تكشف أبحاث جديدة أن تفعيل نظام التنظيف الداخلي في الخلية قد يكون سرا لإبطاء الشيخوخة أو حتى عكسها، يعتمد هذا النظام على الليسوزومات، وهي وحدات إعادة التدوير الطبيعية في الخلايا، وجد العلماء أن هذه الوحدات تلعب دورا حاسما في إزالة البروتين المسؤول عن الشيخوخة المبكرة، وعندما يتعطل هذا النظام، تتسارع الشيخوخة بشكل ملحوظ، لكن عند إعادة تنشيطه استعادت الخلايا سلوكا أكثر شبابا، ما يفتح الباب أمام إمكانيات علاجية واعدة لمكافحة الشيخوخة.
متلازمة هاتشينسون–جيلفورد بروجيريا هي اضطراب جيني نادر يؤدي إلى ظهور علامات الشيخوخة المبكرة لدى الأطفال؛ يعاني المصابون من تجعد الجلد وفقدان مرونته ونقص الدهون في الجسم وتساقط الشعر وتصلب الشرايين ومقاومة الأنسولين.
أظهرت الدراسات أن نحو 90% من الحالات تنتج عن بروتين شاذ يعرف باسم بروجيرين. لهذا البروتين تأثير معطل داخل الخلايا، إذ يتداخل مع وظيفتها الطبيعية ويتسبب في مشكلات عديدة، من بينها تغير شكل الغلاف النووي وزيادة تلف الحمض النووي وتقصير التيلوميرات وتوقف دورة الخلية وضعف القدرة على الانقسام.
ومن الملفت أن كميات صغيرة من هذا البروتين تظهر أيضا في الشيخوخة الطبيعية وبعض أمراض الكلى المزمنة، ما يجعل علاجات إزالة بروجيرين واعدة ليس فقط للبروجيريا بل لحالات شيخوخة أخرى.
يقود فريق بحثي من جامعتي بكين وكونمينج برئاسة البروفيسور تشوانماو تشانج، جهودا لدراسة الآليات البيولوجية وراء الشيخوخة والبروجيريا؛ وفي دراسة حديثة اكتشف الفريق أن الليسوزومات تلعب دورا مركزيا في التخلص من بروجيرين.
أكدت النتائج أن خلل الليسوزومات يؤدي إلى تراكم بروجيرين في خلايا المرضى، وأن تحفيز نشاط هذه الأجسام قادر على استعادة وظيفة التنظيف الخلوية، مما يقلل علامات الشيخوخة على مستوى الخلية؛ ويشير هذا إلى أن الليسوزومات قد تمثل هدفا علاجيا جديدا لعلاج البروجيريا وأمراض أخرى مرتبطة بالتقدم في العمر.
استخدم الباحثون تقنيات متنوعة مثل التصوير المناعي الفلوري والملاحظة الحية للخلايا والتحليل الكيميائي الحيوي لتتبع كيفية تراكم بروجيرين داخل الخلايا، لوحظ أن البروتين يظهر أولا قرب الغلاف النووي، ثم ينتقل إلى السيتوبلازم عبر عملية تسمى تبرعم الغلاف النووي.
في الظروف الطبيعية يجب أن يقوم نظام الالتهام الذاتي والأجسام الحالة بتفكيك هذا البروتين والتخلص منه؛ لكن في حالة الإصابة ببروجيريا يفشل هذا النظام في أداء وظيفته، مما يؤدي إلى تراكم البروتين بكميات ضارة.
وللتعرف على سبب ذلك أجرى الفريق تحليلا للجينات باستخدام تقنية تسلسل الحمض النووي الريبي على خلايا مأخوذة من طفلين مصابين بالبروجيريا.
أظهرت البيانات انخفاضا ملحوظا في نشاط الجينات المسؤولة عن وظائف الليسوزومات؛ وتم تأكيد هذه النتيجة باستخدام اختبارات تكميلية مثل RT-qPCR والفحوص الفلورية والاختبارات الحيوية، والتي بينت أن الأجسام الحالة تعاني من خلل وظيفي واضح.
