أكد السفير الدكتور محمد حجازي، سفير مصر الأسبق لدى ألمانيا ومساعد وزير الخارجية الأسبق، أن انعقاد القمة المصرية الأوروبية الأولى في بروكسل بمشاركة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي يمثل تحولا نوعيا واستراتيجيا في مسار العلاقات المصرية-الأوروبية، ويعكس إدراكا متبادلا لأهمية تطوير هذه الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين بما يرقى إلى مستوى التحديات والمتغيرات الإقليمية والدولية الراهنة.
وقال السفير حجازي إن القمة تعقد في إطار اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تم توقيعها في مارس 2024 بين مصر والاتحاد الأوروبي، بحضور قيادات ومؤسسات الاتحاد، وفي مقدمتهم رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، وهو ما يعكس المكانة التي باتت تحظى بها مصر كـشريك موثوق به على الساحة الدولية.
وأوضح أن انعقاد القمة المصرية الأوروبية يؤكد التزام الطرفين بتفعيل مسارات التعاون السياسي والاقتصادي والأمني، مذكرا بأن اتفاقية الشراكة تشمل 6 محاور رئيسية للتعاون هي: العلاقات السياسية والدبلوماسية، تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، دعم التجارة والاستثمار، التعاون في مجالات الطاقة والمياه وتغير المناخ، الأمن ومكافحة الهجرة غير الشرعية، تنمية رأس المال البشري والتعليم والبحث العلمي.
وأشار السفير حجازي إلى أن حزمة الدعم المالي الأوروبية لمصر تعكس إدراك الاتحاد الأوروبي لأهمية دور القاهرة في تحقيق الاستقرار الإقليمي، وحرصه على تعزيز شراكته الاقتصادية مع مصر في مجالات: الطاقة النظيفة، الهيدروجين الأخضر، الأمن الغذائي، الأمن المائي، التحول الرقمي، والاستثمار والتنمية الصناعية.
ولفت إلى أن أوروبا تنظر إلى مصر باعتبارها ركيزة أساسية للاستقرار في الشرق الأوسط وشريكا محوريا في تسوية الأزمات الإقليمية، وهو ما أثبتته القاهرة من خلال دورها المتوازن في قضايا المنطقة ونجاحها في إدارة ملفات الوساطة وتهدئة النزاعات وآخرها في قمة شرم الشيخ للسلام، منوها إلى أن الدعم الأوروبي لموقف مصر من قضية نهر النيل والذي تم التأكيد عليه في إعلان مشترك للمياه خلال قمة المناخ COP28 في دبي، يعكس تفاهما أوروبيا متقدما تجاه الأمن المائي المصري باعتباره قضية وجودية.
وشدد السفير حجازي على أن قضية الهجرة غير الشرعية تحظى بأولوية على أجندة التعاون المصري الأوروبي، موضحا أن مصر تتبنى في هذا الملف نهجا متوازنا يقوم على المعالجة التنموية ومكافحة الأسباب الجذرية للهجرة عبر دعم التعليم والتشغيل والاستثمار في دول المصدر بدلا من الاكتفاء بالحلول الأمنية التقليدية.
واختتم السفير محمد حجازي تصريحه قائلا إن القمة المصرية الأوروبية في بروكسل ليست مجرد اجتماع سياسي رفيع المستوى، بل هي انطلاقة جديدة لشراكة استراتيجية عميقة ومستدامة بين مصر والاتحاد الأوروبي، إذ تعكس ثقة أوروبا في الدور المصري ومسارها التنموي وتفتح آفاقا واعدة للتعاون في الاستثمار والطاقة والأمن الإقليمي، بما يخدم الاستقرار والتنمية في ضفتي المتوسط والعالم العربي وإفريقيا.