بقلم: د. صبحي الشافعي
قرأت مؤخرا حوارا بين رجلين زلزلت الأرض من تحت قدمي واقشعر البدن وذلك من خلال ما تضمنه ذلك الحوار وهذين الرجلين يعيشون في المجتمع الأوروبي وتحديدا في لندن بلد النور والثقافة حيث اجتمعوا ذات مرة في لقاء على حفل عشاء في أحد المطاعم العربية وكان ذلك في صيف 2007 حيث جلسوا في المطعم وجاء النادل لأخذ الطلبات استأذن أحد الصديقين وكان يعمل دكتورا في أحد المعاهد العلمية وذهب
فترة ثم عاد فسأله صديقة بعدما التحق بهم اخرين لقد تأخرت كثيرا فاين كنت؟ فأجابه الدكتور كنت اصلى فرد علية صديقة وقال له هل ما زلت تُصلي؟ يا أخي أنت قديم!
فرد علية الدكتور مبتسما انا قديم لماذا هل تعتقد فقط ان الله موجود فقط في الدول العربية؟ ألا يوجد الله في لندن؟
فرد علية صديقة وقال له اريد ان أوجه اليك بعض الأسئلة ولكن ارجو ان تتحملني ولا يضيق صدرك فرد عليه الدكتور وقال له بكل سرور ولكن لدي شرط واحد فقط وهو بعد أن تنتهي من أسئلتك عليك أن تعترف بالنصر أو الهزيمة
فوافق صديقة ثم سأله منذ متى وأنتَ تصلي؟
فقال الدكتور تعلمتها منذ أن كنت في السابعة من عمري وأتقنتها وأنا في التاسعة من عمري ولم أفارقها قط ولن أفارقها إن شاء الله تعالى.
فقال له صديقة تمام وماذا لو أنك بعد الوفاة اكتشفت بأنه لا توجد جنة ولا يوجد نار ولا عقاب ولا ثواب فماذا ستفعل؟
فرد علية الدكتور وقال سأتحملك وأكمل معك حسب فرضيتك ولنفرض لا توجد جنة ولا توجد نار ولا يوجد ثواب ولا عقاب لن أفعل أي شيء لأنني أصلاً كما قال علي بن أبي طالب “إلهي ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنتك ولكن عبدتك لأنك أهلٌ للعبادة”.
فقال له صديقه وصلاتك التي واظبت عليها لعشرات السنين وستجد أن من صلى ومن لم يصلِى سواء.
فرد علية الدكتور بصدر رحب وقال لن أندم عليها لأنها لم تأخذ مني سوى دقائق في اليوم وسأعتبرها رياضة جسدية
فقال له صديقة وصومك لا سيما أنت في لندن والصوم هنا يصل إلى أكثر من 18 ساعة في اليوم كحد أقصى؟
فرد علية الدكتور سأعتبر صومي رياضة روحية فهي بمثابة ترويض لنفسي وروحي من الطراز الرفيع وكذلك الصوم فيه منفعة صحية كبيرة أفادتني في حياتي وتوجد تقارير دولية من جهات ليست إسلامية أصلاً أكدت أن الامتناع عن الطعام لفترة فيه منفعة كبيرة للجسد.
فقال له صديقة هل تناولت الخمر واستمتعت بطعمة؟
فرد علية الدكتور مستغربا ابدا!
فقال صديقه وماذا تقول عن حرمانك لنفسك في هذه الحياة من لذة الخمر ومتعته ومتعة جلوسه بعد أن تكتشف صدق فرضيتي؟
فرد علية الدكتور أكون قد منعت وحصنت نفسي من ضرر الخمر الذي هو أكثر من نفعه. فكم من مريض بسبب الخمور وكم من مدمر لبيته وعياله من آثار الخمور. وأنظر أيضاً الى التقارير الدولية من جهات غير إسلامية تحذر من آثار الخمور وآثار الإدمان عليها.
فقال له صديقة والذهاب للحج والعمرة بعد أن تكتشف بعد الوفاة لا يوجد شيء من هذا وأن الله غير موجود أصلاً.
فقال له الدكتور سأسير حسب فرضيتك سأعتبر الذهاب إلى الحج والعمرة سفرة جميلة شعرت فيها بمتعة راقية ساهمت في غسل وتنقية الروح كما تساهم سفريات أنت قمت بها من أجل قضاء وقت جميل لطرد ضغوط العمل وقتل الروتين وساهمت في إنعاش الروح.
هنا ظل صديق الدكتور ينظر الية طويلا دون كلام ثم قال شكراً لأنك تحملتني برحابة صدر. أسئلتي انتهت. وأعترف لكَ بالهزيمة لقد هزمتني اشد هزيمة .
فقال له الدكتور ربما تعتقد إنني سعيد لسماع كلامك ولكنني حزين لسماع هذه الأسئلة اتسمح لى ان أتوجه لكم بسؤال واحد
فقال له صديقة نعم سل ما شئت فقال الدكتور بيّنت لك بأنني لن أخسر شيئاً في حال حصلت فرضيتك أنت. ولكن سؤالي الوحيد والبسيط. ماذا لو عكسنا فرضيتك وأنك بعد الوفاة اكتشفت بأن الله تعالى فعلاً موجود وأن جميع المشاهد التي وصفها الله تعالى في القرآن موجودة حقاً. ماذا أنتَ فاعلٌ حينها؟
ظل الصديق ينظر إلى عين الدكتور ولم يحرك شفتيه وأطال النظر إليّه صامتاً. وقاطعهما النادل الذي أوصل الطعام الى مائدة الطعام وحينها قال الدكتور حضر الطعام. لنأكل وعندما تكون إجابتك جاهزة من فضلك أخبرني بها.
تم الانتهاء من الطعام ولم يجيب الصديق وقاموا بمغادرة المكان وبعد شهر تقريبا اتصل الصديق بصاحبة الدكتور وطلب مقابلته في ذات المطعم وحينما تم اللقاء تصافحا وارتمى الصديق في أحضان صديقة الدكتور وظل يبكي والدموع تنهمر من عينية وقال انى طلبت لقاءك لأشكرك واجيب عن سؤالك لقد رجعت إلى الصلاة بعد أن قطعتها لأكثر من عشرين عاماً كانت أجراس كلماتك ترن في ذهني ولم تتوقف. لم أذق طعم النوم. لقد أثرت بركاناً في روحي وفي نفسي وفي جسدي. وصدقني. شعرت بأنني إنسان آخر وأن روحاً جديدةً بدأت تسير في هذا الجسد مع راحة ضمير لا مثيل لها فرد علية الدكتور وقال ربما تلك الأجراس أيقظت بصيرتك بعد أن خذلك بصرك.
فرد علية صديقة بالفعل هو ذاك تماماً أيقظت بصيرتي بعد أن خذلني بصري. شكراً لك من القلب أخي الحبيب.
فما أحلي شعور العودة الى الله لان الرجوع الى الله هو الطرق الصحيح