ممتدة الفروع.

ابدأ معروفك من بيتك، فكل كلمة، كل ابتسامة، وكل خدمة صغيرة هي بذرة خير تتسع لتشمل الجميع.

دوائر المعروف لا تبني أسرة فحسب، بل مجتمعًا كاملًا على نور القيم والرحمة.

قال الله تعالى: «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا” (البقرة: 83)

بيوت على نور: حيث يبدأ الخير من البيت، وينتشر إلى كل من حولنا، ليصبح أسلوب حياة ينبض بالإيمان والأخلاق.